[email protected] يسترد أنفاسه على مهل ويواصل مسيرته ،نحو يوم رتيب كبقية أيامه ،لم ينتظر جديدا من تلك لأيام ،كان يعلم جيد انها لا تأتي بجديد .يدفع بعربة الخضار يواصل صياحه \"طازج ياطازج \" يلف اغلب يومه جميع حارات المدينة .باحثا عن لقمة يطعمها أولاده .تلتف حوله الزبائن تصيح زبونة :(عمي.. كليين..كليين).. يردها عليها عمي عاشور: (والله سامعك ..يامخلوقة ) (شو هذا البياع المهرهر؟) الي بعمرك قاعدين ببيوتهم وعايشين براتبهم التقاعدي)..يتنهد يتغير لونه ترتجف يداه..يحاول ان يقول شئ.. يتذكر ..ابنائه في الجامعة ..ابنه محمد الطالب إعدادي.. يصمت على مضض. يصيح زبون ثاني في وجهه ..(عبيلي منا).. (على عيني وراسي ) يواصل مسيره يدخل حارة ..يخرج من الحارة المقابلة ..(طازج ..ياطازج) ..بطاطا ..على بصل..اليوم..مش كل يوم..)..يدفع عربته بصعوبة أُنْهَكَهُ يومه ..(يبزق بقوة مخرج طرف لسانه.. شاتما..ينعل..ابو ..هادينا ..معيشة مُرَّة ..ولأمر منها ..هذا الناس..ما عندهمش.. رحمة) يجلس..قربة..عربتيه.. استرجع ..شريط ذكرياته..شاب بلباس عسكري ..يقف مع رفاقه ..غدا يخرج هذا الّعِينْ..الملعون..شَعَرَ بقوتنا ..وفولاذية إرادتنا..سيعود الوطن لأهله ..مئة وثلاثون سنة من لاحتلال كفاية ..عندما كان مجاهدا في ثورة التحرير..كان يحلم بغد أفضل له ولأبنائه.. يحلم بالحرية بعدما ذاق مر التفرقة والعنصرية التي شهدهما إثناء الاحتلال..يكر شريط ذكرياته بسرعة..لازال واقفا مع رفقاء السلاح ..غدا انشاء الله ..يوم يخرج هذا الي مايتسماش. لا يوجد في دولتنا الحرة ..هذا ابن فلان وهذا ابن فلان..الكل يتمدرس.. الكل يعمل..والمعول عليه وحده هو الكفاءة ..يرد عليه واحد من رفقائه ..(الله أكبر..قريب..ترجع ..سمائنا ..وأرضنا..وهوائنا ..وماءنا ..شوف هذا الأراضي الشاسعة ..شوف هذا الجبال الشاهقة .. شوف هذه الصحراء الغاز ..البترول ..الفوسفات..الحديد. الكروم هذه التي يصنع منها ..هذا أصفر الرأس ..الخمر ويبعث بها لبلاده.. هذه كلها مرجعها الينا ..الينا ..ياسي عاشور)..يغيرعاشور سلاحه من كتفه اليمين ..الى اليسرى..لا يفل الحديد الا الحديد.. ويضغط على يده ..وجد نفسه اما م عربته ..وصل المسير..صياح ..بطاطا على بصل بصل طازج..ياطازج.