[email protected] في خطوة مفاجئة وغير مبشرة تدل على همجية التنفيذ، قامت الهيئة القومية للمياه بالتعاون مع شركة توزيع الكهرباء السودانية بتنفيذ نظام دفع الإيجار الشهري للمياه وتحصيله عبر شراكة توصف بالمفردات الحكومية بالشراكة الذكية بين الهيئة والشركة المذكورتان آنفا وذلك عبر نوافذ شراء كهرباء الدفع المقدم. أولا، لا أنتقد البتة هذه الفكرة، فهي تحفظ حق هيئة المياه وتخفف من العبئ الإداري في التحصيل ومراجعته، فكل ما هناك أنه وفي نهاية كل شهر يمكن أن تتم مقاصة إلكترونية سريعة وسهلة بين هيئة المياه وشركة الكهرباء. ثانيا، بهذه الفكرة يكون المواطن هو من يسعى لتسديد المسنتحقات التي عليه طوعا أو كرها في سبيل ضمان استمرار خدمة الكهرباء التي أصبحت لا غنى عنها كما المياه وفي هذه الحالة يزال عن هيئة المياه رهق وعناء متابعة قطوعات المياه وعمالها ذوي المعاول. ولكن... ما شاهدته بالأمس وعايشته يجعلني أتساءل، لماذا لا تُتعب المؤسسات الحكومية نفسها بدراسة الطريقة المثلى للتنفيذ بعد نضوج الفكرة؟ ولماذا تتعامل مع مواطنيها كما لو كانوا مستجدي خدمة أو كما لو كانوا في دونية عنها؟ للحديث عن هذا الموضوع سألخص أحداث البارحة وما شاهدته ليكون الحديث مبنيا على رؤية من جميع الأطراف. ذهبت كالعادة لشراء كهرباء الدفع المقدم، فرأيت عددا كبيرا من المواطنين يتجمهرون عند مكتبين ويتكلمون بنبرات حادة، وعندما استفسرت عرفت أنهم يحتجون على دمج رسوم المياه الشهرية بشراء الكهرباء ولأسباب أخرى متعلقة بذات الموضوع، وعندها ظننت أني بمنأى عن هذا حيث أننا نتبع هذا النظام لما يقارب العام. ووقفت في الصف حتى وصلت إلى الشباك وطلبت الكهرباء، فإذا بالموظفة تطلب منى مراجعة المياه، لماذ؟ لأن الإيجار الشهري رصد مرتين على العداد!!! وعندها أدركت ما حدث، لم تكلف هيئة المياه نفسها عناء دراسة التنفيذ أو حتى أي العدادات هي التي ستتحمل تكلفة الإيجار الشهري للمياه، بل طبق الإيجار على جميع عدادات المنطقة ولو كان بها إيجار مسبق!! عندها توقفت عند الشباك الأول لدراسة الحالة، ومن ثم حولت إلى المكتب الثاني لتنفيذ أمر حذف الإيجار المكرر ومن ثم عدت إلى صف الكهرباء مجددا. قد تبدو هذه العملية بسيطة ولا تأخذ وقتا، ولكني أترككم مع خيالكم وما ذكرته من جمهرة المواطنين مع معرفة أن الوقت الذي أخذته في هذه العملية قارب الساعة. لا أدري، لحسن الحظ أم لسوئه، كنت أحمل معي ورقة العداد الثاني لنفس المنزل، فقررت شراء كهرباء فيه، وبعد الوقوف في الصف إذا بي أفاجأ بأن إيجار المياه لنفس المنزل أيضا قد أضيف به!! إذن، فهؤلاء المسؤولون لم يكلفوا أنفسهم عناء دراسة أين تقع هذه العدادات وهل يجب أن تتحمل تكلفة إيجارات المياه أم لا؟ إذن ما كان يمكنهم إنجازه في أيام معدودات – وهو عملهم – تكاسلوا عن أدائه لأن المواطن لا قيمة لهم عنده فدعوه يأتي ويحتج ويقضي بعض الزمن معنا، فوقته رخيص كالملح أو هو بلا قيمة كالجيفة. في النهاية، ما كان يجب أن يأخذ 5 دقائق على أسوأ تقدير، أخذ ساعتين كاملتين!!! ألطف قصة: صاحب دكان رصد له إيجار مياه شهري وهو دكان بلا مياه من الأساس. الخلاصة، يبدو أن مؤسسات دولتنا الموقرة تصر على دونية أفراد شعبها ونخاف أن يأتي يوم نكون فيه جرذانا بدلا عن المتسولين، والله المستعان.