[email protected] حضر الرئيس عمر البشير يوم الثلاثاء الماضي قمة " توصيل العالم العربي 2012" في العاصمة القطرية الدوحة و خاطبها الرئيس البشير متعرضا لقضية العقوبات الأحادية التي فرضت علي السودان من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية و لكن ما يهم في المبحث ليس ما دار في تلك القمة و لكن ما وراء الكواليس باعتبار أن دولة قطر أصبح لها دورا كبيرا في مجريات الأحداث التي تجري في منطقة الشرق الأوسط و أيضا في القضية السودانية. تحدث أمير دولة قطر بصورة واضحة مع الرئيس البشير أن السودان لن يستطيع أن يبني علاقاته بصورة طبيعية مع العالم الغربي و الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب الاتهامات التي توجهها المحكمة الجنائية الدولية للرئيس البشير و عددا من قيادات السلطة حيث لم تخف عواصم تلك الدول موقفها من الرئيس البشير و يرفض رؤساء دبلوماسيتها المعتمدين في الخرطوم مقابلة الرئيس أو الاجتماع معه و بالتالي أية انفراج للسودان مع تلك الدولة يتم إذا قدم الرئيس استقالته من موقعه و فسح المجال إلي قيادي أخر ربما يحدث تغييرا في علاقات السودان مع الغرب و داخل السودان. و يؤكد ذلك حديث وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في لجنة الشؤون الخارجية للكونجرس حيث قالت أن السودان يريد أن يقوض دولة الجنوبالجديدة و قالت بشكل واضح إن الرئيس البشير يجب أن يذهب. إذن الولاياتالمتحدة لم تخف رغبتها في ذهاب الرئيس البشير من السلطة رغم إن الولاياتالمتحدة كانت قد طمأنت قيادات الإنقاذ قبل ذلك من خلال حديث المبعوث الأمريكي للسودان أن الولاياتالمتحدة لا تعمل من أن يلتحق السودان بثورات الربيع العربي و لا ترغب في تغيير النظام بالقوة و لكنها تريد إصلاحات قانونية تؤدي للديمقراطية و في ذات الوقت أكدت الولاياتالمتحدة و بريطانيا أنهما ضد أية عمل عسكري لتغيير النظام كل هذه الطمأنة كانت بهدف أن يحدث تغيير في السلطة و لكن لم تحدث بسبب تخوف قيادات المؤتمر الوطني من المحكمة الجنائية. في الاجتماع الأخير للهيئة القيادية للمؤتمر الوطني رفضت الأغلبية منهم تنحي الرئيس عن موقعه لكي تحدث هناك انفراجة في علاقات السودان الخارجية و رفع العقوبات عنه حيث أن الدولة تواجه ضغوطات كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد و ما وجدته من معونات و قروض و منح و غيرها لا يغطي العجز المالي في الميزانية و لا يحافظ علي قيمة الجنيه حيث إن الطلب علي العملة الصعبة يتزايد يوم بعد يوم و إن ضخ العملة الصعبة من بنك السودان لا يغطي الحاجة إليها في السوق كل ذلك لا يمكن علاجه إلا بإحداث تغيير في علاقات السودان الخارجية و تستطيع الدولة أن تتعامل مع المنظمات العالمية المالية بسهولة و في نفس الوقت أن تجد قروضا مسيرة و هذا لا يتم لآن العالم الغربي و الولاياتالمتحدة لا ترغب في التعامل مع رئيس الجمهورية و هذا ما أكده الرئيس نفسه في خطابه في الدوحة أن السودان لا يستطيع التعامل مع الخارج و في نقل التكنولوجية الخاصة بالاتصالات في ظل المقاطعة المفروضة علي السودان إذن هناك خيارا أخر أيضا مطروحا داخل المؤتمر الوطني إذا كانت قيادات المؤتمر الوطني راغبة في استمرار نظامها أن يقدم الرئيس استقالته من منصبه و يفسح المجال لقيادي أخر يحدث انفراجة