حديث المدينة نكد حكومي..!! عثمان ميرغني خبران محيران.. أثارا دهشتي حتى النخاع.. الأول أن وزير الإرشاد د. خليل عبدالله (لوّح!!) باستقالته إذا لم توقف بعض وكلات السفر عن العمل في الحج.. والخبر الثاني الأكثر دهشةً عن اجتماع (ثلاثي!!) في البرلمان أكد تجفيف الحسابات المجنبة. مصدر الدهشة في الخبرين واحد.. في الأول وزير الإرشاد يخوض معركة ضد وكالات سفر.. لا أدري ما هي العلاقة بين وكلات السفر ووزارة الإرشاد.. المفترض أن هذه الوكالات تعمل بتراخيص من وزارة السياحة.. حتى ولو كان السفر إلى الأراضي المقدسة وبغرض الحج.. فهو أيضاً (سياحة!!) روحية.. في تقديري أنه ورعم أنف القرار الجمهوري بحل هيئة الحج والعمرة إلا أن (عقلية!!) هيئة الحج والعمرة لم تحل بعد.. المفروض أن تنأى وزارة الإرشاد تماماً عن تفاصيل (السفر!!) إلى الحج.. كل ما هو مطلوب منها أن تتفاوض مع السلطات السعودية وتمثل البلاد في الشأن السيادي المختص بتحديد عدد الحجيج أو أي ضوابط سيادية أخرى.. لكن أن تكون وزارة الإرشاد مسؤولة عن (سفر!) الحجاج ووكالة السفر والخدمات. فهذا محض تدخل سافر في تفاصيل لا تعنيها من قريب أو بعيد.. فكون المسافرين هم حجاجاً وذاهبين إلى شعيرة دينية لا يعطي وزارة الإرشاد الحق في انتزاع تفويض بالإشراف على تفاصيل حلهم وترحالهم إلى الحج.. إلا إذا كانت عين الوزارة على حزمة رسوم وجبايات من هنا وهناك كما كانت تفعل سيئة الذكر هيئة الحج والعمرة التي أراحنا منها قرار السيد رئيس الجمهورية. أما الخبر الثاني.. بالله قف تأمل.. اجتماع (ثلاثي!!) بالبرلمان يتكون من وزارة المالية وبنك السودان وممثل تصفية الشركات.. ليؤكد (تجفيف) الحسابات المجنبة.. وهي حسابات (برانية) لا تدخل في موازنة الدولة لأن المالية لا سيطرة لها عليها لا في طريقة جمع المال والإيرادات.. وبالضرورة ولا في طريقة صرفه. المفترض حسب المنطق أنّ مجرد ضغط زرّ.. ونسميها في الكمبيوتر (Click) تعني عملياً ليس مجرد قفل مثل هذه الحسابات.. بل وتجريم أي تباطؤ أو تساهل في قفلها.. والأحرى ربما يمتد الأمر لمحاسبة من يحاول (تجنيب) أي مال عام تحت أي عذر أو حجة. ومثل هذا الأمر يذكرني لجنة سابقة ..(زمان قبل عدة سنوات) كونها مجلس الوزراء مهمتها السفر في كل الطرق إلى الولايات لإزالة نقاط تحصيل الجبايات.. وبعد أن سافر الفريق الحكومي إلى جميع الولايات وعاد ظافراً بنفس تقرير الاجتماع (الثلاثي)، وأكد أنه (تمت إزالة جميع نقاط التحصيل) ما هي إلا أيام قليلة بل ربما ساعات حتى وعادت نقاط التحصيل بعد التأكد من أن اللجنة رجعت بالسلامة.. وصرفت حافز (إزالة نقاط التحصيل).. كتبت حينها في حديث المدينة وسألت.. كيف لا تمتثل الحكومة لتعليمات الحكومة.. وبالأحرى. كيف لا تخاف الحكومة من عصيان تعليمات الحكومة. من الحكمة أن تدرك الحكومة أن الخلل ليس في (فتح حسابات لتجنيب الإيرادات).. بل في قدرة أي مسؤول على فتح هذه الحسابات دون أن يطاله العقاب الناجز.. المشكلة افتراض أن اتّباع القانون أمر يختص به الشعب دون الحكومة..!! التيار