هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يَنْبَغِي أن يكونَ لإحداثِ التَغْيِير المَنشُود فيِ (السودان) .. بقلم: عبد العزيز عثمان سام/كمبالا
نشر في سودانيل يوم 12 - 03 - 2011


11 مارس2011م
في خلوة قراءة، وتأمُّل، فيما يجري في الساحة السياسية السودانية، وحِراك قطاعات الشباب والطلاب والمرأة، وكل القوي الحَيَّة في مجتمعات السودان المختلفة، وانتهيتُ إلي أن أمر التغيير المنشود ما زال في بدايته ولم يَنْضَج ولم يَحِن قِطَافَهُ بعد.. ويتضح ذلك من التساؤلات البديهية التي تخطر ببال المواطن العادي البسيط وقود ثورة التغيير من شاكلة: نثور لتحقيق ماذا؟ لنطرد البشير؟؟ جيد، ولكن مَن البديل؟ وأين الدولة ذاتها؟ وكيف يجب أن تُحكَم إن وُجِدَت؟ وما نوع الدولة المنشودة، دينية عِرقية، أم بهوية تُعبِّر عن هجين الشعوب القاطنة فيه؟.. وطبعاً برضو لقيت في ناس مرشِحين رؤساء لخلافة(البشير)في رئاسة (السودان) الجزء الباقي بعد انفصال الجنوب!! دون أن يذكروا لنا عشان يحكموا من؟ ولماذا؟ وعلي أي أساس؟ وأين المشروع الوطني المتفق عليه بين الجميع؟؟ وأين العقد الإجتماعى الجديد لسكان الرقعة الجغرافية المتبقية من السودان القديم الذي انهار بانفصال الجنوب؟؟ وما هي ضمانات الوحدة الطوعية الجاذبة؟.. كل هذا غير مطروح الآن كأساس ومرتكز للتغيير المنشود، وكل الجهود منصبة للعمل علي طرد العصابة الحاكمة قبل إيجاد أو الاتفاق علي مشروع وطني بديل!! ويأتي ذلك في سياق الاستهبال والخَمْ السياسي الذي تُمارسه التنظيمات السياسية في المركز/الخرطوم وهي مصابة بالهَرِمَ والشيخوخة، الآن تنشط الأحزاب والتنظيمات لتحريك الشارع للانقضاض علي حكم الإنقاذ لتكرار الدائرة الجهنمية، حكم ديمقراطي كسيح بلا مشروع وطني، يعقبه انقلاب عسكري ينفذه ضباط جيش من أبناء المركز العروبي الاسلاموي، يعلون ظهر الشعب لعقدين من الزمن أو أكثر، يمارس خلاله العسكر المقامرين قمة القمع والقهر والجرائم والفظائع والفساد، كما فَعَلَ ويفعل نظام (البشير) الذي أتي به الشيخ (الترابي)وحزبه الإسلامي..إذاً، الشعوب السودانية غير قادرة ولا راغبة، علي الأقل حتى الآن، علي الاجتماع حول مشروع وطني ببرنامج شامل وكامل يُحفِز شعوب السودان علي الثورة علي النظم الباطشة البالية.. هذا، وكنت قد اطلعتُ علي المشاركات المنشورة في المواقع المختلفة وبخاصة(الفيس بوك)، لكني، لم أعثر علي عبارة واحدة تُعَبِّر عن القضية التي يؤمن بها أهل الهامش السوداني وحملوا السلاح لتحقيقها وأُبِيدَ أهلهم واغتصِبَت نساء دارفور مهراً لتحقيق ذلك الهدف النبيل الغالي، لم أجد عبارةً واحِدة تتناول الهَوِيَّة، والهَوِيَّة هي كلمة السِر لإعادة بناء دولة حقيقية وناجحة في الجزء المتبقي من السودان القديم، والمشروع الوطني المنشود عنوانه: الهوية الحقيقية المُعَبِّرة عن هجين الشعوب القاطنة في الجزء المتبقي من السودان القديم، هذا إذا أراد الناس بناء وطن حقيقي يسكنه ويخدمه مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.. وقد أقلقني أن لم أجد في كل المنشور، وهو كثير، كلمة أو عبارة واحدة لمصلحة المشروع الذي عملنا فيه مع الرفاق نحو عشرين عام ونيف.. ولم اقرأ كلمةً واحدة عن هوية الدولة القادمة، لم أر عبارة واحدة تُعبِّر عن ضرورة تكريس المواطنة المتساوية لسكان الدولة، أي دولة..