[email protected] قبل عام من الأن وفي مثل هذا اليوم وقعت جريمة فارقة تجاوزت دلالتها ضحيتها والمتهمين. تمثل جريمة الأعتداء علي صفية أبعاد عدة بإمتدادات مختلفة. والثابت أن الضحية ولطبيعة القضية نالت تعاطف الشارع السوداني– إذ أثارت السودانيين في الداخل والخارج وتناولتها القنوات الفضائية. وقائعها ذات بعد سياسي لا ينكر فالضحية تعرضت لها لقيامها بالخروج والإعتراض علي السلطة القائمة وممارسة حرية التعبير والتظاهر. وإخلاقي لا زال له غضبُ مكبوت في نفوس كثيرة وقد حال عليه الحول. وإجتماعياً مست صفية مسلمات إحترام تقليدي لدينا لنسائنا وأخواتنا وبنوت الفريق، المتهمين في البلاغ متهمين بإغترافها بأسم السلطة وبسلطة الجهة المنوط بها أمن الدولة. وأفضت القضية إلي نتائج وردود من قبل السلطة والمسئولين يراها الكثيرون غير موفقة وأنها أضعفت موقفها (أي السلطة) وأحرجت وفضحت نفسها وقضائها وأمنها وشرطتها علي روؤس الأشهاد. ما فعلته صفية وصحبها وصويحباتها من تظاهر لم يكن بدعاً جديد ويمثل تراكم بسيط ومتواتر في مسيرة معارضة أمتدت بضع وعشرون عاماً وكان للأمر أن ينتهي في نهاية يناير من العام السابق مثل ما أنتهت عدة مظاهرات بعدها هنا وهناك أو دامت كأعتصام المناصير لعدة شهور ولكن أجهزة الأمن لم ترد للأمر أن ينتهي ففي مثل هذا اليوم وبعد أسبوعين علي مظاهرات 30 يناير أثناء سيرها علي الطريق العام ومن وسط السابلة تم إعتقال صفية بإختطافها من قبل أفراد من الأمن. لينتهي الأمر بإعلانها أحداث إغتصابها في داخل مكاتب الأمن، وتخوفها علي نفسها بعد فتح البلاغ. ذكرت صفية كل هذا في فيديو نُظر عبر العالم ، لم يستغرب الكثيرين فعلة الأمن ولم يكذبوها فهناك سوابق إتهامات واقاويل. هرع محسوبي النظام في التكذيب ونجحوا فقط في ترجيح إثبات الواقعة لأنهم هم من قدم وثائق الإثبات التي لا يجب أن تكون بحوزتهم. المتهمين من جهاز الأمن ومن أنبري لنفي الواقعة كانت قيادة الشرطة لتقول وتبعها وسبقها رسميون ومسئولون أن الفتاة لا تملك ما يثبت وأن أورنيك الفحص الطبي لا يثبت (عكس ما قال به أطباء أخرون) وانها هربت وهو قول لم يمر ولم يقبل ولم يكن مقنع للكثرة الغالبة، وبعدها طالت محاكمات وجدت رأي عام معارض كل من كتب في الصحف مطالباً بالتحقيق في هذه الواقعة ولا زالت المحاكمات تدورمستهدفة من لم يأخذ جانب السلطة وناصر صفية فطالب بالتحقيق، فيما يفسر بمحاولة لكتم أنفاس القضية عبر القضاء بطريقة أنج سعد فقد هلك سعيد، حوكمت عدة صحفيات ورئيس تحرير صحيفة الجريدة. براءة كان الحكم في إستئناف الأستاذة أمل هباني بعد أن تعرضت للغرامة المالية والسجن بحكم محكمة القاضي مدثر الرشيد ولا زال القضاء يؤجل لعدة مرات محاكمة البروفيسور عمر القراي وأخرين. قبل سنوات وبعد سنين تطابق عمر الأنقاذ أعلن البشير أن بيوت الأشباح لن تعود ثانية ورمي بعض النافذين عبء تلك البيوت علي الشعبيين بطريقة الشينة منكورة وقبل بضعة أيام أعلن البشير وبعد 23 عاماً أن لا محسوبية ولا سياسة تمكين بعد الأن وصحيح أنه لم يقل شئ عن إزالة الضرر وهو المؤشر في مقياس جدية التراجع والمراجعة. في قضية صفية كم من السنين يجب أن ننتظر حتي يتم الإعتراف بضرورة التحقيق وهل سيكون التصريح \"لا إغتصابات في أجهزة الأمن بعد الأن، فلتة ستفلت من مسئول في لحظة خطابة، ما الذي يمنع التحقيق في هذه القضية رغم ما أثارته من غبار علي حرية التعبير وعلي شرف ونقاء الأجهزة والقوانين ومن إستنكار المجتمع يكفي عدد الصحفيين الذين كتبوا والأقلام التي طالبت تدليلاً علي أنها جريمة فارقة تستلزم التحقيق، وهي قضية لن تكن ممحوة ،لخطورتها، من أذهان من يجب التحقيق معهم حول وقائعها وأحداثها ولو مرت عليها سنوات. فتح التحقيق مراجعة ورجوع لقيم سودانية تحترم المرأة وللإسلام السوداني العتيق في نفوس السودانيين وليس لإسلام التمكين والأخوة وفقه الضرورة والسترة الذي يحكمنا فهل من بقية قيم في أفئدة حملة القلم والسلطة قبل أن يصبح القلم في أيدي غيرهم فهي دول. تتداول المجالس الخاصة والعامة لسنين أحداث الفساد في السودان برعاية متنفذي الدولة والجديد الأن تدوال الحكومة لهذا الملف وبل إعلان محاربته بعدة شخصيات تم تقديمها للمذبح ولكن للفساد أوجه وما يمس قيم المجتمع لا ينفك عنه وما تم من محاكمات وإدانات لصحفيين شرفاء محترمين في المجتمع لم يمس قناعة الكثيرين في أن ظلم حاق ومس الجميع منه شرر ولا زال الجميع ينتظر أن يتم الواجب المطلوب غض النظر عن تواجد الضحية. يجب أن يتم التحقيق وأن يكون شفافاً ومقنع للشارع العام الذي يحكم من يحكم بأسمه. مر عام وما زالت صفية بطلة في أعين سوية لأعلانها وفضحها ما تم وضحية تنتظر الإنصاف العادل لها أو عليها والحق أنه لم يعد إنصاف وقصاص لفرد بل لقيم مجتمع تتهم بأهانتها أجهزة الدولة والسلطة عبر منسوبيها، وإنصاف للحركة النسائية وحقها الذي أكتسبته ولم يوهب وتتنعم به الوزيرات والسياسيات من حزب السلطة ذات نفسها. أعلنت هذه الجريمة إستهداف كبير لمسيرة مشاركة المرأة في الحياة السياسية والإجتماعية علي أساس النوع والنتيجة كانت المقاومة في ندوة وحركة لا لقهر النساء ومثل ما كان لحادثة المهندس ونافع من تداعيات سيئة علي سلطة الشمولية كان لما حدث لصفية أثره السئ علي السلطة. ومن النتائج الأخري التي ظهرت بتفاعلات وقائع أحداث صفية إشارتها لحجم الوعي بين السودانيين خاصة متعلميهم. فبمعاكسة للتخوف من مجتمع يجرم الضحية في أحداث الإغتصاب قابلوا صفية بإحترام كبير وتقدير لموقفها وأوضح لسان حالهم أن الشرف لا يتعلق بالجسد قدر تعلقه بقيم الإنسان. ولا تزال القضية مفتوحة في ذاكرة الشعب تطلب التحقيق.