هجرة الكوادر السودانية إلى الخارج.. الأسباب والتداعيات عرض: رشا عبد الله ازدادت أعداد المهاجرين خلال العام الماضي في كافة المجالات لكن كان المجال الصحي والتعليمي من أكثر المجالات التي شهدت هجرة كوادرها حيث بلغت أعداد المهاجرين حسب إحصائيات وزارة العمل العام الماضي حوالى (75.631) مهاجرًا نسبة لذلك أقامت أمانة الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني ندوة حول (هجرة الكوادر السودانية إلى الخارج.. الأسباب والتداعيات) وتباينت الدوافع والأسباب وراء هجرتهم بعضهم لتحسين الظروف المعيشية والآخر لإيجاد بيئة أفضل.. وما دعانا للوقوف على هذه الظاهرة كثرة أعدادهم في الآونة الأخيرة.. وأكدت د. إبتسام ساتي نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم أن السودان من الدول التي عرفت الهجرة منذ القدم، كما أن السودان شهد الكثير من الهجرات خاصة في فترة الثمانينيات وأرجعت أسبابها إلى عدة عوامل منها اكتشاف البترول في الدول العربية في فترة السبعينيات مما أدى إلى تصاعد الهجرة إلى دول الخليج وذلك بسبب ارتفاع أسعار البترول وزيادة عائداته كما أن الدول كانت تحتاج إلى موظفين ليديروا دواوينها وتوفير الأيدي العاملة والكوادر المدربة لنهضة البلاد واكتمال معظم مشروعات التنمية والبنى التحتية في دول الخليج بالإضافة إلى إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية، وأشارت الدكتورة إلى أن فترة التسعينيات شهدت عودة معظم الأيدي العاملة إلى بلدانها تأثر بحرب الخليج، وأضافت أن الآونة الأخيرة شهدت هجرة أعداد كبيرة نسبة لعوامل الطرد المتمثلة في تفشي العطالة وعدم توفير فرص عمل بجانب الظروف الاقتصادية المتردية والأوضاع السياسية غير المستقرة في البلاد وزيادة أعداد الشباب السودانيين الذين يحاولوا الهجرة للخارج، وأكدت دكتورة إبتسام أن ضعف الأجور وارتفاع معدلات العطالة من أكبر الأسباب التي أدت إلى زيادة المهاجرين مشيرًا إلى أن رتب الأستاذ الجامعي في السعودية يعادل (20.000) جنيه وهو يساوي عشر أضعاف مرتبه في السودان بالإضافة إلى فقدانه معظم الاحتياجات الوظيفية وانعدام المعينات التعليمية وتردي بيئة العمل وضعف المرتبات وارتفاع معدل التضخم الذي تجاوز (46.5%) خلال الشهر الماضي، وأشارت أن بالنسبة للكوادر الطبية تتمثل في انعدام فرص التدريب وتدهور بيئة العمل وانعدام الأجهزة والمعدات الطبية المتطورة التي تعتبر عوامل طاردة، وأضافت أن هنالك عوامل اجتماعية.. بينما أوضحت الدكتورة إبتسام أن للهجرة آثارها المتمثلة في هجرة العقول والكفاءات النادرة والكوادر المؤهلة، وفي هذا الصدد أشارت إلى أن معدلات الهجرة في تزايد مشيرة إلى أن أسواق العمل السعودية هي أكبر مستقبل للعمالة المهاجرة بنسبة (91%) من جملة المغادرين خلال السنوات الخمس الماضية حيث بلغت أعداد المهاجرين خلال العام الماضي حوالى (75.631) مهاجرًا كما أوردتها وزارة العمل، وأشارت إلى أن الهجرة مثلت أكبر هاجس للسلطات الحكومية وبلغت أعداد الفنيين في هذه الفترة (11.226) فنيًا وأوضحت أن التقرير أشار إلى أن الهجرة وسط أساتذة الجامعات تشهد تزايدًا مستمرًا مما يهدد قطاع التعليم بنحو مباشر وبلغت جملة المهاجرين من الأساتذة الجامعين (1.002) أستاذ جامعي مقارنة ب (21) أستاذًا في العام (2008م).. أما أن تعتبر هجرة الكوادر الصحية فمن الأكبر حيث بلغت (5.028) طبيبًا خلال السنوات الخمس الماضية.. وقالت الدكتورة إن هجرة الكوادر الطبية تتمثل خطورتها في إحداث فجوة في مجال العمل وأيضًا من آثار الهجرة المخاطر السياسية وفقدان الهوية ومشكلات الاندماج وعدم الاستقرار الوظيفي والعمل في مجالات غير مجالات التخصص بجانب عدم الاستقرار الأسري والتنشئة الاجتماعية وأوضحت أن للهجرة جوانب إيجابية متمثلة في الدعم الأسري وتخفيف حدة الفقر بجانب التحويلات النقدية التي تساهم في الاقتصاد الوطني واكتساب الخبرات والمهارات.. وفي ذات السياق أكد نائب الأمين العام لجهاز المغتربين الدكتور كرم الله أن (90%) من المهاجرين هاجروا إلى السعودية لافتًا إلى أن هذا العام في السعودية سمي عام التعليم وأنه سيتم إرجاعهم، وأكد أن هذه الأرقام التي صدرت عن وزارة العمل غير صحيحة، وأوضح أن عدد المهاجرين حتى بداية يوليو (2012) بلغت (14) ألفًا لافتًا إلى أنه خلال الأيام القادمة ستخرج الإحصائيات مرجعًا الهجرة إلى الوضع الاقتصادي، وأضاف أن تحويلات المغتربين بلغت الصفر، مرجعًا ذلك إلى السوق الرسمي مشيرًا إلى أنهم حتى في الإجراءات يتم التعامل بالجنيه وليس بالدولار، ومن ناحية أخرى أكد البروفيسور عمر المقلي أن هجرة أساتذة الجامعات بلغت (589) أستاذًا فقط لافتًا إلى أن الأعداد التي خرجت حول هجرة الأساتذة غير صحيحة، موضحًا أنهم لم يهاجروا بسبب تدريبهم بل من أجل تحسين الأوضاع المعيشية مشيرًا إلى انعددام الحد الأدنى في البئية الجامعية، بينما خالفه ممثل وزارة الصحة الاتحادية أن أي حديث لتقليل أعداد المهاجرين في مجال الصحة غير موضوعي مرجعًا هجرتهم إلى قلة التدريب بجانب الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد. وأوصى الحاضرون بضرورة وضع سياسات شاملة للهجرة بجانب مراجعة القوانين وسياسات الهجرة لضمان وضع المهاجرين بجانب وجود ملحقيات عمالية بالسفارت السودانية في دول المهجر لحفظ حقوق المهاجرين.