بقلم طاهر عمر [email protected] يرى جون ماينرد كينز أن هناك ضرورة لمعرفة تاريخ الأفكار بشكل عام , وتاريخ الفكر الإقتصادى بشكل خاص.ويرى أن كل الأفكار التى يذكرها تاريخ الفكر الإقتصادى يجب ألا تهمل حتى التى يجانبها الصواب .عكس سيغموند فرويد .وقد ذكر فرويد في إحدى رسائله بأنه لم يكن رجل علم حقيقى ولا مراقب أو خبير ولا مفكر بل بدافع الإستطلاع كان غازيا يرتاد تلك الحقول بشجاعة المفكر والمراقب .وقيمة مثل هؤلا الناس لا تكون إلا إذا حققوا نجاحات فيما إرتادوا أو حققوا شئ ذو قيمة وإلا يجب أن يبعدوا عن مصاف الرواد. وهنا تتجلى عظمة مساهمات رجال الدين المسيحى ,ودورهم الجبَار في تاريخ الفكر الإقتصادى أمثال القديس توما الإكوينى وجون كالفن .وأهمية أفكارهم تنبع من الصعوبة التي تواجههم من داخل التراث المسيحى الذى يري أن التجارة عمل غير أخلاقي.وحينها كان التراث المسيحي يمثل روح التراث اليهودى الممتد لأكثر من ثلاثة ألف عام .فمن هذا المنطلق نجد أن مساهماتهم لها إعتبارها الخاص حسب وجهة جون ماينرد كينز وكذلك من جانب رؤية سيغموند فرويد. فمثلا نجد أن توما الإكويني وفي مواجهة أفكار إبن رشد إضطر لإضافة أفكار فيما يتعلق بالتجارة والنقود لم تكن مسلك لأباء الكنيسة.ولذلك لم يستطع تاريخ الفكر الإقتصادى تجاوز أفكار القديس توما الإكويني .وحتي الكنيسة الكاثوليكية في مراحعاتها عام1879نجد أن البابا ليون قد قدم أفكار القديس توما الإكويني كأفكار تمثل فكر الكنيسة الكاثوليكية.و اليوم نجد تيارا داخل الكنيسة يسمون أنفسهم الإكوينيين الجدد .ويرون أن أفكار توما الإكويني هي التي تستطيع أن تقدم أجوبة لكل الأسئلة التي تطرحها الحداثة في وحه الكنيسة الكاثوليكية . وكذلك نجد اليوم أن الكنيسة الكاثوليكية قد أنصفت دانتي وتري أن أفكاره في الكوميديا الإلهية تضعه في مصاف المبشريين بالفكر الكاثوليكي.فقد أنصف دانتي من الأحكام المتسرعة التي أصدرتها الكنيسة ضد خصومها.فهل يستطيع الإسلاميين مراجعة أحكامهم المتسرعة ضد المفكريين أمثال نصر حامد أبوزيد والأستاذ محمود محمد طه ونجيب محفوظ وأولاد حارتنا كما فعلت الكنيسة الكاثوليكية مع دانتي والكوميديا الإلهية؟ فبفضل أفكار توما الإكويني وجون كالفن قد أصبح العمل إحدى الفضائل كما كانت فضيلة الإنشاء والبناء عند الرومان والإغريق من قبلهم.وبما أن الكنيسة كانت ترى أن التجارة والنقود عمل غير أخلاقي كانت تجبر اليهود علي ممارسة التجارة والأعمال الربوية لأنها تري في ذلك عمل يغضب الرب وكانت الكنيسة تضطهد اليهود . ويري تاريخ الفكر الإقتصادى إن إجبار الكنيسة لليهود علي ممارسة التجارة كعمل غير أخلاقي أدي لتراكم الثروة في أيدى اليهود الي اليوم. أما جون كالفن فيعتبر من الإنسانيين الكبار ويرى كثير من الدارسيين لتاريخ الفكر الإقتصادى بأن كالفن يعتبر مجدد ويضعونه جنب لجنب مع مارتن لوثر .تأتى أهمية كالفن فى مقدرته علي فك الإرتباط مع التراث اليهودى القديم والممتد لأكثر من ثلاثة ألف سنة بخطوة جبَارة تجاوز بها فكرة الرباء وفكر الكنيسة المتخلف فيما يتعلق بالتجارة والنقود.ففي رسالة لأحد أصدقاءه بتارخ 1545برر فيها جون كالفن سعر الفائدة وفك فيها الأرتباط مع فكر الكنيسة المتخلف فيما يتعلق بالتجارة والنقود والرباء.