بالمنطق كلب آل بابكر عيد ..!! صلاح الدين عووضه [email protected] هو كلب بخلاف كلب أل باسكر فيلد في الرواية العالمية الشهيرة.. بل هو على العكس منه تماماً.. فرغم التشابه السجعي العجيب بين اسمي صاحبي الكلبين الا أن الذي بين الحيوانين مختلف جداً.. فأحدهما (شرس)، والآخر( شره).. فكلب آل بابكر عيد يأكل كما يقول المثل (أكل السوسة والعافية مدسوسة ).. أو بالأحرى عافيته لا تتجلى الا في الداخل.. فهو حين ينهزم كعادته خارجياً يهرع نحو البيت لينتقم مما بداخله من حيوانات مسكينة.. ينتقم من الدجاج، ومن القط، ومن الحمار، ومن الغنم.. وصار كلب آل بابكر عيد مضرب مثل في بلدتنا بأقصى الشمال في (التهويش( .. فهو ما أن يحاول أن يستأسد على هدف خارجي الا وينتقل الاستئساد نحو الداخل سريعاً ليبق بالخارج صدى الاستنعام وحسب .. وكلما كان الصدى هذا ضاجاً بما في الخارج من ضحك وصخب وصياح كان الانتقام بالداخل عنيفاً تجاه دواجن وحيوانات آل بابكر عيد.. وفي لحظة غضب أعقبت واحدة من نوبات الاستئساد (الداخلي) المزعجة طلبت زوج بابكر من أبنائها التخلص من الكلب (العِرَّة) عبر أية وسيلة يرونها مناسبة.. قالت انه كلب لايصلح لما تصلح له الكلاب رغم أنه (يطفح) في اليوم ما ( تطفحه) كلاب الحّي كافة في اسبوع.. وأوشك الأولاد على تحقيق أمنية والدتهم لولا أن أباهم تدخل في اللحظات الأخيرة داعياً الى منح الكلب فرصة لتصحيح (الاوضاع).. قال أنه يتفق مع (الحاجة) في أن الكلب (يشتغل) بشكل (عكسي) ولكن ربما تكون هذه (الشقلبة) تمريناً له على مواجهة (الأهداف) الخارجية.. وصبر آل بابكر عيد على الكلب.. صبروا عليه شهراً، وشهرين، وثلاثة.. وخلال شهور الصبر هذه اجتهد بابكر عيد في أن يُعلِّم كلبه ما يجب أن تفعله الكلاب.. اجتهد في أن يجعل منه (كلباً).. ثم فترت عزيمة بابكر.. وفرحت (الحاجة) حين أسّر اليها زوجها ذات ليلة أن الكلب موعده الصبح.. وفي الليلة تلك تجاوز الاستئساد الداخلي للكلب كل الحدود.. فقد تلقى هزيمة نكراء بالخارج.. هزيمة أوقعها به جرو صغير لا يتعدى عمره عمر صبر آل بابكر عيد على كلبهم.. أي العمر (الاضافي) الذي قرروا منح كلبهم اياه أملاً في أن تستقيم أموره.. فقد أحدث الكلب في الليلة تلك صخباً لم يعهد فيه من قبل وكأنما أراد أن يطبّق حرفياً مقولة (سهر الدجاج ولا نومه).. ولكن لم يكن الدجاج وحده هو الذي سهر.. فالحمار والقط والأغنام والنعاج لم يطرف لأي من الحيوانات هذه جفن في الليلة تلك .. وكذلك أفراد أسرة بابكر عيد.. ثم حدث فجأة شئ عجيب.. حدثت جلبة مخيفة ارتجت لها جنبات المنزل ثم هدأ كل شئ بعد حين.. أطبق سكون رهيب على الأرجاء.. سكون لم يشرخه الا صوت المؤذن وهو (ينبه) لصلاة الفجر.. وقام حاج بابكر للوضوء متثاقلاً من أعياء السهر وهو يدمدم (يا كلب؛ أليس الصبح بقريب؟!).. وفوجئ حين خرج من الغرفة بأن باحة المنزل قد أصبح عاليها سافلها.. أما الكلب فقد كان مسجى في منتصف الباحة وما في جسده شبر الا وفيه نقرة ديك.. أو رفسة حمار.. أو (خربشة) قط .. أو نطحة خروف.