[email protected] لا توجد منطقة وسطى بين الحب والخوف فكلاهما احساس وبينهما بون شاسع وفرق كبير فالحب هو شعور تجاه الاخر او النفس بشئ من الارتياح الفطرى الصادق وهو عكس الخوف فهو شعور بعدم الراحه نحو الاخر الذى يخيف ويجبر الطرف الاخر على ان يعبر بما لا يحس وعندها تكون النتيجه عدم الصدق وعليه تنتفى تلك الرهبه والمحبه الزائفه بانتفاء دور المخيف شخصا كان او جماعه . واقرب مثال هو ما نعايشه من تحولات كبيره وخطيره فى اتجاه التعبير عن المحبه الزائفه المفتعله فيما يخص الحاكم والمحكوم ولا يمكن تعميم الامر لان هنالك شعوب كانت علاقتهم ومحبتهم لحكامهم تنبع من الصدق والعفويه وذلك مبادلة للحب الصادق من الحاكم لشعبه والسهر الدائم على راحته ورفاهيته وامنه فى سربه وقوته ومسكنه --وهنالك امثلة كثيره لتلك المشاعر حيث تجد تلك الشعوب المحبه والصادقه تبادل الحاكم العادل المحبة والصدق حتى بعد رحيلهم عن هذه الدنيا ويعبرون عن ذلك بالدعاء والترحم عليهم وهذه هى الباقيات الصالحات للحكام والتى لا يتنبه لها الكثير منهم عشما فى استمرارية الحياة والقهر والتخويف واجبار الناس على اعلان الحب الكاذب . وبالنظر لاحداث ماثله امامنا من التغيرات التى حدثت لانظمة الحكم فى معظم دول العالم وخاصة الثالث منها نجد ان مظاهر الحب والتقدير والتاييد تفوق حد التصور حتى يعتقد البعض بان زوال ذلك الحاكم سوف يؤدى الى انتحار جماعى حزنا على فقده حيا او ميتا وذلك اعتمادا على الاعداد الهائله الهادره من جماهير الشعب المغلوب والمسيرات المليونيه التى تحشد من اجل التاييد والمباركه واعلان الفداء بالدم والروح والولد ورفع الشعارات التى تنم عن محبة وتفانى الشعب من اجل الحاكم والحكام . وهذه المظاهر المفتعله تجعل الحكام وانظمتهم اكثر قوة بل واكثر ظلما للناس ويكون مصدر ارهاب للمعارضين لانظمتهم وتساعد فى ذلك اجهزتهم القمعيه التى تعمل على تهويل الامر واظهاره وتهويله لكى لا يفكر كائن من كان فى التعبير عن رايه او الدعوة للتغيير فان التغيير هو خراب الديار واستحالة التحول نسبة للشعبيه الكاسحه لتلك الانظمه . وبالرجوع للتاريخ القريب نجد ان تلك الفريه لم يكن لها وجود الا فى خيال الحكام وتابعيهم من الهتيفه والمنتفعين على حساب الامه الصابره --ففى سوداننا الحبيب امثله كثيره ومنها عهد المشير النميرى والذى استمر لاكثر من خمسة عشر عاما وتم حشد الملايين المؤيده الهادره فى كل المناسبات حتى حسب الناس ان الحكم المايوى باق ابد الدهر وعندما قال الشعب كلمته لم نجد لاولئك الهتيفه اى تاثير وكذلك الحال بالنسبه لانظمه عربيه كثيره حكمت بالحديد والنار والترهيب وانتزاع الحب عنوة من شعوبهم حتى ظن البعض ان لا خير فى سواهم وذهبوا بعد ان تسلطوا على رقاب الشعب لاكثر من ثلاثون عاما ولم نجد لمؤيديهم صوتا ولا حراكا . الم تكن تلك السنوات الطوال كفيله بخلق جيل باكمله ممن يحبون تلك الانظمه محبة صادقه حتى اذا ما ذهبت وزال حكمها نجد من يدافع عنهم وعن تاريخهم . اين الايمان والاعتقاد فى ان لكل بداية نهايه وان الديمومة والاستمراريه للاعمال وليس للاشخاص واين الاشخاص الذين سبقوهم وكانوا اكثر بطشا وتسلطا --الم يكن الاجدر بهولاء ان يسعوا لخلق علاقة صدق وولاء بدلا عن علاقة الخوف والتكسب من فتات الموائد التى تميز اولئك الهتيفه والذين غالبا ما تنتهى مصالحهم بانتهاء تلك العهود الظلاميه ومن ثم يكون التفكير فيمن سيخلف لكى يبادلوهم تلك المحبة الزائفه وتستمر المصالح باستمرار تلك الانظمه المتسلطه الشموليه . اما ما آلت اليه الاحوال بالنسبه للاخوه فى تونس الخضراء فهى خير دليل ان لا احد يكن الحب لتلك الانظمه واولئك الحكام والذين تبدل حالهم فى اقل من يوم واصبحوا لا جئين ولم نجد من يبكى عليهم وعلى تاريخهم الطويل --فاين ذهبت تلك الجماهير الهادره والتى كانت تهتف بحياة الحاكم والفداء بالروح وبالدم وكانت تفوق اعدادهم مئات الالاف --الم يكن فيهم حتى عشره فى المئه ممن يحبون بصدق . فالشعوب تريد الحياة والحياة بدون حريه لا تساوى شئ من عمر البشر ولا احد يمكنه اجبار الناس على الحب الصادق والتفانى ويمكنهم اجبار الشعوب على المزيد من الكراهيه واظهار ما لا يبطنون ويتغير الحال بزوال المؤثر وعندها يكونوا فى طى النسيان . اللهم يا حنان ويا منان وللى علينا خيارنا ---آمين