فحسمت الأمر لصالح كالفن كأب شرعى لفكرة سعر الفائدة وبها أصبحت البروتستانتية روح يصحبها العمل الجبَار فيما يتعلق بتطور الفكر الرأسمالى . تأتي أهمية أفكار جون كالفن لأنها كانت إختراق لبناء سميك من الصعوبات الراسخة عبر القرون مثل فكرة أن التجارة والنقود عمل غير أخلاقى. وكان ذلك محرم في الإنجيل, ووفقا لتعاليم آباء الكنيسة, وكذلك في بعض التشريعات الرومانية القديمة .لذلك يري ماكس فيبر في كتابه الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية أن جون كالفن يعتبر الأب الشرعي للرأسمالية.وأن فضيلة العمل التي أدخلها البروتستانت أدت الي إزدهار الدول ذات الأغلبية البروتستانتية. وفي نفس الوقت يري تاريخ الفكر الإقتصادى أن الإزدهار أعقبته فترة الإستعمار ونهب ثروات الشعوب الأخري .فأفكار جون كالفن كانت ثورة ثقافية تمخضت عنها الثورة الصناعية وإزدهار التجارة .وهذا بسبب الخروج علي الكهانة التي تقوم بها الكنيسة الكاثوليكية.قبل أفكار كالفن كان سائد من تعاليم الكنيسة أسهل أن يلج الجمل من سم الخياط من أن يدخل غني الي ملكوت الله . جاءت أفكار كالفن موافقة لأفكار مارتن لوثرفي فكرة أن عمل الإنسان مواءزرة لعمل الله نفسه.فعندما نري دور رجال الدين المسيحي ودورهم في تطوير الفكر الإقتصادي يخطر بالبال حال الإسلاميين ووقوفهم أمام تيار الحياة وهذا يضعهم في خانة العدميين أعداء الإشراق والوضوح .فهاهي الإنقاذ تقف سدا منيع بين الشعب والتطور .فمازالت فكرة الرباء التي تجاوزها جون كالفن عام1545تشغل عقل مفكرى الإنقاذ اليوم وبعد كل هذا التخلف يزعمون أنهم يستطيعون منافسة العالم وهزيمته سياسيا وإقتصاديا بأفكار دولة الفونج.لأن كالفن عندما أصبح الأب الشرعي لفكرة سعر الفائدة كان ذلك العام يوافق مرور أربعين عام علي قيام دولة الفونج الإسلامية التي كانت تصَدر مواطنيها كرقيق.واليوم تشرد الإنقاذ المواطنين سواء كان ذلك فى مناطق الحروب في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور وتفقر سكان المدن ألم يكن ذلك عقل دولة الفونج التي كانت تصدر العبيد ؟ راشد الغنوشي بوعده الذي قطعه سيصبح كجون كالفن وخاصة عندما إنتقد نظام الإنقاذ ونظام إيران.وسيمهد الطريق للخروج من كهانة الإسلاميين . إنتصار الإسلاميين اليوم ورطة كبيرة لهم سيجدوا أنفسهم مجبريين علي فعل مالا يؤمنون به .لذلك سيغضبون من نصائح أردوغان كما غضب من نصيحة أردوغان أخوان مصر.فالتاريخ مليء بمن وجدوا أنفسهم مضطريين أن يفعلوا عكس ماكان سائد. أحد مبدعي الدستور الأمريكى ذكر عبارة إنه القدر لتبرير ما كتب في الدستور من قوانين تخالف ما هو سائد من مفاهيم .سانت اغسطين إضطر أن ينتقد ماكان سائد وراسخ في سبيل ترسيخ إيمانه الجديد.الغنوشي سيذكره التاريخ اذا أوفي بوعده .أما الإنقاذ وأفكار السيف والقطع سيحصدها منجل الحصاد الأكبر وتكنسها مكنسة الفناء الأبدى وحينها لا ينفع الندم وصرير الأسنان كما كان يقول السيد المسيح.فالأن أي الإنقاذيين في أنتظار من يعمدهم بالدم .ونقد الغنوشي للإنقاذ وضعهم في موقف المفضوح .فمسألة زوال الإنقاذ مسألة زمن فإذا لم يسقطها السودانيون بفعل واعي وهادف من أجل قيام جمهورية الأساس فيها للمواطنة ستسقط الإنقاذ بالتقادم بفعل النقدالذي يوجهه لها الإسلاميين انفسهم أمثال أردوغان وراشد الغنوشي الذي عاش في الغرب وعرف معني الحرية . أماجرائمها ضد المواطنيين فلا تسقط بالتقادم .