[email protected] ما حدث ومازال منذ نعومة أظافر العام 2011 والى يومنا هذا شىء اقرب الى الخيال ,بل أن الخيال نفسه يصاب بالخبال ويفر هاربآ إذا ما حاولت نسب ذلك إليه , فمنذ أن ولد هذا العام بمخالبه كشف وكشر عن اسنانه , وكانه يقول لكل من يمشى على ظهر هذه الدنيا : لاتأمن لي أو لها , أو يقول لمن تداعبه الدنيا ويداعبها : عشرة أعوام أخرى مثلى وتقوم الساعة . لكن الذين يتابعون بإهتمام مجرى الاحداث الدائرة فى العالم ويترقبون بحذر ظهور علامات الساعة رويداً فرويداً, لكأن ما حدث )بالنسبة لهم( هو خروج مارد من عنق زجاجة ,ظلوا فى إنتظاره لسنوات طوال ولم ينخدعوا بأن الليل مازال طفلاً يحبوا وأن مثل هذه الاحداث الجلل التى حدثت فى عام واحد تحتاج الى الف عام وعام لكى تصبح حقيقة على ارض الواقع. هؤلاء هم الواعون حقاً وما أكثرهم, بانه ليس من الضرورى أن تستمر هذة الحياة لملاين او مليارات السنين حتى تقوم الساعة, ولا احد هنا يتنبأ بموعد حدوثها بل ليس مطلوب من احد فعل ذلك , ولكن ماهو مطلوب واضح وبين, فليعمل الانسان لدنياه كأنه يعيش ابداً ويعمل لاخرته وكأنه يموت غداً, وهنا مربط الفرس. ومع ذلك فإن سرعة الاحداث المتلاحقة التى نراها امامنا مخيفة وعظيمة ولاتكاد تصدقها الكثير من العقول والافئدة , وبالتحديد فى هذا العام ماحدث فيه من معظم الاحداث انما هى نتاج تراكم عظيم خلفه الحكام المستبدين والظلمة , فبالامس القريب كان الحكام يتريعون على عروشهم الحصينة المنيعة غير خائفين او متوجسين من غدر الزمان وكأنهم لم يسمعوا بتلك القصص التى نعلمها جميعا عن حكام آخرون )في الماضي( ظلموا وبطشوا وعاسوا في الأرض الفساد فكان عاقبتهم الخزي والخسران. فمنذ غزو العراق والشعوب العربية تغلي وتزمجر ويتم كبحها والسيطرة عليها بل تأديبها من قبل هولاء الحكام الذين تسببوا فى جعل هذه الامة (مخصية) لعقود وحقب من الزمان, حتى تراكمت الاحقاد والضغائن فى نفوس الشعوب وجعلتها لا تستطيع فعل شىء ولا تلوي على شىء فقط تنتظر وتنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض , أو تنتظر النجدة التى أتت إليها )بعد طول غياب( في طبق من ذهب يسمى بالربيع العربي. ومع تراكم الفقر والجوع والبطالة وغلاء المعيشة كل هذا لم ينتبه اليه هؤلاء الحكام ,بل لم تنتبه اليه حتى أدوات وأجهزة التخدير الغربية التى تسربت الينا واحكمت رباطها حول أعناقنا ,والتى تتمثل فى وسائل العولمة المختلفة بما فيها الديجتال والفضائيات المختلفة والتكنولوجيا وأجهزة الحاسوب والهواتف النقالة وكل ماهو مغرى ومخدر يكفى مستخدمها طيلة حياته ليظل منبطحاً على اقرب اريكة والتنقل )بالريموت( عبر تلك الفضائيات الرائعة والمدهشة كما يمكنه تقضية حميع إموره داخل منزلة بالهاتف النقال . كل هذة المغريات والمخدرات المتقن دراستها والتخطيط لها مسبقآ لم تهبأ بها الشعوب أو تلقى لها بالآ حينما تواتت الفرصة للتغيير والإنتقال الى مراحل جديدة تحددها هى بدلا من أن يتم التحكم فيها من الخارج وبتوجيهات من الداخل. كثيرة هى تلك الاحداث التى مرت بنا منذ مطلع العام الحالي ومازالت مستمرة لا يستطيع الانسان إحصائها لكثرتها ,ولكنها بالتاكيد غيرت هذا العالم بأسره ,فالملاحظ أن الربيع الثورى لم ينحصر فى الشارع العربى فحسب بل انتقلت عداوه الى جميع دول العالم مع تغيرات ضخمة حتى فى المفاهيم العالمية والسياسات الدولية. وفى الختام نطرح هذا السؤال الرهيب والمحير : هب أن العشرة سنوات القادمة تسارعت فيها الاحداث بنفس الوتيرة التى رأيناها هذا العام بل أسرع قليلا ,هل يمكن أن نشهد ظهور علامات الساعة الكبرى فى عصرنا هذا؟ -------------------------- * مهندس وكاتب سوداني- بريطانيا