الآن نحن مجموعة شعوب تقطن في رقعة أرض تم توحيدها قسراً، ولسنا شعبٌ واحد، ولكي نصير ونبقي دولة واحدة لازم نكون في الأول، شعب واحد، وعشان نكون شعب واحد، ليس بالضرورة أن يكون لوننا واحد أو لغتنا واحدة أو ديننا واحد أو قادمين من إقليم واحد، لكن مهم أن يكون عندنا قِيَم واحدة، وأن تقوم العلائق فيما بيننا علي الحُب والصدق، لا علي الغش والكراهية، وعلي والاعتراف والاحترام المتبادل بيننا لا علي الإنكار والإكراه الاجتماعي والتعالي العرقي والمصلحة الضيقة، يعني ما مُمكِن نستمر في التناقض العجيب الذي ظللنا نعيشه خلال العقود الماضية: نتظاهر ونتغنى بِحُبِ الجنوب، مع أن تصرفاتنا وسلوكنا وثقافتنا الشفهية ووجداننا السقيم المشوه ينطق بكراهية شديدة للجنوبيين وحديثنا العام ونكاتنا السخيفة مُفصَّلة للحط من قدرِهم وتحقيرهم وعدم الثقة بهم والتَرفُّع عليهم عرقياً ودينياً.. وبنفس القدر، يهتف أهل المركز في وسائل الإعلام المختلفة، كل يوم، بحُبِّهم لدارفور، وأنه بلد القرآن(مع أن القران لم ينزل في دارفور) وحكومة المركز وأهله يقتلون أهل دارفور صباح مساء، ويغتصب جيش المركز ومليشياته نساء دارفور كل يوم، ويرسل المركز كل يوم، بسبب العمليات العسكرية ضد المدنيين في دارفور، أرتالاً من الدارفوريين إلي معسكرات اللجوء والنزوح بضربهم بطائرات الانتنوف والهليوكوبتر آله الموت والدمار، وترسل الخرطوم إلي أهالي دارفور كل يوم مليشيات سفاحين نَزِِقَين ومتعطشين لارتكاب الفظائع والموبقات التي لا يفكر فيها حتى إبليس، أي حُبٍ هذا يا نظام الخرطوم ويا جلابة المركز منذ الأزل، أي حبيب هذا الذي يرسل للمحبوب كل أسباب الموت والهلاك؟؟ إن أهل المركز والخرطوم، يُحبون أرض دارفور وخيرات دارفور، ولكنهم حتماً لا يُحبُون إنسان دارفور، ولا ينظرون إليه كمواطن مساوي لهم في الآدمية دعك عن الحقوق والواجبات.. لذلك، فإن كَيلُنا ظلَّ طافحاً وميزاننا مُنذُ الأزل مُختل، نحن شعوب افتقرت إلي الحِكمة عبر العصور فغَويِنا، ولَنْ نَرشُدَ حتى نَعدِل، ولن نَعدِلَ حتى نَحكُم بالقسط، ومناطُ القِسط الشجاعة والاستقامة في تقرير الحق وتقديره ونسبه لأهله، والحقُ هو الله العظيم في إطلاقه، بينما ظلَّ الناس في مركز السودان يعشقون الاعوجاج، ومقاييسهم ومكاييلهم دوماً معطوبة.. أنا ومن معي من رِفاق كِدنا نفقدُ الأمل في الإصلاح، وفي إمكانية العيش في وطن واحد حقيقي وحكم عادل في ظل مواطنة متساوية، وإعمال معايير عادلة لاقتسام السلطة والثروة، وجيش قومي يَحمِي الوطن ويصون كرامة المواطن، وقبل هذا وذاك وطن بهوية حقيقية تُعبِّر عن هجين الشعوب السودانية.. هيا نصحو من أحلام اليقظة الكاذبة دوماً، ونراجع ماضينا الحزين الموشح بالموت والدمار والكراهية والظلم والجحود، ونشوف كُنًّا شغالين كيف، ونتصرف كيف، ونعاين لبعضنا كيف، لازم نِبَطِّل النفاق والأنانية والكراهية والتعالي العرقي الأجوف، وقصة كل واحد منَّا مؤلف لنفسه من بنات أفكاره شَجَرَة نسب تنتهي به إلي حيث يريد هو ويحلُم.. هذه أوهام باطلة لا تفيدنا في شئ، لازم يكون في اسمنت يربط بيننا، هو ده المشروع الوطني.. باختصار المعادلة تقوم علي حتمية أن تكون هناك هوية تُعبِّر عن هجين الشعوب السودانية بتنوعاتها وتبايناتها الفريدة، بمعني تحريم