٭ في نهار الخميس العشرين من يناير وفي قاعة الشارقة ومن خلال منتدى الكتاب الذي يرأسه بروفيسور عبد الملك كانت مناقشة كتاب الزميل سيف الدين عبد الحميد مقالات في الادب والسياسة، وكانت جلسة رفدها الدكتوران ياسر وفؤاد بالكثير من الآراء والمفاهيم حول النقد الادبي والسياسي. ٭ عندما انفرد بنفسي استرجع مجموع المناقشات التي تدور حولي او التي اشارك فيها وفي كثير من الاحيان امر عابرة باكثرها وفي القليل النادر قد اقف عند كلمة او جملة اقف عندها كثيراً. ٭ دائماً في وقفاتي اتذكر لقائي اليومي هذا معكم.. بعد لقاء منتدى كتاب الشهر وقفت كثيراً عند كلمتين وردتا في المناقشة.. الادب والسياسة. ٭ وكلمتان والعلاقة بينهما بقدر الحياة كلها.. اذا طلب مني ان اعرف الادب لما قلت اكثر من انه المعنى اللا محدود للاشياء.. كل الاشياء انه التعبير الذي يهدف الى اثارة الاحاسيس بالجميل او تنبيهها الى الخطر او تنفيرا من القبح وقد قال ابن خلدون في مقدمته الرائعة عن الادب قبل ما يقارب السبعة قرون انه علم لا موضوع له ويعني بذلك الادب ويعني انه لا يختص بموضوع واحد بل يمتد الى الموضوعات كلها ومنها تكون مادته لكل موضوع ومنذ ان قال ابن خلدون هذا الرأي وقبل ان يقول والى يومنا هذا يفوق الحصر عدد الادباء على مر التاريخ الانساني عبروا عن السياسة بادبهم فليس بالخبز وحده يحيا الانسان او بمعنى آخر ليس بالماديات وحدها تكون الحياة والمقصود بهذا العلو بالانسان فوق الحيوان. ٭ فالانسان هو القيمة الاجتماعية العليا وكل اموره المادية والمعنوية تهمه بقدر متساو مقولة الذين يؤمنون باتحاد جوانب الحياة. ٭ والانسان كما يقول الفلاسفة متدين وسياسي بالطبع ولا تتم انسانيته الا في مجتمع صالح منظم يدعو له السياسيون ويحميه الادباء. ٭ ومن هنا تكون السياسة موضوعاً.. بل في رأس الموضوعات التي تهم الناس وتشغل بالهم.. وفوق هذا ان السياسة هي التي تكيف الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالاديب والاديب يفقد صفته هذه اذا فقد التأثر بهذه الاوضاع.. وبالتالي تظهر على نتاجه ملامح الرضا او الغضب.. الضيق او البهجة ومنها يكتسب انتاجه الادبي معنى سياسياً تلميحاً او تصريحاً. ٭ المهم ان الفصل بين السياسة والادب شيء مستحيل وهو اكثر استحالة في هذه الآونة من حياة البشرية على اطلاقها وذلك بفضل المفاهيم الانسانية للسياسة. ٭ ولكن قد توجد سياسة لا انسانية.. بلا ادب ولكن لا يوجد ادب بلا معنى سياسي وهذا لا يعني حشد الهتافات والشعارات في القصائد والروايات والقصص.. فالمعنى السياسي يمكن ان يتجلى في قصيدة غزلية فالادب وما يشتمل عليه اداؤه من رونق وجمال وفن وما ينطوي عليه محتواه من صور وافكار يلهم البشر ويصبح قوة تحرك الشعب. هذا مع تحياتي وشكري