حديث المدينة (شهراً .. ما ليك فيهو نفقة)..!! عثمان ميرغني أنصحك.. عزيزي القارئ.. أن تنتظر التشكيل الوزاري.. على أحرّ من الجمر.. في حالة واحدة فقط.. إذا كنت أنت مرشحاً لوزارة.. أو ابنك أو زوجتك.. فقط.. سوى ذلك، يجب أن تتمثل بالمثل الشعبي السوداني العريق (شهراً ما ليك فيهو نفقة.. ما تعدّ أيامو).. ف(تشكيلاً ما ليك فيهو مقعد.. ما تترقبو).. والله العظيم.. أنا محتار في هذا (الانتظار).. ما الذي ينتظره الشعب؟ وتكاد الصحافة تقطع أنفاسها بحثاً عنه.. في التشكيل الوزاري.. هو مجرد (كشف تنقلات).. لا يعني إلا الأسماء التي تظهر فيه.. صدقوني.. مؤتمر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المنعقد هذه الأيام.. أهم ألف مرة من التعديل الوزاري.. على الأقل مؤتمر التكنولوجيا يخاطب مستقبلك.. بينما التعديل يخاطب مستقبل (الوزراء الجدد)..!! ما هي مهمة الوزير؟ يفترض أن الوزير هو مجرد الواجهة السيادية (وربما السياسية أيضاً) للوزارة.. وأن مفاتيح العمل الديواني في يد وكيل الوزارة والأطقم التنفيذية الأخرى.. ويفترض أيضاً.. أن الخطط الاستراتيجية للدولة هي التي تحكم عمل الوزارة.. وليس أولاد أو بنات أفكار الوزير.. وأن الوزير إذا حضر أو غاب فإن مصالح المواطن العادية والمستقبلية ليست في خطر.. والدليل على ذلك أن بعض الوزارات خلا فيها منصب الوزير منذ ستة أشهر.. ولا يزال المنصب خالياً.. ولم يفتقده الناس.. الذي يجب أن نقلق له هو المفاهيم والبرامج التي ستعمل بها الدولة.. وبصراحة حتى لحظة كتابة هذا العمود.. لا جديد.. مهما تغيرت الوجوه وتغيرت..!! الأفضل أن ندرك أن تركيزنا المفرط في أسماء الوزراء والتشكيل الوزاري يجعلنا جزءاً أصيلاً من لعبة السياسة.. فالحكومة وهي تعلم أن الشعب مفروم بالغلاء الخارق الحارق.. هي في حاجة ماسة لتسلية تريح أعصابه وتزيل عنه التوتّر.. وبكل أسف لعبة التشكيل استمرّت أكثر مما يجب.. منذ يوليو الماضي كان يفترض إعلان الحكومة الجديدة.. لكن لعبة التشكيل وجدت رواجاً شعبياً جعل الحكومة تتمادى في الاحتفاظ بالكرة في وسط الملعب. غداً يعلن التشكيل.. وبعد غد ستنزوي وتذوب دهشة الأسماء كما تذوب قطعة الآيسكريم في هجير الشمس.. ونسأل ثم ماذا بعد التشكيل.. ونكتشف أننا لم نقبض إلا أسماءً جديدة في نشرات الأخبار تتصدق علينا بالتصريحات المجانية.. بالله عليكم .. لماذا بدل انتظار التشكيل الوزاري.. أن ننتظر إجابة لسؤال مصيري.. متى يجد الشباب العمل.. في كل يوم تشرق الشمس يموت الأمل في قلب شاب وأسرة استثمرت فيه سنين ومالاً وفيراً.. متى تجد كل أسرة منزلاً كريماًً.. متى يصبح التعليم حقاً مجانياً.. ويصبح من مفاهيم الدولة الرشيدة أن التلميذ استثمار الدولة لا الأسرة.. فالطبيب لا يتخرّج ليعالج أسرته.. بل المجتمع.. والشاب الذي يتسرب من التعليم ويخرج إلى الشارع مكبلاً بأغلال الجهل يؤذي المجتمع.. وتفتقد جهوده الدولة قبل أسرته. ثم .. وهو الأهم.. ديمقراطية الدولة لا تتحقق إلا بديمقراطية الخدمة المدنية.. كيف تنتظرون التشكيل الوزاري وأنتم تعلمون أن العلّة في الخدمة المدنية نفسها.. مهما كان الوزير عبقرياً.. و(واقع من السماء سبع مرات).. التيار