زمان مثل هذا إنتخاب مدير الجامعة الصادق الشريف أمس الأول.. في مؤتمر التعليم.. وجّه الرئيس البشير بأن يتمّ اختيار مديري الجامعات بالانتخاب.. من مجلس الأساتذة. والمعلوم أنّ هنالك مجلسين بالجامعات.. الأول والأكبر هو (مجلس الجامعة).. الذي يضم كبار الأساتذة وآخرين ذوي صلة بعمل الجامعة مثل وكلاء وزارات التعليم العالي والبحث العلمي والعلوم والتقانة والمالية وهلمجرا. والآخر هو (مجلس الأساتذة) الذي يعتبر حصراً على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.. من عمداء الكليّات ورؤساء الأقسام والشئون العلمية والأساتذة.. وهكذا. للجامعات تاريخ طويل مع اختيار مديريها.. تزامناً مع العهود السياسية المختلفة.. فكلّ عهد سياسي كان له طريقته في اختيار مديري الجامعات.. وبالطبع لا تخلو رافعة المدير من اللون السياسي.. والطعم.. والرائحة. في عهد التمكين.. ولأكثر من عقدين.. كانت (أمانة الفئات) بالحركة الإسلامية هي التي تختار المديرين.. بل وتختار معظم المرشّحين للوظائف السياسية (وزراء/ وزراء دولة).. والمناصب الإدارية العُليا.. وهو الأمانة التي صنعت مُنتج (التمكين في الأرض). فأمانة الفئات تحمل قوائم بأسماء العضوية في شتى المجالات.. ولكلِّ واحد من أولئك الأعضاء سجل تدرج حزبي.. تسجل فيه (مجاهداته) وكسبه.. والخدمات التي قدّمها للحزب.. كما يحوي السجل أيضاً المذكرات الإصلاحية التي تزعمها أو وقّع عليها العضو.. ومقدار (مرونته) في تنفيذ السياسات الحزبية بغض النظر عن رأيه. وعلى هذا الأساس يتم تصنيف العضوية بكلِّ الفئات: الأطباء.. أساتذة الجامعات.. المهندسين.. العمال.. وهكذا. ويذكر كاتب هذه السطور أنّ أحد الإسلاميين برر له مقالات البروفيسور مصطفى إدريس الناقدة لحال الحكومة والحزب.. بالهجوم على أمانة الفئات وليس على شخص بروف مصطفى: (دي غلطة أمانة الفئات.. هم ال رشحوه ليكون مدير جامعة الخرطوم.. مع وجود مرشحين إسلاميين أفضل حظاً.. لأنو إدريس من الأسماء الأخيرة بالقائمة بفئة أساتذة الجامعات.. وليس في مقدمة القائمة حتى يتولّى جامعة الخرطوم)!!!!. الآن.. وبحديث الرئيس عن (إنهاء عهد التمكين).. وإصداره لقرار بتعيين الأساتذة عن طريق مجلس الأساتذة.. يمكن أن نفهم أنّ هذه خطوة (خطوة واحدة) في اتجاه الإنهاء.. إنهاء التمكين. هذه الخطوة لن تؤتي أكلها قريباً.. بمعنى أنّ آلية التمكين قد تنتقل من (أمانة الفئات).. إلى (مجلس الأساتذة).. ويأتي مدير الجامعة حسب رغبة الحزب الحاكم وترشيحاته. لكنّ الصبر جميل.. فآلية المجلس نفسها سوف تتطوَّر.. وتنتقل تدريجياً إلى آلية أفضل.. مثلما يتطوّر العمل الديمقراطي. فالديمقراطية تحتاج إلى الصبر.. والعالم الغربي الذي يتمتّع الآن بخيرات الديمقراطية.. إنّما صبر عليها لزمانٍ طويلٍ لتصبح بحالها الذي تندهش له وبه شعوب العالم الثالث. فأول مجلس وطني (برلمان منتخب) في أيِّ عهد ديمقراطي قد يتكوّن ثلثاه من الانتهازيين.. وثلثه من الوطنيين.. ولكن التجربة الديمقراطية تُعلم الشعب وتبصره بالانتهازيين من غيرهم.. فيأتي البرلمان الآخر بنصف انتهازيين ونصفه من الوطنيين.. وهكذا حتى يأتي البرلمان الديمقراطي الذي يجعل الوطن همّه الأول. لكن اللجان الحزبية لا تتطور.. بعد عشرات السنين تجدها تقوم بذات العمل!!!.. ربما تتطوّر الطرق والأساليب.. لكنّ اللجنة.. هي اللجنة. التبار