وتجريم المواطنة المتدرجة، ولازم أي شعور بالتدرج في المواطنة يزول فوراً من داخل الرؤوس قبل أن تزول من بين السطور والسلوك اليومي، والتنظيمات السياسية المحكومة بواسطة أسياد وشُرَفَاء؟؟!! لا بُدَّ لهذه التنظيمات أن تستحِي من أوضاعها المُخجِلة تلك، وأن تتطور داخلياً وبسرعة ليتحول التنظيم السياسي الذي يعمل لإحداث التغيير والثورة، من مِنبَر للنخاسة السياسية إلي مؤسسة سياسية محترمة عندها أخلاق ومشروع وطني بدلاً من تمجيد السيد ابن السيد..والأحزاب السياسية السودانية ما عندها ديمقراطية داخلية، ورئاسة الحزب وراثية، نفس طريقة الحكم في الدول العربية، وده لازم يزول مع ضرورة تعديل دساتير تلك الأحزاب لمواكبة قيمة ومبدأ وشعار المواطنة المتساوية قولاً وعملاً.. شكل التكوين والممارسة الداخلية لعمل الأحزاب السياسية السودانية أكثر فساداً من تجربة الحكم لسلطة الإنقاذ، المحسوب كأسوأ تجربة حُكم مَرَّت علي البشرية في العصر الحديث.. إن زمان تمجيد الشخوص قد ولّي، شعارات لن نُصادِق غير فلان، ونُحِب السيد ابن السيد، صارت أصوات من الماضي السحيق.. ثم أن التغيير والثورة، تحتاج إلي شروط وعوامل وعناصر مهمة يتفق عليها جميع الناس منذ البداية، مثل: ما هو المطروح في مسألة هوية الدولة الجديدة بعد انفصال الجنوب؟؟ وما هو نظام الحكم المناسب للدولة؟ وما هي معايير اقتسام السلطة والثروة في الدولة المأمولة القادمة؟؟ وما هو الفهم الجديد لما ينبغي أن يكون عليه الجيش في الدولة الجديدة المُراد لها الاستدامة؟؟ بدل الجيش السوداني القديم الذي تخصص في إبادة الشعب وقمعه وإذلاله، ألا يحتاج موضوع الجيش إلي إمعان نظر وإعادة بناء؟؟ جيش تخصص في القفز علي السلطة كل حين لصالح مجموعة سكانية معينة، ويجب أن نتحدث بصراحة، فلا وقت عندنا نضيعه في الالتفاف علي الحقائق، ويجب أن نتحدث بصراحة شديدة ونسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية إذا كنا نريد إعادة بناء بلد يكتب له الحياة والاستمرار والاستدامة، فمن هم الذين ظلّوا يقومون بالانقلابات العسكرية؟؟ إنهم أهل المركز أليس كذلك؟؟ يعني الجَلابة بالعديل كدة، ويفعلون ذلك لأنهم أقلية لا يستطيعون الوصول إلي كراسي الحكم عبر الديمقراطية الحقيقية عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، لأن نصيبهم العادل لا يتعدى 5% من السلطة والثروة ومؤسسة الدولة، وهو نسبتهم المئوية من مجموع سكان السودان!! ويقومون بتلك الانقلابات العسكرية بالوكالة عن جامعة الدول العربية، لكي يفرضوا علي شعوب السودان الهوية العربية والدين الإسلامي واللون العربي والكذب العربي والنفاق العربي وحتى الشذوذ والتخنُّث العربي، وسلاحهم الفتاك في ممارسة السلطة هو البطش والقمع وإذلال كرامة الشعب وكافة أنواع الاضطهاد ضد الأغلبية من السودانيين من غير العرب والمسلمين، ويعني ذلك أن الذين ظلوا يحكمون السودان منذ الأزل هم مرتزقة يعملون لحساب جامعة الدول العربية، تحت مظلَّة القومية العربية الفارغة من الفكر والمضمون، والفاشلة في تحقيق أي هدف، مشروع معزول مصاب بوهم الكونكورد!! والسؤال قائم، ومُوجَّه لأهل المركز الذين ينشطون هذه الأيام للقيام بثورة جماهيرية لتغيير نظام البشير، ما هو مشروعكم الوطني الذي تؤسسون عليه ثورتكم وتزمعون تنفيذه بعد كنس نظام البشير إلي مذبلة التاريخ؟؟ والجميع يعلم أن ناس المركز ما عندهم مشروع وطني يحل أزمة الحكم في السودان القديم والجديد، وتنظيمات المركز همََّهَا الأول والأخير أن تستديم لعبة الكراسي مع العسكر في حكم البلاد، بلا مشروع وطني، وفي ذلك يتساوى تنظيمات المركز/الخرطوم، والنظم التي تأتي إلي السلطة عبر انقلابات عسكرية، في افتقارها جميعاً إلي مشروع وطني يجمع كافة شعوب السودان علي برنامج يحقق السلام والعدالة والمساواة والكرامة والمستقبل الواعد بالرفاهية..وبعد التراضي علي المشروع الوطني، يستطيع الناس أن يتواضعوا علي خُطة عمل وآليات لخلع النظام، من ضمن خيارات الخطة، الثورة الشعبية المحمية!! هذا يهمنا جدا نحنُ أبناء الهامش السوداني، لكي نعمل مع ناس المركز في بناء المشروع الوطني أولا، ويحتاج ذلك إلي رؤية سياسية مشتركة، تتناول جميع المحاور لإعادة بناء وطن حقيقي، ثم الوصول إلي موقف سياسي وطني مشترك وإعلانه لحشد التأييد الجماهيري، ثم رسم خارطة طريق الخلاص من النظام الحاكم، ثم بناء آليات مشتركة لإحداث التغيير المأمول بمشاركة كافة قطاعات شعوب السودان لإسقاط النظام وإعادة بناء دولة سودانية حقيقية وصحيحة ومعافاة. بمعني بناء عقد اجتماعي متفق عليه بين جميع الشعوب القاطنة في هذا الجزء من الكرة الأرضية، وتضمينه في دستور، ثم بناء آليات انتقالية لتنفيذ محتويات الدستور بضمانات تكبح الاستهبال والخم السياسي ونقض العهود والمواثيق، ليكون التحدي بعد ذلك هو، الوصول إلي مرحلة الانصهار الوطني.. علي أن يُضَمَّن في الدستور الانتقالي، حق جميع الشعوب بمختلف أقاليمهم، في ممارسة حقهم الثابت في تقرير مصيرهم بإقرار الوحدة الطوعية المُعبِّرة عن هويتها ووجدانها، أو الانفصال وبناء دُولِها الحُرَّة المستقلة في أقاليمها، ضمانا لقيمة الوحدة الطوعية للشعوب وحفاظاً علي كرامة البشر، وهل للإنسان إلاّ كرامته التي ميزه بها الله.. هل رأيتم صعوبة مشروع التغيير ومراحله وتعرجاته؟. ويجدُر ذكر أن الشعوب في الدول المسماة عربية، التي انتفضت وغيَّرَت أنظمتها الدكتاتورية الحاكمة، هي شعوب عندها هوية ومحور تماسك عاطفي ووصلت إلي درجة مناسبة من الانصهار الوطني، بينما نحن في السودان، ما زلنا مجموع شعوب، تفتقر إلي المقومات الأساسية للدولة، حيث ما زلنا بهوية مستعارة وثقافة مفروضة وملقنة وثروات منهوبة.. وبالله عليكم من منكم، من غير أهل دارفور مُهتم بصدق بالذي يحدث لأهل
دارفور أو يراقب ما يجري هناك من مصدر موثوق؟؟ كاذب من يقول لك من أهل المركز السوداني، أن إنسان دارفور والجنوب والشرق والنوبة والنيل الأزرق والشمال القَصِي يعنون له شيئاً مكافئاً لهم في المواطنة، ولكن إنسان المركز يهمه جداً الأقاليم المذكورة في حدود اهتمامه بمصادر الرزق والموارد البشرية والمادية التي تأتي إلي المركز من الأقاليم وتثري حياته وتوفر له العيش الكريم في الخرطوم ونواحيه، ونموذج ذلك بترول الجنوب والأثر الذي أحدثه لأهل المركز، ويظل أهل المركز لا يتعظون من مواعظ الحاضر والماضي القريب.. وأهل المركز العروبي الاسلاموي في الخرطوم ونواحيه، لا ينظرون إلي أهل الهامش السوداني العريض باحترام وتقدير صادقين، أو علي أنهم يماثلونهم في المواطنة والحقوق والواجبات، وربما يتأثرون بأحداث غزَّة الفلسطينية أكثر من تأثرهم بفظائع