[email protected] أزمة الحكم في السودان لا تُحَلْ بالمناصب و الوزارات. بقلم / عبد العزيز عثمان سام- كمبالا/ الثلث الأخير من ديسمبر 2011م إتصل بِي مشكوراً، مساء الأربعاء الموافق21 ديسمبر 2011م، الأخ الأستاذ/ صلاح شُعيب من راديو عافِية دارفور بواشنطون، في موضوعٍ إتّسَمَ بالغَرَابة والواقِعية في نفس الوقت طالما أننا نعيش في هذا الزمان المزدوج المعالِم.. فالأخ الأستاذ صلاح شعيب هو في كل الأحوال، صاحب مدرسة قضايا ما فوق العادة، لأنه في الأصل إنسان غير عادي من حيث التفكير والتقدير والطرح والتحليل، وأنا اسعدُ الناس بالتعلم في مدرسته هذه، مدرسة البحرُ المُحيط. أقول هذا للذين لا يعرِفون الأستاذ صلاح وطريقة تفكيره وطرحه للمواضيع في قوالب مُنتقاة بدِقَّة مُتنَاهِية لخدمة قضايا عامة، آنية وطازِجَة ومُلِحّْة.. طلب مِنِّي الأستاذ صلاح، بعد التحية والتنوير المقتضب، المتبادل طبعاً، فيما يجري في الساحة، طلب مني التعليق علي موضوع(عجيب)، قال: أولاد دارفور أخذوا جُلَّ الوزرات السيادية في الدولة السودانية زائداً موقع نائب الرئيس، فهل هذا عَدْلٌ في نظرِك؟؟ وإستطرد، ماذا أخذ أهل الشرق(البجة وبقية المجتمع الشرقاوي)؟؟ وماذا نال أهل الجزيرة مُقَارنة بما أخذه منسوبي دارفور في النظام؟ وماذا خُصِصَ لأهل كردفان الكبري(جنوب وشمال)غير الوظيفة التي ظَلَّ يتربَّع عليها أحمد إبراهيم الطاهر(رئيس المجلس الوطني)، وماذا نَال النوبيون في الشمال الأقصي مُقارنة، بنصيب الأسد، الذي ناله أبناء دارفور؟؟ بل ماذا نال أبناء أم درمان مَهْدِ نادِي الخريجين، والهلال والمريخ، والمسرح القومي، وبيت الزعِيم الأزهري، والثورة المهدية وسِفر تكوين الدولة السودانية. إحتِرُت جداً بادِئ الأمر! وبعد حِساب طفيف بخيال طائِف وسريع، تمكَنَّتُ من عَدْ بعض المواقع الرئاسية والوزرات التي أسنِدت لأبناء دارفور المُوالِين للمؤتمر الوطني، فطاف بالخاطِر، نائب رئيس الجمهورية ووزارة المالية والعدل والإعلام والصحة(مؤخراً)، فضلاً عن السلطة الانتقالية الإقليمية لدارفور بمفوضِيها الذين يزيد عددهم عن السِتَّة وهم جميعاً بدرجة وزير دولة، طبعاً لم أحسِب وزراء الدولة من أبناء إقليم دارفور في الحكومة الحالية فهم بعددِ الحَصَي.. سؤال الأستاذ صلاح شُعيب هو، لماذا قامت حكومة المؤتمر الوطني بتخصيص هذا الكَمْ الهائِل من الوزارات لأبناء دارفور؟؟ وهو سؤال مُهِم وعادِل ومنطِقِي، رُغم أننِي في هذه الأيام في شُغْلٍ شاغِل لا يتيح لي الكتابة لو لا الأهمية البالِغة التي إنطَوت عليها فَحْوَي مُهاتَفة الأخ صلاح شعيب، فقدرت أن أكتب لتوثيقه وتبيانه كفكرة ومنظور عادل لا يمكن تفويته، وأن المرمي من وراء هذه الجيش من أبناء دارفور في الرئاسة والوزارة ليس إقامة العدل والوزن بالقسطاط المستقيم، ولكنه خبث ودهاء وإنكار للأشياء، وأن الأحوال في دارفور تسوء كلما تم تعيين أحد منسوبي مجرم التطهير العرقي والإبادة الجماعية في موقع رفيع في الحكومة المجرمة المطلوبة بأكملها للعدالة الجنائية الدولية، ولا يطلع فجر يوم من أيام الله وإلا ورد إسم جديد من وزراء الحكومة المجرمة في قائمة المطلوبين للعدالة الجنائية الدولية، فلا يمكن للعدل أن يسود في دولة الظلم التي يحكمها عقلية الظلام