تراسيم.. شعب الحكومة!! عبد الباقي الظافر كانت مفاجأة غير متوقعة.. الرئيس جورج بوش يرسل لشخصي الضعيف شيكاً مصرفياً قدره ألفا دولار.. لم أصدق الأمر واتصلت بصديق.. نحن من أمة يعيل الشعب الحكومة.. وصديقي الذي مكث زمناً طويلاً وراء المحيط الصاخب يشرح لي نظرية الرئيس بوش.. إدارة بوش (وقتها) اقترحت حزمة من محفزات الاقتصاد لتجاوز الأزمة المالية العالمية.. الفكرة كانت ترى الحل في مزيد من الإنفاق وليس مزيداً من الادخار كما ترى المدرسة الاقتصادية الكلاسيكية.. زيادة دخل الأفراد يعني تحفيز عجلة الإنتاج الذي في النهاية يؤدي لثراء الحكومة عبر العائد الضريبي الذي تدفعه الشركات الرابحة. مدير الإدارة الفنية بهيئة الاتصالات أكد أن الحكومة قد زادت الضريبة المباشرة على الاتصالات من 30% إلى 40% لمنع المواطنين من الثرثرة.. المسئول الرفيع اتهم المواطنين بالجهل بالتقانة ومن ثم حملهم مسئولية ارتفاع الضريبة.. عزيزي المواطن نحو نصف كلامك في الهاتف يصب مباشرة في جيب الحكومة. الحقيقة أن شركات الاتصال تخسر لتربح الحكومة.. ثلاث من أربع شركات اتصال إما خاسرة تماماً، وإما أن ربحها قليل جداً.. شركة (زين) دعمت الخزينة العامة مباشرة خلال خمس سنوات بقرابة الثلاث مليار دولار.. ونحو خمس مليارات دولار ذهبت في أوردة القطاع الخاص خلال تلك الفترة.. جملة استثمارات (زين) بلغت نحو سبعة مليار دولار.. رغم هذا النجاح إلا أن الشركة تواجه صعوبات في تحويل بعض أرباحها للمساهمين بالخارج. ليست شركات الاتصالات وحدها التي تقاسم الحكومة إيراداتها وليس ربحها.. جوال السكر يخرج من شركة كنانة مثلاً بسبع وثمانين جنيهاً.. السعر الرسمي لجوال السكر زنة الخمسين كيلو مائة وثمانية وخمسون جنيهاً.. أكثر من سبعين جنيها تذهب باردة لجيب الحكومة في شكل ضرائب ورسوم وجبايات.. بعد أن يتدخل التجار الكبار الموالون للحكومة يباع السكر بمائة وثمانين جنيها للمواطن. في سوق السيارات الان مطلوب من المواطن ان يشتري سيارة له وأخرى للحكومة..جمارك السيارات تجاوزت نسبة 100%..مقترحات ميزانية العام 2012 تقترح زيادة سعر (البنزين) إلى عشرة جنيهات.. الحكومة تدعي أنها تدعم سعر الوقود.. الحقيقة ليست كذلك لأن منطق الوزير علي محمود يعتمد على سعر النفط في عرض البحر لا على تكلفته الحقيقة بعد تصفيته.. ومن نكد الدنيا أن الوزير المتعافي في أحد المؤتمرات الصحفية حاول أن يعقد مقارنة بين سعر جالون البنزين في السودان وأمريكا.. بالطبع لم يفوت على المتعافي فرق دخل الفرد بين واشنطن والخرطوم. الضرائب المباشرة تصيب الاقتصاد بالشلل.. كان بإمكان شركة كنانة التي لم يتجاوز متوسط أرباحها حاجز الثلاثين مليون دولار سنويا أن تبني عشر مصانع أخرى إن لم تحُل الحكومة بينها والسوق الحر.. وما كان لشركات الاتصال أن تخسر إن تركت الحكومة الشعب (يثرثر) على راحته. بصراحة المشكلة في الإنفاق الحكوميّ.. الحكومة تحمل الشعب فوق طاقته.. في الميزانية المقدمة للبرلمان الصرف على الجهاز السيادي يفوق الإنفاق على الصحة والتعليم مجتمعين.. أما نفقات الأمن والدفاع فتبلغ خمسة أضعاف ميزانية الصحة والتعليم.. هنا مربط الحكومة. لم أستغرب في أن يذهب أرباب المصانع إلى السجن زرافات.. الحكومة تفضل التهام الدجاجة بدلا من أن تتركها تبيض. التيار