التطهير العرقي والإبادة الجماعية والاغتصاب والتهجير القسري عبر الضرب بالقنابل والحارقة لأهالي القرى والفرقان في دارفور.. وأنظُر إلي الرئيس البشير، وكيف أن وجدانه مشوَّه وعقله سقيم، أنظر كم يقتل حكومة البشير من أهل دارفور كلَّ يوم، لكنه لا يحتمل النظر إلي طفل واحد يصاب بجراح طفيفة في غَزَّة الفلسطينية، لأن وجدانه السقيم يصور له الناس ويصنِفهم بأعراقهم ومشاربهم وألوانهم ألسنتهم، ويعتقد الرئيس البشير أنه عربي وأهل غزَّة أهله يرفع بهم خسيسته، وأن أهل دارفور الذين طفق يَبِدَهم منذ عقد من الزمان من قبائل الفور والزغاوة والمساليت هم ليسوا بشراً في قامة أهل غزَّة، أنظر إلي رئيس يحتقر شعوب بلده ويُفضِّل عليهم شعوب بلاد أخري في قارات بعيدة ونائية!! ولا يعلم الرئيس أن الناس سواسية كأسنان المشط.. وأهل غَزّة الذين يقتلهم عدوهم، ليسوا بأفضل ولا ارفع درجة عند الله من أهل دارفور الذين يقتلهم رئيس دولتهم ليل نهار، وينكر عليهم الحق في الحياة ولا يتحمل مسئولية قتلهم ولا يعترف بأنهم بشر لا يجوز قتلهم أبداً !!؟؟ هذا هو وجدان رئيس السودان، وهو نموذج صادق لأهل المركز السوداني الموهومين بالعروبة والإسلام، وتاريخ الرئيس(البشير) هو بُحيرَات من دماء أهل الهامش السوداني بسبب أنهم زنوج/سود، وليسوا عرباً يستحقون حقن دماءهم في شرايينهم، ومعلوم أن هذا الرئيس المتخصص في قتل الشعب السوداني، كان ضابطاً كبيراً في الجيش السوداني بجنوب السودان حيث تخصص لعقودٍ من الزمان في قتل وإبادة الجنوبيين في قراهم المحمية طبيعياً داخل الأدغال والغابات الكثيفة، وهكذا ظلَّ يصور له عقله المريض خيالات وهمية لماضيه الدموي الموغل في الفظائع ضد القرويين العزَّل، فتركبُه موجة من الأوهام والهواتف والتصورات الفظيعة فيهرب منها بالدخول في نوبات رقصٍ هستيري في مناسبات عامة رسمية، سلوك غريب لا يناسب رئيس دولة يرتدي البزة العسكرية بأرفع رُتبِها، ولا تناسب رجلاً أكمل ستينيات العمر، ويعتِبُ نحو السبعينيات بثبات، هو رئيس الدولة التي كانت تسمي السودان وقد تلاشت واضمحلَّت بحمد الله ولطفه وعدله.. الواجدان المشوه، والضمير السقيم هما متلازمة أهل السودان في المركز المُهيمِن الغاشم ونموذجه الحي الماثل هو، عمر البشير رئيس الدولة لمدة(22)سنة، وكلنا قد تشوهنا وصِرنا دُمِي نتحرى الكذب، ونمارس والعادات السرية كل يوم، ونهتف ونهلل ونُكبِّر بجنون ونفاق في الفراغ الواسع منذ اليوم الذي فرضوا علينا قسراً أن نكون عرباً، وقسراً كنّا مسلمين، وكذابين قسرا.. وفي الختام نقول بصدقٍ وتواضع شديدين، أنَّ أي تغيير لسيد بسيد آخر أكثر حماقة هو عمل ممنوع، ونحن أبناء الهامش ضده ونناهضه ونقاومه.. ولكننا مستعدون لأن نَبنِي مع الناس، كل الناس، مشروع وطني شامل، ونتعاهد عليه جميعا بصدق، ليشكل لنا نواة وحدة حقيقية، ويكون لنا مستشفي نعالج ونتعافى فيها من أمراضنا المُزمِنة، ويكون هذا المشروع الوطني الشامل محوراً للتماسك العاطفي لجميع شعوب السودان ننطلق منه لبناء دولة بهوية حقيقية، ويتساوى فيها الناس علي المواطنة، دولة يحكمها القانون وتتاح فيه الحريات، دولة تسير بمواطنيها في الطريق إلي الرفاهية كأعظم غاية تنشدها الشعوب الحرة.
Abdelaziz Osman Sam Yonis [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.