الدامس، عقلية لا تنتج غير سياسات دولية قوامها (العالم كله تحت جزمتي، وإشربو من البحر، والجمل ماشي والكلب ما عارف شنو)، يعاونه نائب رئيس حزب هو مدرسة في البذاءة والفجور في الخصومة(ألحسو كوعكم) بالمناسبة أنا فكرت ملياً في إجبار هذا الغير نافع علي لحس كوعه هو الشخصي، وأتركو باقي القصة إلي حينه، نعم نستطيع. ولا أذكرُ، علي وجهِ التحديد، ما قلته للأستاذ صلاح، وقام بتسجيله توطِئةً لبثِه في راديو عافية دارفور الليلةَ أو غداً. وبهذه المناسبة أين راديو دبنقا؟؟ ولماذا لا يتصلون بنا كما كان في الماضي لأخذ رأينا كقيادات سياسية لحركة/ جيش تحرير السودان في قضايا الراهن والمستقبل؟؟ أقول هذا ولدِيَّ شعور لا يخِيب أنَّ، راديو دبنقا قد إنحرَف عن مساره المرسوم وهدفه النبيل الذي قام لأجِله. ويجب مراجعة راديو دبنقا وتصحيح مساره قبل فوات الأوان، راديو دبنقا الآن يكاد أن يكون شيئاً آخر لا يمت إلي مشروعه بصِلة، وهذا موضوع سوف أتناوله بالدِراسة والتحليل في النصف الثاني من شهر يناير المقبل2012م عندما أفرغ مِمَّا أنا فيه الآن. أستاذ صلاح شعيب، لك الوُد والتحايا والإحترام وبعد: أنا اتفق معك أنَّ، كمَّاً كبيراً من المواقع الرئاسية والوزارات في السلطة المركزية لحكومة المؤتمر الوطني قد أوكِلت لأبناء دارفور الذين يُظَاهِرون، في مَعْنَي يسنِدُون ويدعَمُون بلا قيدٍ أو شرط، حكومة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لشعوب السودان في الهامش بقيادة المطلوب نمرة واحِد للعدالة الدولية عُمَر البشير.. هذا أمر مكشُوف ومفضُوح وسَمِج، وآخِر تصريح لشيخ الجنجويد موسي هلال قبل يومين، أنه تم تكليفه من النائب الأول للبشير بعد زيارته الأخِيرة لدارفور لتنشيط وتفعيل العمليات العسكرية في دارفور، وذلك لِشَغْلِ حركات الكفاح المُسلَّح في دارفور بعمليات حربية داخلية، وكبْحِها من تطوير عملياتها العسكرية علي المستوي القومِي تنفيذاً لبرنامج وخطط وأهداف تحالف كاودا الذي أحدث نُقلة نوعية في الكفاح المُسلَّح لإزالة نظام الإنقاذ والقذف به إلي مذبلةِ التاريخ.. ما تعالوا نتكلَّم بِصَراحة: (كاودا)غيَّرَت استراتيجية الحرب ضد المؤتمر الوطني تماماً، كان ناس دارفور وخاصة حركة/ جيش تحرير السودان تُحرِر الأرض، تَحمِيه، وتُدافِع عنه، وتُقِيم فيه نظام إداري وقانوني وإدارة مدنية وأهلِية، وكذلك الحركة الشعبية في الجنوب وكردفان والنيل الأزرق، الآن هذا المنهج أصبح صوتاً من الماضي السحِيق، لأنه بإختصار لن يُسقِط نظام الخرطوم، ولن يشكِّلَ خطراً علي المركز، ولَنْ يُتهدِد حياة الجُناة الغُلاة العُصاة أبطال الفظائع ضد المدنيين في عموم السودان، وبالتالي، يفهم النظام جيداً أن حركات الكفاح المسلح في هوامش السودان المختلفة قد زهِدت عن القتال في تلك الهوامِش النائِية التي لا تشكل خطراً ولا تهديداً مباشراً علي الخرطوم.. الأمر الذي جعل السيد/ علي عثمان محمد طه يزور دارفور خلال هذا الشهر لإستنهاض هِمَم المليشيات المُرتزقة التي يقودها بعض أبناء دارفور لتحريكها وشنْ عمليات عسكرية علي الحركات المسلحة في دارفور لشغلِها عن قضِيتِها الإستراتيجية القومية وهو الإنقضاض علي الخرطوم من كلِ حدبٍ وصوب لتحريره وطرد المجرمين منها وإقامة حكومة وحدة