إليكم الطاهر ساتي [email protected] العريف أحمد موسى .. نموذجاً...!! ** العريف أحمد موسى حامد، 29 سنة .. متزوج وأب لثلاثة أطفال أعمارهم (7/5/3 سنوات)..هؤلاء الأطفال مع أعمامهم بالحاج يوسف، وكان العريف أحمد موسى يقطن مع إخوانه في (البيت الكبير)..وكان بالبيت، بجانب زوجته وأطفالهما الثلاثة، والدة زوجته أيضاً..قبيل عيد الأضحى الفائت بأسبوع ونيف، تلقى قسم الشرطة بشرق النيل، والذي يعمل فيه العريف أحمد موسى، بلاغاً من بعض المواطنين، مفاده : هناك عمالة أجنبية تقطن في الجروف، وتدير منزلا للرذيلة والخمور، وتسبب إزعاجاً لأهل الحي وتجذب بعض شباب الحي نحو السُكر والإنحراف.. تلقى القسم البلاغ ورصد المكان وترصد العمالة وتأكد من صحة المعلومة وآثارها ومخاطرها.. بعد إجراء اللازم، تحركت عربة شرطة، فيها العريف أحمد موسى، الى حيث منازل تلك العمالة الأجنبية..!! ** هناك، عندما اقتربت العربة من شاطئ النيل، شعرت بها العمالة، وعلمت إنها المداهمة أو (الكشة)، كما يسمونها..منهم من هرب، ومنهم من تم القبض عليه، ولكن إمرأة ألقت بنفسها في النيل بمظان الهروب من قبضة الشرطة..لم يشعر بها أحد.. ولكن تفاجأ العريف أحمد موسى بصرخة المرأة وإستنجادها، أي تكاد أن تغرق ..( هي أجنبية وبائعة خمر، فلتغرق)، أوهكذا كان يمكن أن يكون رد فعل العريف أحمد موسى، ولكن لا..بمروءة أهل السودان وأخلاق المهنة، رمى بنفسه الى النيل، وسبح بما على جسده من ملابس الشرطة و بما في قدميه من حذاء العسكر، إذ لم يفكر في شئ غير إنقاذ تلك الإنسانة..ونجح..وصلها وهي في الرمق الأخير، ومسكها ودفعها أمامه حتى وصل بها الي بر الأمان، ووضعها على حافة النهر وهي في حالة إغماء.. ثم أراد أن يصعد الي أعلى حيث ينتظره رفاقه، ولكن شاء القدر بأن يكون المسار الذي اختاره للصعود جزءً من هدام آيل للإنهيار، فانهار عليه وقتله..هكذا كانت المأساة بشرق النيل،قبيل عيد الأضحى بأسبوع ونيف، وتناولتها بعض الصحف تناولا خبريا فقط لاغير..لقد استشهد العريف أحمد موسى، عليه رحمة الله، وهو يؤدي واجب انقاذ إمراة - أجنبية ومتهمة ببيع الخمر- من الغرق..!! ** تلك تضحية جاء بها الى ذاكرتي ما يكتبه الأخ زهير السراج في زاوية مناظير منذ أول البارحة..إذ يكتب السراج بما يفيد بأن الشرطة ليست عدواً للشعب، بل هم أبناء الشعب، وليست من الحكمة أن يتخذ المواطن الشرطة عدواً، أوكما يشتهي البعض..نعم لقد صدق، وكثيرة هي الوقائع في المدائن والأرياف والأدغال التي تؤكد بأن الشرطي كان ولايزال وسيظل أحد ضحايا واقع الحال..وبعيداً عن قيود الإستغلال السياسي، كان ولايزال وسيظل الشرطي هو أحد أبناء المجتمع، وسيظل متحلياً بكل قيم وصفات هذا المجتمع، ويتقاسم معه السراء والضراء، وما تضحية العريف أحمد موسى بنفسه في سبيل انقاذ إمرأة إلا محض نموذج..والنماذج كثيرة، بمسارح العمليات وسوح المدائن، وكلها تجسد معاني البذل والعطاء والفداء في سبيل وطن ينعم فيه المواطن بالأمن والأمان في نفسه وماله وعرضه..وكذلك لم يخطئ الأخ السراج حين قال البارحة بأن الشرطي في بلادي كثيراً ما يكون هو الضحية أيضاً..وحادثة الديم ذاتها تؤكد ذلك..!! ** فالشرطة لم تضع قانون النظام العام، وليس من العدل أن ننتقدها على تنفيذها لهذا القانون.. فالشاهد أن الشرطة ذاتها تدفع ثمن تنفيذها لها القانون روحاً ودماً وجراحاً وسباً ولعناً.. سادة الرئاسة وولاة الولايات ثم نواب المجالس والبرلمان، هم من يجب نقدهم حين يكون الحديث عن قانون النظام العام أو قانون آخر يعكر صفو الحياة..الساسة هم الذين يضعون الشرطي بين مطرقة آداء الواجب وسندان غضب الناس..والمدهش في حادثة الديم هو أن الساسة هم الذين بادروا بالهجوم على الشرطة ( بقوة عين غريبة )..ولو تأنوا قليلا ثم فكروا ملياً لأدركوا بأن نهجهم أولى بالنقد والهجوم، وليس الشرطي الذي ينفذ ( حصاد نهجهم)..ثم المدهش جدا هو ما طالب به والي الخرطوم وبعض الساسة الشرطة في صيون العزاء يومئذ، حيث طالبوها بالإعتذار لأسرة المرحومة، وذلك في محاولة مكشوفة لخداع الرأي العام..مثل هذا الطلب يليق بالصحافة وأقلامها، ولكن لايليق بالساسة ( أُس البلاء وأصل الداء)..إن كانت الشرطة مطالبة بالإعتذار لأسرة المرحومة عوضية، فأن على هؤلاء الساسة أن يعتذروا أيضاً، ولكن ليس لأسرة المرحومة عوضية فحسب، بل للشرطة ذاتها..نعم، فالشرطة لم ولن ولا تنفذ قانونا مجازاً ببرلمان جزر القمر..وعليه، اصلحوا الحال العام بقوانين لايكون ضحيتها ( الشرطي والمواطن) ...!! ................ نقلا عن السوداني