بعد طول إنتظار وترقب وتكهنات وقراءات تم تشكيل الحكومة الجديدة والتي تبدو جديدة شكلا ويظل الجوهر كماهو إلا من تعديلات طفيفة ومفاجأت في حدودها الدنيا ومن الملاحظات التي تستحق التوقف عندها غياب بعض الوجوه التي لازمت وزارات الإنقاذ منذ يونيو 1989م مثل عبد الباسط سبدرات الذي تنقل في معظم الوزرات وبالمقابل إحتفظ عبد الرحيم محمد حسين وبكري حسن صالح بمواقعهما كما كان متوقعا ويعرف علي نطاق واسع أن الرئيس لايستغني عنهما في أحلك الظروف لحسابات وموازانات معلومة وأخري لازالت في طي الكتمان، وكان لافتا إسناد وزارة المالية لعلي محمود في إشارة لها مابعدها بأزمة دارفور في حين أن الأزمة إستفحلت وتجاوزت طور الترضيات السلطوية ،وتتألف الحكومة الجديدة من 35 وزيرا بدلا من 31 في الحكومة السابقة، إضافة إلى 42 وزير دولة وجاء في المرسوم الرئاسي أن ما كان يعرف بوزارة الطاقة والتعدين قد قسمت إلى ثلاث وزارات منفصلة إحداها للنفط وأخرى للمعادن بالإضافة إلى وزارة الكهرباء والسدود، وعكست هذه المحاصصة الوزارية الصراع القديم المتجدد حول النفط ودوره في صراع الوحدة والإنفصال، المؤتمر الوطني يعتقد أن التنازل عن وزارة الطاقة للحركة يأتي ضمن الخطوات الداعمة للوحدة في حين تعتقد الحركة الشعبية أنها خطوة عديمة الجدوي ولن تحدث أي أثر إيجابي في ملف الوحدة والإنفصال ،ومن المتوقع أن تكون الحكومة الحالية آخر حكومة للسودان الموحد، قبل الاستفتاء المنتظر في يناير/كانون الثاني 2011 الذي قد يؤدي إلى انفصال جنوب البلاد ممايعني أنها ستكون مجابهة بتحديات كبيرة جدا تحتم عليها بذل جهود إضافية للحفاظ علي وحدة السودان في تنامي النزعات الإنفصالية شمالا وجنوبا بسبب السياسات التي إفتقدت الكياسة والرشد لحكومة مابعد نيفاشا حيث عبدت بقصد أو غير قصد الطريق أمام دعاة الإنفصال. ومن أبرز التغيرات التي طرأت على الحكومة الجديدة حصول حزب المؤتمر الوطني على وزارة الخارجية التي كانت من نصيب الحركة الشعبية في الحكومة السابقة الحركة الشعبية،. وسيتولي حقيبة الخارجية علي كرتي وزير الدولة بوزارة الخارجية في الحكومة السابقة المعروف بميوله الإسلامية المتشددة مما يعني إستمرار التوتر في العلاقة مع دول الغرب أو علي الأقل لايتوقع حدوث أي تحولات في ملف العلاقة مع الدول الكبري وعليه علي حزب المؤتمر الوطني تحمل تبعات ورهق معاداة الدول الكبري، وستضيف الحكومة الجديدة المترهلة أعباء جديدة علي الموازنة المنهكة أصلا وستلقي بظلال سالبة جدا علي المواطن العادي وزيادة عدد الوزرات تعني زيادة الصرف الحكومي وهو صرف غير مرشد وغير محكوم بضوابط واضحة وتلعب الموازنات والترضيات السياسية دورا كبيرا في تحديد عدد الوزراء،وستصبح المخصصات الرسمية المتزايدة في المركز والولايات خصما علي التنمية في ظل متاعب إقتصادية عديدة تحاصر الإقتصاد السوداني. وشهدت الحكومة دخول وجوه جديدة،مثل الدكتور لوكا بيونق وزيراً لمجلس الوزراء،ولوال اشويل دينق وزيراً للنفط وحاج ماجد سوار وزيراً للشباب والرياضة، ويحي عبد الله وزيرا للاتصالات والتقانة، بجانب محمد بشارة دوسة وزيراً للعدل. وبينما احتفظت اسماء بمقاعد في التشكيلة الجديدة ،غادرت وزيرة الصحة تابيتا بطرس،كما خرج عن التشكيلة وزير الطاقة والتعدين السابق الزبير احمد الحسن، ووزير التربية والعليم حامد محمد ابراهيم، ووزيرة الشؤون الاجتماعية سامية احمد محمد، ووزير التعاون الدولي الدكتور التيجاني فضيل،ووزير الخارجية دينق ألور. ووجهت قوي المعارضة إنتقادات عنيفة للتشكيلة الجديدة والتي لم تخرج علي حد وصفها من المألوف والمتوقع ويقول خاتم السر الناطق الرسمي بأسم الحزب الإتحادي الديموقراطي في بيان تلقت"الحقيقة" منه نسخة(التشكيل الوزاري لم يأت بجديد ولم يحمل فكرة التغيير وجاء خاليا من اى مضمون سياسى ولم نقرأ منه فكرة سياسية واحدة. وقال حاتم السر ان ما أعلنه البشير اليوم