صدي الحياة موضوع..!! أمال عباس ٭ تحية حارة ارسلها عبر «صدى» لاتحاد الادباء والكُتاب السودانيين في مؤتمرهم الذي منعتني حالتي الصحية من حضور افتتاحه متمنية لهم التوفيق والنجاح، وبهذه المناسبة اسوق الآتي: ٭ الفن والسياسة كلمتان العلاقة بينهما بقدر الحياة كلها واذا طلب مني ان اعرف الفن لقلت انه المعنى اللا محدد للاشياء.. كل الاشياء.. انه التعبير الذي يهدف الى اثارة الاحساس بالجميل أو تنبيه الى الخطر أو تنفير من القبح. ٭ وقال ابن خلدون في مقدمته الرائعة عن الادب قبل ستة فرون انه علم لا موضوع له ويعني بذلك الفن ويقصد انه لا يختص بموضوع واحد بل يمتد الى الموضوعات كلها ومنها تكون مادته كل موضوع.. ومنذ ان قال ابن خلدون هذا الرأى وقبل ان يقول وإلى يومنا هذا يفوق الحصر عدد الادباء والفنانين الذين عبروا عن الحياة بأدبهم وفنهم.. وبعبارة اخرى عبروا عن السياسة فليس بالماديات وحدها تكون الحياة.. والمقصود ان الفن والادب يعلوان بالانسان فوق الحيوان. ٭ فالانسان هو القيمة الاجتماعية العليا وكل اموره المادية والمعنوية تهمه بقدر متساو.. حسب مقولة الذين يؤمنون باتحاد جوانب الحياة. ٭ والانسان كما يقول الفلاسفة متدين وسياسي بالطبع ولا تتم انسانيته إلا في مجتمع صالح منظم يدعو له الادباء وفنانون ويحميه السياسيون. ٭ كان الصياد القديم يرسم على الصخور ما يتمنى ان يصطاد من الخيول والوعول والابقار ثم يصوب الى الرسوم سهامه فيصيبها وعندما يشعر بالطمأنينة في انه سيصيب من هذه الحيوانات حينما يخرج لصيدها كما اصاب من صورها المرسومة. ٭ ومن هنا تكون الحياة موضوعاً.. بل في رأس الموضوعات التي تهم الناس وتشغل بالهم ومن هنا أيضاً يأتي مفهوم السياسة التي تكيف الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالفنان والاديب.. والاديب والفنان يفقد صفته هذه اذا فقد التأثر بهذه الاوضاع والتي تظهر على نتاجه ملامح الرضى أو الغضب.. الضيق او البهجة ومنها يكتسب انتاجه الادبي أو الفني معنى سياسياً تلميحاً ام تصريحاً. ٭ المهم ان الفصل بين السياسة والادب والفن شيء مستحيل وهو اكثر استحالة في عصرنا هذا وذلك بفضل المناهج الانسانية للسياسة. ٭ صحيح قد توجد سياسة لا انسانية بلا فن ولا ابداع ونحن نعيش هذه التجربة ولكن لا يوجد فن أو ابداع بلا معنى سياسي وهذا لا يعني حشد الهتافات والشعارات في القصائد والاغاني والروايات والقصص.. فالمعنى السياسي الانساني يمكن ان ينجلي في قصيدة غزلية.. فالفن والادب وما يشملان من رونق وجمال وما ينطوي محتواهما من صور وأفكار يلهم البشر ويصبح قوة تحرك الشعب. ٭ كان هذا ردي على احدى بناتي من الصحافيات الواعدات عندما سألتني عن لماذا اكثر الكتابة عن السياسة والفن والادب وهى ترى ان لا علاقة بينهما وإن أهل الادب والفن لا يفهمون من أمر السياسة شيئاً.. بل هم قوم هائمون مع أخيلتهم وعوالمهم الخاصة. هذا مع تحياتي وشكري الصحافة