[email protected] استجابة لنداءات أهل المسرح والعاملين على رفعة شأنه قررت وزارة الثقافة تحقيقاً لشعارها القائل بأن الثقافة تقود الحياة، إقامة مهرجان أيام الخرطوم المسرحية الذي ستبدأ فعالياته الإعدادية بالندوات الفكرية بالتعاون مع إتحاد المهن الدرامية منذ الثلاثين في هذا الشهر وتستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر المقبل حيث سيتضمن المهرجان تتنافساً في كتابة النص المسرحي تداعى له الكثير من الكتاب والمؤلفين بما في ذلك الذين انقطعوا عن المسرح لسنوات إذ دفعوا بعشرات النصوص المسرحية التي وجدت طريقها للجان التحكيم والتقييم00 هذا إلى جانب سلسلة عروض مسرحية يومية تتواصل لمدة عشرة أيام يشاهد خلالها الجمهور أعمالاً منتقاة من بين العديد من المسرحيات الجديدة المدعومة تمويلياً والتي ستعرض بعد المهرجان لموسم كامل فضلاً عن إضافة المسرحيات الفائزة بعد إخراجها لاحقاً لينال المسرح حظه من الاهتمام بعد بيات شتوي طال أمده0 وكعادة مسرح البقعة سيرفد الساحة أيضاً خلال مهرجانه في مارس المقبل بمسرحيات جديدة نأمل أن لا تنتهي عروضها بانتهاء المهرجان0 وبالنظر لمسيرة الحركة المسرحية نجد قبل سنوات أن التأليف كان هو العقبة التي يتعثر عندها الحراك المسرحي لأسباب تتعلق بالتبني وحرية التعبير اللازمة للنصوص إذ لا يعقل أن تبذل جهداً في التأليف ينتهي به المطاف إلى الأضابير0 وقد تجد كما هائلاً من المخرجين والمخرجات والممثلين والممثلات الذين أفرزتهم كلية الدراما ومن قبلها المعهد، عاطلين وعاجزين عن تقديم الجديد من الأعمال لقلة النصوص المجازة وضعف العون وفتور الحماس حيث أن إنتاج العمل المسرحي الواحد يتطلب دعماً قد لا يتوفر لإدارة المسرح مما دفع البعض لخوض مغامرة الإنتاج الخاص بالتمويل الذاتي الذي قد لا يتوفر للكثيرين0 لكن يبدو أن هذه العقبات إذا وجدت الدعم والمعالجة الثابتة سوف يتخطاها الكثير من الكتاب والمخرجين حتى تنتظم المواسم المسرحية بلا انقطاع0 ففي سنوات الركود لم تكن ميزانية المسرح القومي قادرة على تبني أكثر من عمل أو عملين ولذا من الضروري تغذيتها بعدالة لضمان الاستمرارية بعيداً عن المزاجية0 وأذكر عند بداية النشاط المسرحي المنتظم أواخر الستينات وأوائل السبعينات كانت يد العون ممدودة إلى درجة أن الممثلين يتلقون عائداً نظير البروفات الإعدادية ناهيك عن الحقوق المبنية على مستوى ودرجات الممثلين ولكن رويداً رويداً بدأ العد التنازلي المغلف بالتجاهل والتعقيد إلى أن جاء زمن صار فيه المسرح طارداً وضنيناً حتى بصالته لمن يرغبون في خوض التجارب التي سميت آنذاك بالمسرح التجاري باعتبار أن الذين سلكوا هذا الطريق، نظر لهم البعض ظلماً بعين ناقدة صنفتهم كساعين للكسب المادي قبل الارتقاء بالفن0 ولولا صمود البعض وتكوينهم للفرق والجماعات المنتجة ومواصلتهم المتجددة لإثبات الذات لتوقف العطاء المسرحي بانتظار ليلة قدر التبني بواسطة المسرح القومي والتي لو انتظرها المسرحيون لحرمونا من الأعمال التي فرضت نفسها ورسّخت أقدام المسرح بجهودهم0 ولعلها سانحة لنحيى ذكرى جميع الذين وضعوا طوبه في مدماك البناء المسرحي دون ذكر الأسماء حيث لا يتسع المجال للجميع، غير أن أقل ما يقدم للرواد كوسام تقديري، إقامة معرض ضمن المهرجان يسلط الضوء على إبداعاتهم على أمل أن يتبنى المسرح القومي فيما بعد إعادة بعض الأعمال القديمة بعناصر جديدة ورؤى إخراجية حديثة تحقيقاً لترابط الأجيال وتواصل العطاء0