وطنية انتقالية مهامها محددة ومُعلنة في البيان السياسي لتحالف كاودا الأول7/8/2011م، والثاني 11/11/2011م عندما إنضم إلي التحالف حركة العدل والمساواة بعد أنْ تأكَّد لها أن الدولة القادمة في السودان المُتبقِي هي دولة مُواطنة متساوية وهَوِيِّة حقيقية تُعبِّير عن هجين الشعوب السودانية، دولة حريات عامة وحقوق أساسية، وتعدد سياسي وحكم قانون وفصل السلطات، وفصل تام وكامل بين المؤسسات الدينية وأجهزة الدولة، بتعبير آخر وأسهل: (تاني ما فِي دولة دينية جهادية وهوس ديني وحور عين في السودان)، السودان القادم/الجديد هو دولة مدنية يحكمها القانون، وأنَّ الدِين في العالم الحديث وفي الألفية الثالثة هو القانون، القانون هو الذي يحكم علاقة الناس بالدولة وعلاقتهم ببعضهم، أمّا التعَّبُد والتديُن فهي لإزكاء الهِمَم وكَسب القِيم في مقدمتها قيمة الصدق مع النفس ومع الناس، فهل مرَّ علي تاريخ البشرية أفسد وأكذب وأخون من هذا النظام الذي أتي به الترابي ليلة الثلاثين من يونيو1989م؟؟. الدولة القادمة يتلغي وتحل المؤسسات العسكرية القائمة وإعادة بنائها علي المِهنية، ومعايير عادلة لإقتسام السلطة والثروة.. الجيش الحالي جيش غير قومي، جيش خاص يخدم أجندة خاصة للنظم التي تتوالي علي الحكم لإذلال العباد، جيش تخصص منذ خروج الإنجليز في قمع الشعب وقتله وتهجِيره وتحقِيره وإزدِرَاءِه، هؤلاء العسكر أمثال عمر البشير يُسَمّْوُن الشعب السوداني(مَلَكِيِّة) في ذِراية واضِحة بجميع قطاعات الشعب، البشير يُسَمِّي غالبية الشعب السوداني (عَبِيد) ووكان يسمي أحد أعوانه المقربين(فِريخ !!)، هذا رجل موبُوء ثقافياً بأزِمات العصر الحجرِي، ولا يرجي بُرأه منها، ولكن البشير نفسه، ضحية مؤسسة ثقافية ظَلَّت تحكِم السودان منذ خروج الإنجليز، ولَنْ أقول الإستقلال لأن الذي تم هو إستِبدال مُستعمِر (خواجة) بمستعمِر آخر مُنبت (شِبه خواجة)، ولهذا قِصَّة سنوردها في المستقبل ونفصِّل فيها. والحقيقة أن المؤسسة العسكرية السودانية، في الأدب الشعبي/المدني السوداني، هي مؤسسة التبلُّد والغَبَاء والرُعونة في نظر المدنيين الذين يمرُّون كِرَاماً علي مواقع إساءة الجُهلاء الغِلاظ دوماً. الدليل علي عدم نبوغ عَسْكَر السودان هو، لم يحدُث أنْ قدَّم أول الشهادة السودانية للإلتحاق بالكلية الحربية، لا، قصدِي لم يحدث أن قدم الحاصل علي الدرجة العشرة ألف في الشهادة السودانية للإلتحاق بالكلية الحربية، فليمتنع العسكر عندما يكون الحديث في الفهم والفِكر والرأي. أقول للأخ صلاح شعيب، ولمصلحة التنوير ورفع الوعِي بشكل عام، أنَّ تعيين أبناء دارفور أو الجنوب أو كردفان أو الشرق أو الجزيرة أو الشمال الأقصي في كافة المواقِع الحكومية، من لدُن رئيس الجمهورية إلي وزير الدولة بوزارة الثروة الحيوانية (ترميز لقاع الدَرَج الوزاري في السودان!!) لن يحل أزمة الحكم في السودان..السودان يُعانِي من كيف يُحْكَم، وليس مِنْ، مَنْ يحكُم.. مشكلة السودان في الهَوِيَّة المُزُيَّفَة المُستعارة من الخارج، والمواطنة المختلَّة المُتدرِجة، والثقافة المفرُوضة وتدجين المجتمع وإعادة تخليقه وفق هوي أهل المركز الذين يفرضون دينهم ولونهم ولغتهم وثقافتهم علي جموع الشعوب السودانية، ومعايير ظالِمة لإقتسام السلطة والثروة، في الحقيقة لا توجد معايير، لأن كلمة معيار توحي بالقاعدة(Rule) المعيار هو مزاج الحاكم بإسم الله، دون أن يوضح لنا متي ولماذا أرسله الله لحكمنا، وهل الله يرسل للحكم من يظلم الناس وينكر عليهم حقيقتهم ويطلب منهم أن يتركوا ما فطرهم عليه الله ليتبعوا لُغة المٌرسَل لحكمِهم ولونِه ودينِه؟؟ مشكلة السودان في مُصادرة الحريات العامة وحقوق الإنسان، والأحكام العُرفية الدائمة والقتل، مشكلة السودان في الأحزاب التقليدية الداجِنة التي تُسَرِّب في الظلام أبنائها لمواقع السلطة لتتدرب علي الحكم من نظام التطهير والإبادة، فماذا سيتعلم أبناء السيدين من نظام البشير غير الفساد والكذب والقتل وإن شاءوا أم أبوا الرقص معه؟؟ هذا دليل قاطع علي إستدامة الإستهبال السياسي وتكريس تزوير إرادة الجماهير وتغبيش وعيها وتنويمها بأوهام الدِين ووهَمْ السِيادة والشرف!!. يا أخِي نعم قُلنا أنَّ دارفور مظلومة وغير مُمثَّلة في السلطة المركزية، ولم تنل نصيبها من السلطة والثروة والتنمية، قلنا أن هويتها مُغيَّبة، ومُزيَّفة، وثقافتها ولغاتها مهددة باللغة العربية المفروضة، كل هذا صحيح ولكن: الغرابة في أن يقوم نظام التطهير العِرقِي والإبادة الجماعية في دارفور، بتسكين أبناء دارفور في الوزرات المركزية المهمة(مالية/ عدل/إعلام/صحة، إلخ؟؟)، نحنُ نَحِبُ العدلَ لنا ولسِوانَا، وهذه الحكومةالتي شُكِلت أخيراً ظالمة، لدارفور ولبقية السودان.. فهي ظالمة لدارفور لأن الذين تم تعيينهم فيها من أبناء دارفور هم ألدَّ أعداء دارفور وهم حجر عثرة حقيقية لمستقبل الدولة السودانية والتغيير الحتمِي القادم، هؤلاء ظلُّوا منذ العام 2003م يبصمون بالعشرة علي الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب ومصادرة كافة حقوق الإنسان والحريات العامة، يفقهون عبارة واحدة، سير يا بشير: ولا يدرُون أنَّ البشير سائرٌ بهم جميعاً إلي الجحِيم. هؤلاء بتكليفهم في هذه المواقع الرفيعة في دولة مُنْحَطَّة ووالِغة في دِماء شعبِها وشرف حرائِرِها، قد بصموا قبل أداء اليمين علي قتل وإبادة وسحل من بَقِيَ من أبناء دارفور وعموم الهامش السوداني علي قيد الحياة. وحكومة المؤتمر الوطني الهالِكة تفعل ذلك لتضع أبناء دارفور وعموم الهامش في المواجهة المتقدمة مع مقاتلي التحرير والتَحَرُر (Freedom Fighters)، وهذه الأرتال من وزراء السُوء والزُور والفَسَاد والخُنُوع هُمْ آخر من ينبِث ببنت شفّة في قول الحق، هؤلاء لا خير فيهم، فاسدون في أنفسهم، مفسدون لغيرهم لا خير فيهم لأنفسهم ولا لأحدٍ غيرهم. دعونا أيها الأهل والأحباب في عموم السودان والهامش بشكل خاص أن نتبرَّأ من ألاعِيب المؤتمر الوطني ومنسوبِيه المُدجنَيِن من أبناء دارفور الإنتهازِيين الخانعِين الذين رَضُوا بالوزارة لتمرير جرائم المؤتمر الوطني الوَالِغ في دماء شعوب السودان حتي أذنيه، فهنيئاً لكم أيها الوزاء ونواب رئيس الجمهورية المرعوب من المحكمة الجنائية الدولية، مبروك عليكم خيانتكم لقضية الوطن والرِضاء بالعلف، وألا ليتَ اللِحي كانت حشيشاً لتعلفه خيول الإنجليز.. وكُلٌ يأكُل زَادُه, والحساب ولد: مِنُو العسكر مع الطُغيَان، ومِنُو السَلَّم صِغَارُه الغول. (نلتقي منتصف يناير2012م وعيد ميلاد سعيد، وكل عام وانتم بخير)