أجندة جريئة. قتل مع سبق الإصرار..!! هويدا سر الختم استوقفني خبر وفاة ثلاثة أشخاص بمستشفى الحوادث ببحري، نتيجة لعدم توفر الأوكسجين.. (بسبب الأخطاء الإدارية القاتلة.!) وأن إدارة المستشفى شكلت لجنة للتحقيق في الحادثة. والخبر المؤسف مؤكد يستوقف أي مواطن سوداني، خاصة الذين شهدوا عهوداً كانت فيها وزارة الصحة معنية فعلاً بأمر الصحة في البلاد..غير أننا الصحفيون وقفتنا في مثل هذه الظروف تختلف لطبيعة عملنا الرقابية باعتبارنا واحدة من السلطات في الدولة.. غير أنني بصفة خاصة شدني الخبر لأنني ربما كنت شاهد عيان لوفاة حالة في مستشفي حكومي مشهور ومعروف بسبب انعدام الأوكسجين.. خلال الأيام الفائتة كلفت أحد الصحفيين في الصحيفة بإجراء تحقيق صحفي حول خدمات مستشفيات الطوارئ بالعاصمة.. وأخذ الصحفي يسجل زيارات متكررة لمستشفيات الطوارئ بالمدن الثلاثة.. ومن الملاحظات التي سجلها انعدام الأكسجين بهذه المستشفيات.. وخلال الأيام الماضية صدف أن اضطرتني الظروف للذهاب لمستشفى طوارئ حكومي منتصف الليل مع أحد جاراتنا التي تعبت فجأة.. وبعيون صحفية رأيت اشياء عجيبة ليس هذا وقت تناولها.. المهم أثناء تزاحمنا داخل غرفة الطوارئ للحصول على طبيبة تعاين مريضتنا.. حضرت إحدى السسترات متوترة وخاطبت إحدى الطبيبات بأن هناك مريضاً بالأزمة يحتاج إلى أوكسجين بصورة عاجلة.. الطبيبة أشرت تجاه أحد أنابيب الأوكسجين الضخمة الموضوعة بالقرب من (كنبة) يتمدد فوقها مريض.. ردت السستر (بأن هذه الأنبوبة فارغة.!). أشارت عليها الطبيبة مرة أخرى بأن تذهب لتبحث عن أنبوبة في قسم لا اذكره..فردت السستر بأنها تعتقد بأن تلك الأنبوبة أيضا فارغة.. الحديث شدني لخطورته فحاولت التملص من قبضة مريضتنا التي كانت في حالة (صعبة) للتحري خلف هذا الأمر.. ولكن فشلت في مغادرة موقعي خصوصاً وأن والدة الشابة المريضة كانت منهارة أكثر من بنتها.. المهم أن السستر انصرفت.. وواصلنا نحن فحوصاتنا واطمأننا على حالة مريضتنا ونحمد الله أنها كانت بسيطة.. وعند خروجنا سمعت صوت أحد الشباب يبكي بصورة هيستيرية ويمسك بيديه بعض الرجال.. وعلمت عندها أنه شقيق الشاب الذي جاء إلى المستشفى يطلب بعض الهواء ليعيش.. وبما أنني لم أستطع متابعة الأمر وإثبات الحالة لا أستطيع أن أؤكد أن السستر لحظتها استطاعت إيجاد الأوكسجين لهذا الشاب الذي حلم بحياة طويلة وبأسرة يملؤها الحب والحنان.. أم أنها وجدت الانبوبة فارغة كما قالت للطبيبة. صحيفة السوداني قالت إن الثلاثة اشخاص المتوفين بطوارئ بحري لانعدام الأوكسجين كان بسبب خطأ إداري قاتل، ولم أستطِع أن أعلم ما هذا الخطأ الإداري الذي يتسبب في إنهاء حياة ثلاثة آدميين.. وإذا كانت هناك ظروف تسببت في إجراء تحقيق عن هذه الحادثة.. من يهتم لأمر الآخرين الذين يموتون دون أن يكون هناك شاهد إثبات.. وإذا كان المرضى يموتون بسبب نقص الأوكسجين ماذا ننتظر أن تقدمه وزارة الصحة بالنسبة للحالات الأخرى التي تحتاج (لأكثر من مجرد أكسجين..!).. نقص الأكسجين في مستشفيات الطوارئ أصبح ظاهرة غريبة ومحرجة.. وإذا فكر السيد وزير الصحة تسجيل عدد من الزيارات لمستشفيات الطوارئ بصورة عشوائية.. سيجد نقصاً في كل شيء وربما وجد ما فوق تصوره. التيار