العصب السابع استراتيجية \"التطفيش\"..! شمائل النور لا زلنا نكرر ونُصر على لفت الانتباه لخطورة الوضع الذي يسير إلى سوء كل يوم أكثر من الذي قبله، ولا بارقة أمل تشير إلى غير ذلك.. فإن أجرى أي فرد منّا قراءة سريعة على الشارع العام، ولا تذهب بعيداً فقط على الفئة القليلة التي حولك من الشباب إن كانوا يشغلون وظائف أو عطالى؛ دون شك سوف يكون نتاجها أن كل الشباب بلا استثناء باتوا على قناعة لا تقبل التزحزح أن هذا البلد طارد ولم يعد يحتمل الحد الأدنى من طموحات وتطلعات هؤلاء الشباب، وعندما نقول الحد الأدنى قد لا نتجاوز قضية الحصول على وظيفة تقي صاحبها العوز والجوع، ناهيك عن تطلعات تفوت هذا الحد لتصل مرحلة أن تشارك في اتخاذ قرار.. هذا هو الحال الواقع على كل شباب بلادي دون استثناء إلا أصحاب الحظوظ الوفيرة من أبناء الأكارم؛ لكن الوضع أصبح الآن يتعدى الشباب الذين في بداية حياتهم العملية ليشمل حتى الشيوخ، لا بل حتى حمَلة الدرجات الكبيرة وذوي الخبرة العملية الطويلة، باتوا على قناعة ألا حلاً لأوضاعهم إلا الهجرة، خاصة بعد أن أفنوا نصف عمرهم في عطاء لا يُمنح قيمته الحقيقة، الهجرة في آخر العمر قسراً لا حباً في الهجرة، ومن لم يطرده البحث عن وضع مالي مريح، فقد طردته بيئة العمل المزرية، التي تخصم منك أكثر مما تضيف إليك. عندما اشتعلت ثورة الأطباء مطالبة بحقوق أكثر من مشروع جميعها يتعلق ببيئة العمل وصحة المواطن، ومع يأس الأطباء من حكومة تضع الصحة والتعليم في الدرك السحيق من موازناتها، أعلنت لجنة الأطباء أن \"3.000\" طبيب سوداني وحوالي \"2.000\" في طريقهم إلى الهجرة، أي حوالي \"5.000\" طبيب ترك البلد وهاجر، هؤلاء هاجروا بعد أن أدركوا أن الحل هو الهجرة أو قل التخلص منهم عبر بوابة الهجرة، ثم قبل بضعة أسابيع أطلق مدير جامعة الخرطوم نداء استغاثة ل\"500\" أُستاذ جامعي يهمّون بالهجرة، حيث تلقوا عروضاً للعمل في المملكة العربية السعودية كما أرودت صحيفة \"السوداني\" وقتها. الأسبوع الفائت، رقم فلكي خرج مفضوحاً على الملأ خلال مؤتمر قضايا الأستاذ الجامعي.. تجاوز نداء مدير جامعة الخرطوم.. هجرة \"600\" أستاذ جامعي بمختلف التخصصات، لا أدري إن كان هناك علاقة بين هذا الرقم وذاك الذي أطلقه مدير جامعة الخرطوم إن كان كل واحد يصب في اتجاه أم أنه ذات الرقم لكنه زاد قليلاً، وفي كل الأحوال المؤشر خطير، وليس من غرابة أن يُتفه الأمين العام لوزارة التعليم العالي كارثية الوضع، فما هذا إلا انعكاس واضح وجاد لسياسة الدولة تجاه هجرة العقول، وليس بعيداً أن تكون مثل هذه الأرقام الهاجرة للبلد من دواعي غبطة الحكومة.. يقيني أنها لن تكون النهاية بل أنها فقط بداية فعلية لهجرة جماعية قسرية.. التيار