الصادق المهدي الشريف [email protected] فوجئت الأوساط الصوفية بحريق ضريح مسجد الشيخ أدريس ود الأرباب.. من قِبل فئة/جهة مجهولة.. ومن طبيعة الإستهداف.. رجّح أهل التصوف أن يكون المعتدين من أتباع المذهب الوهابي. والواضح أنّ من حرق الضريح.. هو أخوف من (الفِرَّة).. لأنّه هرب وترك بعض الآثار التي تدل عليه.. وهروبه دليلٌ على عجزه عن تبرير مافعل.. فليس من المنطق أن يهرب صاحب الموقف إذا كان على قناعة بموقفه.. إنّما يهرُبُ من (لا) يثقُ في صحة ما يقولُ ويفعل. في إحدى الأيام لاحظتُ إعلاناً كبيراً عن محاضرة كُبرى في إحدى المساجد بعنوان (القنبلة الذرية.. في الرد على الوهابية).. كنتُ قدإنتويتُ السفر.. يبد أنّني أجلته الى حين رؤية القنبلة الذرية التي ستقضي على الوهابية في السودان. تفاصيلُ تلك المحاضرة هي قصةٌ أخرى.. ليس هذا مكانها.. ولكنّها كانت مثالاً أوضح على الإستعداء القائم بين طرفي المعادلة الإسلامية في السودان (الصوفيون/السلفيون). يتخذ هذا العداء بين الطائفتين في معظم الأوقات شكلاً لفظياً.. ولكن بعض التطورات في الساحة الدينية أصبحت تشير الى إنتهاء المرحلة اللفظية.. وبداية مرحلة أخرى (قد) لا يكونُ حرق ضريح الشيخ إدريس الأرباب هو أسوأ ما يحدث خلالها. لا يمكن قراءة هذا العنف الديني بعيداً عن الوضع السياسي العام الذي استشرت فيه سياسة العنف.. ووجدت لها تشجيعاً من الحكومة. فالتفاوض مع حاملي السلاح فقط.. يُشجع المسالمين على حمل السلاح.. وسماع الأصوات الأكثر ضجيجاً.. يجعل الجميع يمرنون حلاقيمهم ويقفون في صف الصراخ. وبعد أن وقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان إتفاق نيفاشا.. ظهرت حركات أخرى ل(تحرير السودان).. يبدو ظاهرها سياسياً.. وتموج في داخلها العصبية الإثنية. فالعنف الديني هو إستنساخ للعنف السياسي.. والتجارب القتالية في صحاري دارفور.. لم يحدث لها سوى نقل بزاوية حادة الى الأضرحة. وهذه عصبية قديمة متجددة.. عصبية مذهبية.. يرى كلُّ طرفٍ من أطرافها أنّه الممثل الأوحد ل(الحق).. وإنّه إن قتل الآخر(عدو الله/المشرك) دخل الجنة. قديمة منذ أن وقف عباس الباقر وهو يفرغ رصاصاته في أجساد المصلين بمسجد الجرافة.. وهو يبتسم كمن.. حقق نصراً عزيزاً. سنكونُ كأهل بيزنطة إذ وقفنا نتجادل فيمن بدأ هذا العنف.. فكلُّ حزب ديني أو سياسي ساهم بالترويج أو غضّ الطرف.. والمؤتمر الوطني ينال نصيب الأسد بعد أن أوقد أحلام الشباب بالحور العين.. وحفزهم بالجهاد ولم يفقههم في الدين. يا ولاة الأمر: ليس من الحكمة أن تقفوا متفرجين على هذه النار وهي تنمو وتتمدد.. لأنّها ستحرقكم أولاً.. فمن السلفيين من غاص في وحل (التكفير).. و يرى أنّ ولاة الأمر (كفااااااااار).. يجب البدء بهم. ويا أيُّها الشباب المتحمس بلا علمٍ ولا هُدًى ولا كتابٍ منير: لن تسعوا الناس بكلاشكم.. فمالكُ هذه الأرض وخالق الشعوب عزّ وجلّ قال لنبيهُ المصطفى عليه السلام (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)؟؟. صحيفة التيار