(تعيش كتير، تشوف كتير)..! عبد الله الشيخ بحوقلة عالية النبرة، وبدهشة كبرى أو دهشة (ممتعة) يستطيع رجل الشارع العادي أن يتابع ملف الفساد في هذه البلاد.. رجل الشارع العادي يستطيع أن يتحقق من هذا وذاك معتمداً على المصادر الإنقاذية نفسها، أو الأخوانية ذاتها، حتى لا يلقي القول على عواهنه،، وحتى لا يتورط في اتهامات جزافية، أو يصل إلى حد اتهام حكومة الإنقاذ بأنها ليست (إسلامية)..! الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد أعلن مؤخراً سخريته من برنامج الإنقاذ المسمى ب (المشروع الحضاري)، وأكد شيخ صادق على حقيقة وجود الفساد في دولته.. يقول الشيخ صادق ما معناه، إنه عاش، وشاف، لكنه أبداً ما شاف فساد زي دا..! هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد زعيم حركة الأخوان المسلمين، ناعياً تجربة حكم الحركة الإسلامية للسودان.. لقد تحدث كثيراً وبحسرة عن مآل الإنقاذ التي كان في طليعة مؤيديها.. و تحضرني إفادة للشيخ صادق دونها في صحيفة أخبار اليوم / بتاريخ 6/7/1998، على الصفحة الأخيرة.. كتب الشيخ صادق عن تضييع حكومة الإنقاذ للشريعة فقال: (الخمر تشرب في عهد الإنقاذ في الطرقات دون خشية، والمخمورون تزخر بهم الشوارع، والفتيات صرن أرخص من الرماد، فهن في كل شارع ينتظرن في وقت متأخر من الليل من يأخذهن)..! قال شيخ صادق هذا الكلام بعد تسع سنوات من انقلاب حركته الإسلامية التي مازالت تؤكد وحتى هذه اللحظة، إنها جاءت إلى السلطة من أجل تطبيق الشريعة..! الآن، وبعد مرور 23 سنة على حكم الأخوان للسودان يقول شيخ الحركة الشيخ صادق: (أنا الحكومات دي عايشتها منذ ما قبل الاستقلال، دائماً السنوات الأولى بيكون فيها خير، بعدها يتجلّى الانحراف كما حصل الآن.. عايشت الحكومات دي كلّها، وما رأيت حكومة غرقت في الفساد وعدم مواجهة الحقيقة والعدل لكل من يعتدي على المال العام والحق العام مثل ما يحدث الآن)..! وفي رد على سؤال عما إذا كان راضياً عنها عن الإنقاذ قال شيخ الحركة الإسلامية صادق : ( أبداً ما راضي عنها.. وفي مقدور الدولة أن توقف هذا الفساد بالقانون )..! وعن مشاركة حزبه (الأخوان المسلمين) في الحكم، نفى الشيخ صادق المشاركة مع المؤتمر الوطني في حكم هذه البلاد قائلاً: إن مشاركتهم كانت (سطحية وديكوريّة)..! وأضاف الشيخ صادق: (حتى الوزارات التي منحونا إياها كانت وزارات خدميّة، وليست وزارات سيادية أو مؤثرة في كيان البلد ودينها وفي استقامة البلد واقتصادها.. كنا بعيدين جداً، وبالتالي نحنُ غير مساءلين.. باختصار نحن لم نشارك)..! ومع ذلك قال الشيخ صادق: إنه لا يقيّم الإنقاذ بالأشخاص، وإنما بالتجربة عموماً.. هذه الشهادة التي أدلى بها الشيخ تختلف بالطبع عن آراء الترابي في الإنقاذ الحالية، شهادة الترابي مجروحة عند كثيرين باعتبار أن شيخ الترابي يتحدث عن غرماء سلبوه سلطانه..أما شهادة الشيخ صادق فهي شهادة راكزة، وإن كان قائلها قد ظل على ولائه للنظام، رغم ما رأى..! إن شهادات أو إفادات بعض الإسلاميين الصادقين بين الحين والآخر عن تجربة حزبهم في حكم شعب السودان ليست موجعة للإنقاذيين وتنظيمهم الحاكم فقط ، لكنها شهادات وإفادات موجعة لكل السودان..لأنها ندم (بعد وقوع الفأس في الرأس)، واعترافات لا تسندها رغبة في تصحيح الخطايا..؟ شهادات العضوية الفاعلة داخل الحركة الإسلامية عن مآل التجربة لها أهميتها وقيمتها.. لكن ما النتيجة..؟ لقد كان لنا وطن..! لا حول ولا قوة إلا بالله..!!