هو مجرد تغيير محدود في الوجوه وتبادل في المواقع،أهدر فرصة ذهبية للتغيير،وأضاع على البلاد فرصة أن تكون الوزارة قومية تشارك فيها كل القوى السياسية فى مرحلة تتطلب ذلك بشدة ,وتساءل ما الداع لانتخابات اذا كان الحال سيبقى على ما هو عليه؟. يرسم كمال بولاد القيادي صورة قاتمة لمستقبل الحكومة الجديدة،أعتقد ليس هناك جديد كل مايحدث عبارة عن تباد ل للإدوار بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للتمهيد للإنفصال والعضوية الكبيرة من الإستوزار هي تعبير عن خط لتضخيم ديوان الدولة علي حساب التنمية والتوقف عن العمل لحل الإشكالات المعقدة والمزمنة وخلاصة القول لست متفائلا في أن ينجح هذا التشكيل الجديد في حلحلة القضايا العالقة وفتح الطريق نحو المستقبل. وكان وجود عدد من قيادات الوطني من أبناء دارفور علي ر أس بعض الوزارت مسار تساؤول حيث تولي علي محمود وزارة المالية ومحمد بشارة دوسة لوزارة العدل وحليمة حسب الله لوزارة الشؤون البرلمانية،ربما عمد المؤتمر الوطني إلي قطع الطريق أمام الحركات الدافورية ووضع حد للحديث المتكرر عن سيطرة أبناء الشمال النيلي غير أن هناك من يعتقد أن الأزمة في دارفور ذات أبعاد خارجية لاتؤثر فيها التعديلات الداخلية المتمحورة حول عدد من الشخصيات كثيرا وستظل الأزمة مشتعلة بدرجات متفاوتة طالما كان الأفق مسدودا مع الدول الكبري التي تمسك بمفاتيح اللعبة. ويبدي المحلل السياسي محمد علي جادين إستغرابه من التأخير الذي لازم تشكيل الحكومة رغم سيطرة المؤتمر الوطني علي مفاصل القرارو مفترض ان تكون حكومة مؤتمر وطني بواقع نتائج الانتخابات وستكون بمشاركة الحركة الشعبية وبالتالي كان يفترض تكونيها باسرع وقت دون اي معوقات عملية ، ولكن يبدو ان الوطني شعر بورطة سيطرته على الشمال في البرلمان والولايات لأن الفترة القادمة ستقرر في قضايا مصيرية للسودان وهي الاستفتاء وهو لايريد تحمل مسئولياتها لوحده لذلك يحاول جذب الاتحادي الديمقراطي والامة واحزاب اخرى للمشاركة في الحكومة وهنالك ايضا الخلافات والصراعات داخل المؤتمر الوطني نفسه حول المواقع والمناصب والسياسات، هناك اكثر من تياريين مصطرعيين داخل المؤتمر الوطني احدهم متشدد والاخر مع الانفتاح الداخلي والخارجي . لهذين السببين تأخر التشكيل الوزاري حتى الان وظلت البلاد بلا حكومة شرعية لمدة شهرين وهذا يعني من الناحية العملية استمرار السياسات السابقة كما هي وبنفس الوجوه وهذه السياسات ستؤدي الى انفصال الجنوب واستمرار الحرب في دارفور والانهيار الاقتصادي المهم في الأمر جاء التشكيل الجديد بدون أي جديد يذكر وهذا يعني إستمرار ذات السياسات القديمة. وكان من المتوقع أن يشمل التشكيل الوزاري الجديد قيادات من الحزب الإتحادي الديموقراطي"الأصل" وقيادات من الامة القومي،فيما يخص الإتحادي لم يصل الطرفان(الوطني والإتحادي) إلي توافق حول عدد الوزارات غير ان الباب مازال فاتحا أمام إستيعاب عدد من قيادات الإتحادي والامة وقد تشارك بعض القيادات بصورة فردية في ظل الرفض المتزايد لعرض الوطني و كانت قيادات من الحزب الإتحادي قد وصفت العرض المقدم من قبل حزب المؤتمر الوطني بأنه دون قامة ومكانة وتاريخ الحزب الإتحادي. يقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية معلقا علي التشكيل الوزاري الجديد وتقلد عدد من أبناء دارفور لوزارات إتحادية كبيرة، علي محمود رجل مؤهل وتدرج تدرجا طبيعيا في وزارة المالية وكذلك دوسة وأعتقد أن عهد دوسة مها كانت الظروف سيكون أفضل حالا من زمن سبدارت، القيادات الأربعة في النهاية تمثل المؤتمر الوطني ولذلك لانعول كثيرا علي إحداث تغيير كبير و لكن ربما ساهموا في تغير جزئي والخطوة فيها رسالة غير مباشرة للحركات المسلحة ومفاوضات الدوحة القادمة. المطلوب من المؤتمر الوطني تجاوز الحركات المسلحة والقيام بالمطلوب تجاه الأقليم. hassan mohmmed [[email protected]]