لكنهم ماتوا !! سليمان حامد تناقلت صحف الأسبوع الماضي حجم الكوارث التي تحدث في مستشفيات العاصمة والأقاليم. مرضى الكلي يعتصمون بسبب نقص مدخلات العلاج وأدواته وانعدام الأدوية والبنج يوقف العمل والعمليات الجراحية بمستشفى السرطان بود مدني، وفاة مواطنين بسبب عدم توفر الأوكسجين في الطوارئ برغم الحوجة الماسة إليه لإنقاذهم. يبادر المسؤولون – خوفاً على مناصبهم- ومن غضب الشعب إلى اللجوء إلى كل التبريرات التي ترفع المسؤولية من الوفيات عن كاهلهم، لكنهم ماتوا أياً كانت التبريرات. فعلى سبيل المثال كشف تقرير لجنة تقصي الحقائق حول حادثة مستشفى بحري أن نقص الأوكسجين تسبب في حالة وفاة واحدة. في حين أكد التقرير إن الأوكسجين لم يكن متوفراً. وأتهم عضوان في اللجنة رئيسها ومقررها بتزوير التقرير ورفضا التوقيع عليه، وأكد وزير الصحة بولاية الخرطوم وجود خلل إداري في توزيع الأوكسجين وعدم وجود نظام محكم لتوفره في مجمع العمليات. أما في مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة بكل ثقلها السكاني فقد توقف العمل بمستشفى الذرة لأمراض السرطان لانعدام الأدوية المنقذة للحياة مثل أدوية الغدد الليمفاوية والرحم والثدي والدم منذ أربعة أشهر، معظم المصابين بهذه الأمراض كما تفيد تقارير المستشفى من الشرائح الفقيرة المسحوقة التي لا تستطيع شراء هذه الأدوية، وتؤكد ذات التقارير إنه من الممكن استيرادها وتوفيرها عن طريق الإمدادات الطبية، يحدث كل هذا لأن الحكومة في موازنة 2012 خصصت للصحة والتعليم في كل السودان(1.5%) ولا نمل تكرار أنها خصصت للأمن وحده( 56%) من ذات الموازنة . وهذا يؤكد ما قلناه من قبل إن هذه دولة بوليسية، همها حراسة نظام الرأسمالية الطفيلية، ولا علاقة لها بصحة المواطن وعلاجه وتعليم أبنائه، يؤكد ذلك أن مرافق الصحة المختلفة تجري خصخصتها على قدم وساق، ويؤكده أيضاً إن معظم الفحوصات المهمة للأمراض المختلفة لا يجدها المواطن في مستشفيات الدولة، بل يكتب له وبلا حياء أو وازع من ضمير إن يذهب للمستشفى الفلاني الخاص ويجري هذه الفحوصات على حسابه، ولهذا يعجز الكثيرون عن دفع القيمة المحددة، ويعود المريض إلى منزله مهيض الجناح ينتظر اليوم الذي يشيع فيه إلى مثواه الأخير، وحادثة الدجل الذي وقع أمام أحد الصيدليات وهو يحمل روشته عجز عن دفع قيمة الدواء المكتوب فيه، ونشرها بالصحف، وجد ميتاً وهو حاسر الرأس حافي القدمين رث الثياب، ولكنه كان قابضاً على روشته علاجه، وداخلها خمسة جنيهات لا تساوي عشر قيمة الدواء. الإسلاميون بمختلف مسمياتهم ومذاهبهم لم يفتح الله على أي منهم بكلمة واحدة في حق هؤلاء الذين يموتون بسبب انعدام الدواء وخصخصة الدولة لمرافق العلاج، ويتأكد كل يوم بعد الإسلامين الصحيح الذي ينصر الفقراء والمساكين ولا يقولون كلمة واحدة في حق حاكم ظالم والساكت عن الظلم شيطان أخرس، بل تفتح مساجدهم لاستقبال عليه القائمين على النظام من قيادات الحزب الحاكم وقواته المسلحة وشرطته. أليس هذا استغلال للدين في فساد البلاد والعباد. ورغم أن الناس يموتون بسبب هذا الفساد يصرح البشير – دون أن يغمض له جفن أو يتمعن ما قاله من قبل مئات المرات أنه يتعهد بمحاربة الفساد ولا تستر ولا كبير على القانون، فأين هذا القانون الذي تتحدث عنه، ولو كنت جاداً حقاً في إصداره لما أخذ ذلك بضع دقائق من وقتك. شعب السودان يعلم إن مثل هذه التصريحات تنتهي بانتهاء اللقاء الذي قيلت فيه، وذاكرة شعب السودان مثقلة بمثل هذه التصريحات( مرتب الغفير قبل الوزير) (ونرفض الوصاية على الوطن) ( حل مشكلة الجنوب لا يستغرق بضع ساعات)..الخ. نحن في الحزب الشيوعي نطالب ب :- - وقف الخصخصة للمستشفيات ومصحات العلاج. - توفير كل متطلبات العلاج بها من أدوية ومعدات وغيرها. - أن يصدر مرسوم جمهوري يقنن مجانية العلاج والفحص وتوفير الغذاء اللازم للمرضى. - أن تتولى الإمدادات الطبية توفير كافة الأدوية المنقذة للحياة في جميع المستشفيات في العاصمة والأقاليم. وهذا لن يتم إلا بقلب هيكلة الموازنة العامة لتسبح النسبة المقررة للتعليم والعلاج ليس أقل من 50% خصماً من المقرر في الموازنة للأمن والقوات المسلحة والقطاع السيادي. النضال اليومي المثابرهو الذي يجعل كل هذا ممكناً. وفي أسوأ الفروض يعري ويكشف كذب النظام وخداعه للجماهير بالشعارات الجوفاء، التي تفاقم من معاناة المواطنين. الميدان