للسودان في العلاقات الدولية لأمر الذي يسهم في معالجة الاقتصاد و في نفس الوقت معالجة قضية السودان مع دولة جنوب السودان و وقف الحروب الداخلية. يعتقد البعض في الإدارة الأمريكية أن الرئيس البشير هو اللحمة التي تمسك ترابط المؤتمر الوطني و يعتقدون إن هناك صراعا داخليا و طموحات من قبل بعض القيادات فإذا استقال الرئيس البشير سوف تظهر تلك الصراعات علي السطح بصورة واضحة و كبيرة تؤدي إلي تشققات داخل الحزب الحاكم كما أن استقالة الرئيس سوف تؤدي إلي انفراط عقد المشاركة و التحالف بين الحزب و المؤسسات العسكرية الأمر الذي يؤدي إلي بروز قوة جديدة تحدث تغييرات في توازن القوة الأمر الذي يؤدي إلي تغيير ديمقراطي حقيقي هذا السيناريو تتخوف منه بعض القيادات و هو الذي جعل الدكتور نافع علي نافع يصرح داخل الهيئة القيادية و خارجها أننا سوف نظل نحافظ علي الرئيس في موقعه و ضد قرارات المحكمة الجنائية حتى الموت تخوفا من بروز الصراع داخل الحزب الحاكم و هو نفس الشيء الذي جعل الرئيس ينتقد بشدة أصحاب المذكرة حيث اعتقد أن أهل المذكرة يستعجلون عملية الصراع داخل النظام. إذن الدوحة تعتقد أن السودان لكي يحافظ علي حزبه في السلطة يجب علي الخرطوم أن لا تتجاهل بعض المطالب الدولية و يجب عليها كذلك أن تعمل من أجل التصالح مع العالم لكي تستطيع حل مشاكلها الاقتصادية و في نفس الوقت تستطيع أيضا أن تحدث انفراجة داخلية تؤدي إلي وفاق وطني من خلال أن يتبني النظام نفسه عملية التحولات الديمقراطية و لكن المعطل كل تلك الإجراءات هي مشكلة المحكمة الجنائية. و عندما حاولت الدوحة أن تطمئن واشنطن و الغرب أن يعطوا النظام فسحة لكي يحدث ذلك أكدوا أنهم لا يستطيعون رفع العقوبات و وقف إجراءات المحكمة الجنائية إلا إذا حدثت عملية التغيير من خلال استقالة رئيس الجمهورية و صعود قيادة جديدة هي التي تحدث التغيير و في نفس الوقت ترفع العقوبات و تسوية لقضية المحكمة الجنائية من خلال إجراءات داخلية و لكي تطمئن الدوحةالخرطوم استدعت المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو قبل زيارة الرئيس البشير للدوحة و صرح في الدوحة بأنه يمكن أن توقف إجراءات المحكمة الجنائية إذا حدثت محاكمات داخلية في السودان للمتهمين و هذا يتطلب قانون في السودان يحاكم القضايا المتهم بها المجموعة من المحكمة الجنائية لكي تسهل عملية استقالة الرئيس. هذا الرأي كان قد تمت مناقشته مع الدكتور حسن الترابي لكي تتم بعد الاستقالة وحدة الحركة الإسلامية و لكنه رفض أن تتم الوحدة مع القيادات الحالية في الإنقاذ و يمكن أن تتم عملية الوحدة إذا تغيرت القيادات بل أنه بدأ يصرح علنا بالثورة الشعبية لأنه علم أن خيارات النظام في إحداث انفراجة مع العالم أو معالجة القضايا الاقتصادية خيارات محدودة و لكن قنوات الحوار مع الدوحة و قيادات الحركة الإسلامية العالمية مفتوحة و لكنهم جميعا مجمعين علي ذهاب الرئيس البشير. في ظل تلك المجريات ذهب الرئيس البشير إلي الدوحة ليس لكي يحضر قمة توصيل العالم العربي أنما يسمع من الشيخ حمد حول قضية السودان و العالم الخارجي و قد سمع الرئيس و عرف إن السودان لا يستطيع أن يتواصل مع العالم خاصة واشنطن و الغرب إلا إذا قدم استقالته و فسح المجال لقيادة جديدة تحدث عملية التغيير و نسال الله أن يوفقهم للرأي الصواب.