اليكم قضية مدحت..مسار آخر..!! الطاهر ساتي [email protected] ** ممتاز..أخيراً، سارت قضية مدير الإدارة القانونية بولاية الخرطوم - والمسماة إعلاميا بقضية المستشار مدحت - في مسارها الطبيعي، وهذا المسار الطبيعي الذي يتسق مع العدل والعقل هو ما طالبنا به منذ يوم نشر القضية قبل شهر ونيف..ولقد أحسن وزير العدل عملا حين إلتمس لرئيس القضاء بتشكيل لجنة تحقيق قضائية للتقصي والتحقيق، وشكرا لمولانا جلال الدين محمد عثمان- رئيس القضاء - لإستجابته على طلب الإلتماس وتشكيله للجنة القضائية..ماحدث أخيرا يؤكد بأننا لم نكن نطلب مستحيلا أو ما يخالف القانون حين ناشدنا رئاسة الجمهورية ووزير العدل برفع مستوى لجنة التحقيق الي حيث مستوى القضية وحجم أطرافها، بل المناشدة بترفيع مستوى لجنة التحقيق خير دليل على إحترامنا للقانون وحرصنا على تحقيق العدالة..ولذلك، هذا المسار القضائي يجدد ثقتنا في طرائق طرحنا لقضايا الناس والبلد، ومع الإيمان بأن الفيصل فيما نختلف فيه هو (القانون فقط لاغير)..نعم القانون، وليس وسائل الترهيب والترغيب..!! ** وبالتأكيد لم تسقط من ذاكرة الناس تلك اللجنة التي شكلتها وزارة العدل برئاسة المستشار محمد وفريد وعضوية آخرين..ومع التقدير للكل، أبدينا تحفظنا بكل وضوح على تلك اللجنة، وأشرنا بكل صراحة الي حزمة ملاحظات منها أن رئيس اللجنة محمد فريد - وكذلك الأعضاء - أقل درجة وظيفية من مدير الإدارة القانونية بولاية الخرطوم، وليس من العدل ولا العقل أن يحقق المرؤوس مع رئيسه..ولا ندري سر ذاك التشكيل الغريب لتلك اللجنة الغريبة، وليس مهما أن ندري، فالمهم أنها لم تعد ذات جدوى، ولم تعد تتقصى ولاتحقق في أمر المستشار مدحت ..وإن كانت لها ثمة نشاط تبقى به في ذاكرة الصحف وقراءها فهو إبتداعها بدعة حظر النشر في هذه القضية..نعم القرار الأول للجنة محمد فريد كان قرار حظر النشر، ولكن الصحف بوعيها كسرت القرار،وخاطبت تلك اللجنة بلسان حال قائل : (عفوا، قرار الحظر يجب أن يكون نيابيا أو قضائيا، ولجان التحقيق لاتملك سلطة إصدار مثل هذا القرار)، ولم تبد لجنة محمد فريد أي رد فعل تجاه رد الفعل الصحف، بل إلتزمت الصمت، حتى تلاشت أخيرا..وكان هذا بمثابة درس لمن يفهمون، أي لكل سلطة حدود يجب ألا تتجاوزها بحيث تعتدي على سلطات الآخرين، وللأسف سلطة لجنة محمد فريد كادت أن تعتدي على سلطة السلطة الرابعة، لولا وعي (بعض الأقلام) ..!! ** على كل حال، فلندع قضية المستشار مدحت تأخذ مجراها الطبيعي..وبالمناسبة، لهذه اللجنة القضائية سلطة إصدار قرار حظر النشر في هذه القضية، حسب تقديرها للحيثيات وعلاقة ما قد تنشره الصحف بتلك الحيثيات..ومع ذلك، ليس من المستحب أن تنتظر الصحف قرارا كهذا لتعرف ما عليها، بل بذات الوعي أيضا يجب أن نلتزم الصمت وننتظر نتائج تحقيق اللجنة القضائية.. وقارئ اليوم يلاحظ بأن زاوية اليوم خبرية ليس إلا، أي فقط ليتابع الرأي العام - مطمئنا - المسار الجديد لهذه القضية، وخاصة أن صدى القضية كان مصدر إزعاج للصحيفة وأقلامها حين تستقبل أسئلة من شاكلة : ( قضية مدحت حصل فيها شنو؟، خلاص ماتت؟، خوفوكم ولا رشوكم؟، خلوها مستورة ولا شنو؟، ووو)،وغيرها من الأسئلة المزعجة التي لاتؤرق مضاجع الأقلام فحسب، بل أيضاتباعد بين المجتمع وراحة البال..نعم الشفافية والعدالة ثم المسارات الطبيعية لكل قضايا الحياة - بحيث تؤدي الى هذه وتلك - هي التي تجعل المجتمع مطمئنا على نفسه وعرضه وماله ، وإذا غابت تلك الفضائل تتكاثر في الأذهان الإستفهامات المتوجسة على الحال العام، وكذلك يتمدد الإحباط ويتقزم الأمل ويتفشى الظلم والفساد..وقديما قالت إحدى الحكم اليونانية بعد سردها لحكاية ريفية : فقط الرئة التي تتنفس العدالة هي القادرة على مقاومة كل أنواع الجراثيم..فليعمل - كل من موقعه - بأن تظل العدالة هي الهواء الذي تتنفسه كل الرئات، وبغيرها لن تقاوم بلادنا كل أنواع الجراثيم، ما ظهر منها وما بطن ..يلا، نتابع - بصمت - اللجنة القضائية وأحكامها..!! ........... نقلا عن السوداني