العصب السابع أوقفوا هجرة العقول..! شمائل النور إن أجرى أي فرد منّا قراءة مسحية سريعة على الشارع العام دون شك سوف يكون نتاجها أن كل الشباب بلا استثناء باتوا على قناعة تامة أن هذا البلد لم يعد يحتمل الحد الأدنى من أحلام وتطلعات هؤلاء الشباب، وعندما نقول الحد الأدنى قد لا نتجاوز قضية الحصول على وظيفة تقي صاحبها العوز والجوع، ناهيك عن تطلعات تفوت هذا الحد لتصل مرحلة أن تمتلك عقاراً مثلاً.. ولم يعد الوضع ينطبق على الشباب الذين في بداية حياتهم العملية، لا بل حتى حمَلة الدرجات الكبيرة وذوي الخبرة العملية الطويلة، باتوا على قناعة ألا حل لأوضاعهم إلا الهجرة خاصة بعد أن أفنوا نصف عمرهم في عطاء لا يُمنح قيمته الحقيقية، الهجرة في آخر العمر قسراً لا حباً في الهجرة، ومن لم يطرده البحث عن وضع مالي مريح، فقد طردته بيئة العمل المزرية، التي تخصم منك أكثر مما تضيف إليك. إبان إضرابات الأطباء أعلنت لجنتهم أن \"3.000\" طبيب سوداني هاجروا بعد أن أدركوا أن الحل هو الهجرة و\"2.000\" في طريقهم إلى الهجرة، أي حوالي \"5.000\" طبيب ترك البلد وهاجر، قبل يومين أطلق مدير جامعة الخرطوم نداء استغاثة حول \"500\" أُستاذ جامعي يهمون بالهجرة، حيث تلقوا عروضاً للعمل في المملكة العربية السعودية كما أرودت صحيفة \"السوداني\"، وقبل ذلك عندما بدأ الجنيه السوداني في الانهيار أعلن إتحاد المقاولين أن حوالي \"80\" مقاولاً خرجوا من سوق العمل، ولن تكون هذه النهاية بل هي البداية الحقيقية للمزيد من الهجرة، ويجب أن نضع في الحسبان أن الوضع تغير إلى أسوأ، فإن كانت نسبة الذين يرغبون في الهجرة قبل عام هي 50%، اليوم سوف تصبح النسبة أكثر من 100%، بحساب الظروف التي تُجبر على الهجرة.. الآن بعد أن انقسم الوطن وانكشفت عورته أصبح الوضع يسير إلى أسوأ وليس ثمة احتمال أن ترجع الأمور إلي نصابها في ظل سياسات متعنتة، وضع اقتصادي طارد، وطارد أكثر منه، التضييق والخناق الذي يلف رقاب المواطنين على قدر كدرهم وشظفهم وتقشفهم.. وشريعة قادمة تُنبئ بدولة طالبان السودان، شريعة تنصف الظالم وتسيّده قائداً وتُجرّم المظلوم.. كل هذه الظروف تجعلك بكل أسف تلفظ وطنك الذي لفظك غير آبه. إنه لأمر مثير للبكاء بأعلى صوت أن تسمع أن السودانيين من خيرة أطباء أوروبا، وخيرة أساتذة الخليج العربي هم سودانيون، وخيرة صحافيي القنوات الفضائية الخارجية هم سودانيون، لم تكن العقول السودانية يليق بها التشريد والطرد ولا أن تكون في المزبلة، والسودانيون أولى بخير أبنائهم، هذه أبسط معادلة ينبغي أن تكون، ونحن ندرك أن السودان كم هو بحاجة إلى عقول أبنائه، فالأزمات التي يعيشها السودان هي في الأساس أزمات عقول أكثر مما هي أزمة سياسة أو غيره، ألم يحن الوقت لإطلاق نداء عاجل يُرجع كل العقول المهاجرة، ويوقف هجرة العقول السودانية، أم حان الوقت للمزيد من الهجرات القسرية؟! التيار