تراسيم.. الخروج من بيت الطاعة !! عبد الباقي الظافر رواية تقول : إن الرئيس البشير زار مناطق المتأثرين بقيام سد مروي.. في ذاك الصباح تقدمت منه سيدة مسنة.. رجال حول الرئيس حاولوا إعاقة طريقها،.ولكن كلماتها وصلت إلى مسامع الرئيس: \"حقنا كاش وخيارنا محلي\".. الرئيس انفعل باستغاثة السيدة المنصورية وفتح الخيار المحلي للسكن حول البحيرة. في الباوقة استنجد سكانها بالرئيس عمر البشير.. حدّثوه عن نخلها وزرعها وأهلها.. الرئيس ومن على المنبر استثنى تلك الديار من سد الشريك المقترح.. كان ذلك القرار السياسي المرتجل يقلل من فعالية السد في توليد الكهرباء.. ثم يجعل أهل تلك المناطق يستشعرون أن الناس عند الحكومة درجات.. بعضهم يستحقّ الغمر وفريق يطفو على الماء. بالأمس استمعت مع ثلة من الزملاء الصحفيين إلى المهندس محمد حسن الحضري مدير إدارة السدود.. الحضري قدم مرافعة جيدة عن موقف إدارته في ملف إعادة التوطين.. عندما تغمرك كلمات الحضري تشعر أن ليست هنالك مشكلة.. مشاريع إعادة التوطين خضراء تسر الناظرين.. كل الخيارات مفتوحة للمواطنين.. من أراد أن يسكن حول البحيرة فله ذلك.. ومن أراد الاستقرار في المكابراب فقد هيئت البيوت لساكنيها والمزارع لمن يفلحها.. ومن أراد أن يهجر الزراعة ويسكن في المدائن فمن حقه أن يتسلم كل مستحقاته نقداً. الحضري يضيف أن تنفيذ مشروعات حول البحيرة أمر ليس ذا جدوى.. يستعصم حول دراسات أجرتها بعض الشركات تؤكد استحالة تطبيق فكرة الخيار المحلي.. من باب إحسان الظن علينا قبول الرؤية الفنية لهذه الشركات.. ولكن القيادة السياسية ذاتها تجاوزت هذه النصائح الفنية وأقرت للمناصير بالسكن حول بحيرتهم. الصورة المقابلة لرؤية الحضري الوردية.. آلاف المواطنين تركوا الأهل والولد واعتصموا في ميدان فسيح.. الشمس تلفح الوجوه والبرد يتخلل المسام.. والي نهر النيل يقول هنالك مشكلة، ولكن حلها في المركز.. البرجوب نائب المناصير المقرب من جيب الحكومة يقسم بالطلاق أنه مع أهله في أزمتهم.. المعتصمون يريدون أن توفي الحكومة بالتزاماتها المكتوبة معهم.. ولكن الحكومة حكومات.. للسيد إبراهيم أحمد عمر مستشار الرئيس رؤية.. ولإدارة السدود رؤية خاصة.. ولحكومة نهر النيل أيضا اجتهادها في هذا الملف. في تقديري مطلوب من الحكومة الاقرار بأن هنالك مشكلة.. وأن الطريق الصحيح يقتضي أن توحد الحكومة من رؤيتها.. ثم تنزل إلى المناصير في ميدان اعتصامهم.. تدير حواراً منطقياً ومفتوحاً ودون سقوف.. من الممكن للمناصير أن يسكنوا حول بحيرة السد دون الحاجة إلى مشاريع زراعية.. صناعة صيد الأسماك إن وجدت التمويل يمكن أن تكون بديلاً للحرف المتوارثة. المشكلة بصراحة تكمن في أن الحكومة ترى أن المناصير خرجوا من بيت الطاعة.. وتريد فض الاعتصام ثم الدخول في مفاوضات من وراء الأبواب المغلقة.. لهذا تحفظ مدير السدود على مقترح تكوين لجنة حكماء لرأب الصدع في علاقة الحكومة مع بعض من شعبها. الحل يكمن في إتاحة المزيد من الخيارات ودون قوامة من الحكومة على خيارات الناس. اتلتيار