قراءة تانية ( اضحك ) .. في سوق المويه السر قدور جريدة ( اضحك ) التي كانت تحمل أخبار ونشاطات سوق المويه بام درمان أصدرها أستاذنا عميد المسرح السوداني خالد أبو الروس الذي رحل عنا في العام 1986 ومرت ذكرى ربع قرن على رحيله في يونيو الماضي ولم يحتفل به جماعة المسرح ونرجو أن تحتفل بها في هذا العام. وجريدة ( اضحك ) التي صدرت في مطلع خمسينيات القرن الماضي طالعها القراء في زمن ارتفعت فيه حدة المعارك السياسية بين دعاة الاستقلال ودعاة وحدة وادي النيل والتهبت المقالات الصحفية بين الطرفين فاصدر أبو الروس ( اضحك ) لإخراج الناس من أجواء المعارك الحادة إلى أجواء الضحك والابتسام. وكما كان أبو الروس هو رائد فن المونولوج والنكتة واحد رواد شعر الغناء فهو بهذه الجريدة يعتبر رائد الصحافة الفكاهية في السودان وحتى الآن ورغم كثرة عدد الصحف التي صدرت فإنه لم يتجاسر احد لإصدار صحيفة فكاهية . وجريدة اضحك التي حققت انتشارا كبيرا بين القراء كانت متخصصة في نشر طرائف الأخبار خاصة أخبار سوق المويه ومنها ما نشرته عن سيارة الفنان الكبير عبيد الطيب ونصه : ( الشرطة أوقفت سيارة عبيد الطيب في شارع الموردة وحررت له مخالفة لرداءة الصوت .. صوت العربية طبعا ) .. ومن أخبارها أيضا خبر يقول : شوهد العازف القدير حسن خواض ومجموعة من زملائه يجلسون في قهوة جورج وهم يرتدون ( البدلات ) الجديدة وعلمنا إن بدل ( العازفين ) تم الحصول عليها من ترزي المؤتمر يوسف نعمان و ( على النوتة). وكان كل عدد من الجريدة لابد أن يحمل خبرا عن عميد سوق المويه إسماعيل خورشيد ومنها خبر يقول .. شوهد إسماعيل خورشيد مع ( شلته ) في مطعم ( عبيد ) وأمامهم على غير العادة كميات من اللحوم وقد تجمعت حولهم ( الكدايس ) من كل مكان لا طلبا للأكل وإنما من اجل الاستفهام. وكانت الجريدة تنشر أخبار الشخصيات المهمة التي تتردد على سوق المويه من غير أهل الفن ونشرت مرة تحت عنوان : ( أخبار البوليس ) خبرا يقول شاهد الناس مجلس ( الونسة ) الذي جمع رجل الشرطة المعروف الكتيابي مع الزعيم العمالي حمزة الجاك وبعد نهاية المجلس قال احد الأصدقاء للعم حمزة إن الكتيابي يتونس معك ليعرف منك أخبار ونشاطات نقابات العمال فرد عليهم وفيها شنو ؟؟ هو يعرف مني أخبار النقابات وأنا اعرف منه أخبار البوليس. لقد كانت جريدة اضحك احدى الظواهر المهمة في الصحافة وفي سوق المويه وفي مجتمع ذلك العصر .. وقد مررت قبل فترة في منطقة سوق المويه وقد انطفأت أنوارها فأصابتني حالة من الحزن والأسى وتذكرت قول الشاعر علي المساح : يا زمان هل من عودة ؟ هل ؟؟ الراي العام