زمان مثل هذا التأمين.. بلا تأمين الصادق الشريف (طاخ.. طراخ.. طاخ).. هي أصوات صراعات تجري بعيداً عن أعين الإعلام.. في قطاع بعيد عن العين.. لا يذكره مَن يذكره إلا حينما يصطدم ب(الآخر). بالطبع.. ينسى الناسُ قطاع التأمين وشركات التأمين.. لكن حينما يحدث الحادث.. ويجري قدر الله.. يتذكر مالكو وسائقو السيارات أنّ هنالك شركات تأمين.. وهي شركات تعمل على مدار العام.. بها موظفون.. ومديرون.. ومجالس إدارات.. وأموال داخلة Cash-in وأموال خارجة Cash-out.. من أين تدخل.. وإلى أين تخرج.. هذا هو السؤال؟؟!!. من ينظر إلى هذا القطاع من بعيد.. يشعر كأنّ شيئاً لا يحدث.. فكل شيء يجري في الخفاء.. في الظلام.. من يضرب.. يضرب في الظلام.. ومن يتلقى الضرب ويتلوى.. إنّما يتلقاه في الظلام. وكان من الممكن أن يمضي كلّ شيءٍ في الظلام.. لولا أنّ إحدى شركات التأمين عجزت عن سداد مستحقات زبائنها (المُؤمِنين/المُؤمِّنين).. وهي في طريقها إلى الإفلاس.. وسوف تسحب معها بعض الشركات والأفراد إلى الهاوية.. وستفضح رجالاً (متنفذين). الحكومة بكلّ قوتها الضاربة من الممتلكات.. تقوم بالتأمين في شركة شيكان الحكومية.. ولا تقامر/تغامر بالتأمين في الشركات الخاصة. هذا السلوك الحكومي المُعيب.. والذي يستثني شركات قطاع خاص (سوداني) من ميزة توزيع المال الحكومي بالعدل.. هو في حقيقة الأمر نعمة على تلك الشركات الخاصة. صحيح أنّ الحكومة تملك أكبر أسطول سيارات.. وتعتبر أكبر مالك للعقارات.. ولديها أكبر أسطول جويّ وبحريّ (مع مراعاة فروق الوقت في تعريف كلمة أسطول). لو أنّ الشركات حصلت على تأمين هذه السيارات والطائرات والسفن.. لأصبح حالها غير. نعمة.. لأنّ الحكومة (ما بتدفع).. ولو انّها قامت بتأمين بعض ممتلكاتها في شركة تأمين خاصة.. لأعلنت تلك الشركة حالة إفلاسها في أوّل ثلاثة أشهر.. أو على أقل تقدير أعلنت حالة الخواء النقدي (Zero-Cash Situation) وهي حالة تملك فيها الشركة أصولاً ليس من بينها النقد. ومن يقترب من شركة شيكان الآن.. يجد أنّها تعاني من مشكلات ضخمة مع المديونيات الحكومية.. بيد أنّ الحكومة تجد لها مصادر دخل أخرى (وبفتاوى دينية).. مثل تأمين الحُجاج والمعتمرين.. وتأمين المحاصيل.. وغيرها من أنواع التأمين التي لم نسمع بها إلا في ثقافة شيكان. لكن هيئة الرقابة على التأمين.. وهي الجهة المنوط بها متابعة ومراقبة الشركات العاملة في هذا المجال لديها اعتقاد بأنّ شركات التأمين الخاصة لا تملك رؤوس الأموال الكافية لمقابلة التزامات عملائها.. وهو اعتقادٌ صحيح ومدعوم بالقرائن والمشاهدات. لكن ما لم تقله الهيئة هو أنّ نافذين في مجالس إدارات تلك الشركات هم (أكثر) من يعرف أين تذهب أموالها (هذا ما أشرنا إليه بمصطلح Cash-out).. وأنّهم أبلغ من يُعلل: لماذا يضطرون لدفع أموال لموظفين في بنك السودان لإصدار تقارير غير حقيقية (مبالغ في تقديرها) لتظهر الموقف المالي للشركة بحالٍ أفضلٍ مما هو عليه. وهيئة الرقابة التي مهمتها أن تراقب.. لا تستطيع أن تفعل ذلك.. وهي تعترف بتقصيرها.. والمدهش أنّها لم تقدِّم استقالتها.. رغم أنّ هذا الوضع مستمرٌ منذ سنوات!!؟؟. التيار