[email protected] كأنه لا ينقص هذه البلاد العنف في ميادين السياسة والحروب ليطال هذا العنف حتى رياضة كرة القدم ، شخصيا أصبحت لا أشاهد مباريات القمة بين الهلال و المريخ فهي عبارة عن ضرب مفتوح تحت الحزام ، بعد خروج الهلال من دور الأربعة في كاس أبطال إفريقيا و خروج منتخبنا القومي من أمم إفريقيا خالي الوفاض هجرت متابعة حال فرقنا في كرة القدم إلا أن شاهدت مباراتي الفريق البرازيلي الضيف (برازيليا) مع فريقي الهلال و المريخ ، من المفترض أن نستفيد من فريق يلعب الكرة الحديثة ، فنحن نفتقد أبجديات الكرة الحديثة وعندنا بدلا عنها العنف الزائد الذي شاهدناه من لاعبي فريقي الهلال والمريخ حتى مع فريق برازيليا الضيف و مع أنها مباريات ودية والغرض منها هو الإفادة فقط ، اعتراضات اللاعبين التي رأيناها على التحكيم والإشارة للحكم بإصبع اليد السبابة هذا أمر لا يحدث إلا في السودان ، كأنه لا ينقص هذه البلاد العنف في ميادين السياسة والحروب ليطال هذا العنف حتى رياضة كرة القدم ، المجتمع السوداني رغم عشقه المجنون لكرة القدم فان الأب لا يشجع ابنه الموهوب في كرة القدم ، الابن الموهوب والذكي والمسالم والمؤدب منذ صغره لا يشجع بل يعنف إن أبدى ميلا للكرة رغم أن دخل الكرة أصبح مئات الآلاف من الدولارات و مع ذلك نجد ان الأسرة ترسخ في العقل الباطني للابن الموهوب وبعنف بان عليك الاهتمام بالدراسة الأكاديمية ، أنا لا أعمم على كل اللاعبين الحاليين فهناك استثناءات قليلة بخلق رفيع بلا شك ولكن الأغلبية ليسوا كذلك ، التناقض في المجتمع بين حب اللعبة وبين عدم تشجيع الأبناء الموهوبين على الانخراط فيها أمر محير ، السودانيون يحبون الكرة والفن ولكنهم في ذات الوقت لا يشجعون أبنائهم على الانخراط والتميز فيهما وهذا هو التناقض بل يصنفون الكرة والوتر من أمور الصعاليك! ، العنف الذي نراه في ميادين الكرة ربما تسبب فيه نوعية اللاعبين الذين يأتون غالبا كفاقد تربوي ، مباريات الهلال والمريخ هي عبارة عن عنف وضرب مفتوح تحت الحزام وليست هناك فنون كرة ولا يحزنون فاللاعب الذي يتم المرور منه يعتبر ذلك عيبا يوجب القصاص من غريمه وبالذات إن صاحت الجماهير صياح من شاكلة (دقه ، أدي ساطور) الذي نسمعه ، يصيحون وكأن هذه الجماهير قد أتت للتنفيس والصياح العشوائي غير المنظم بطرق التشجيع المعروفة ، وكاستجابة للجمهور ينفعل اللاعب ويوقف الخصم بعرقلة أرجله الاثنين بطريقة القص ، في البلدان الأوربية وحتى في الكرة الخليجية والمصرية تتم العرقلة بدفع الخصم في الجزء العلوي من الجسم عبر الكتف ليسقط بدون أن يتعرض لأذى جسيم او يمكن تعطيله بمسكه او شد الفانلة مما لا يتسبب بأذى جسيم للخصم أما عندنا فغالبا تتم العرقلة بالقص لأرجل الخصم الاثنين معا بصورة متهورة تستحق الكرت الأصفر ، الإنذار أو ربما الأحمر أي الطرد ومع ذلك حكامنا متراخون جدا جدا في إخراج الكروت الصفراء والحمراء ومعظم حكامنا شخصياتهم باهتة وضعيفة جدا وكبار في السن مقارنة مع من حولنا من الدول وليست هناك أي معايير في قوة الشخصية عند اختيارهم وهم سبب رئيسي في العنف المستشري الذي نراه في ملاعبنا ، وثمة ملاحظة لا نراها إلا في السودان وهي انه إن اخرج الحكم البطاقة الحمراء ضد فريق ما فانه يتقاضى بعدها عن كل تجاوز من هذا الفريق أي رخصة مفتوحة لضرب الخصم ، و هذا خطأ بل ينبغي أن يطرد اثنين و حتى ثلاثة فالمعيار هو تطبيق القانون ، رؤساء الأندية أنفسهم يميلون للتهريج والعنف وفي ذاكرتي الاعتداء على الحكم الجزائري في مباراة سابقة من قبل احد رؤساء أندية القمة ، والسؤال هو ما الذي ينقص من قدر رئيس نادي إن انهزم فريقه حتى ينفعل ، رئيس النادي مهمته ليست إحراز الأهداف ودوره الإداري هو شان آخر وليس عيبا هزيمة فريقه ولكن لأن تقويمنا له متخلف فهو يعتقد أن تقويم الناس له بعدد انتصاراته فقط من قال ذلك ، دور الإداري هو تهيئة المناخ للاعبين وحل مشاكل النادي المالية وتسييره بصورة مميزة وبأفضل ما يمكن في حدود المتوفر من الإمكانات لا أكثر ولا اقل ، الناس تقومه بهذا وليس بهزيمة أو انتصار ، فالعلة المزمن للكرة السودانية هي في أربعة ، أولها الفشل الإداري معظمهم يأتون لإدارة هذه الأندية لزوم الوجاهة الاجتماعية فقط و برغم كل هذا المال المبذول نحن ننتقل من فشل الى آخر ، في الثمانينات و بدون كل هذا المال كان وضعنا أفضل و ذلك لحسن الإدارة ، مجالس إدارات هذه الأندية العضوية فيها غالبا تؤتى بحكم الواقع المالي للفرد وبرغم وجود استثناءات قليلة كإداريين مجربين فان اغلبهم جهال بأسس الإدارة الحديثة ويرغبون فقط من دفع أموالهم بالظهور الاجتماعي والإعلامي ويمكنك ان تقارن إداريي أنديتنا بإدارة حاسمة كإدارة النادي الأهلي القاهري حيث لا لاعب كبير فوق النادي مهما كان وزنه فحسن حمدي رئيس النادي الحالي قليل الكلام والظهور كثير الانجاز وحاسم مع اللاعبين وقصته مع صالح سليم رئيس النادي الأهلي في الثمانينات تستحق ان تدرس ... حسن حمدي كان آنذاك مدير الكرة وعندما نجوم الصف الأول للأهلي عندما تمردوا على النادي واشترطوا الحصول على مستلزمات مالية للعب مباراة قمة ضد الزمالك ، لعب بالصف الثاني وفاز على غريمه التقليدي الزمالك في مباراة قمة واخذ البطولة.. أين نحن من هذا ولديهم بالأهلي مستويات تبدأ من البراعم ثم الناشئين ثم الشباب ثم التصعيد للفريق الأول اين نحن من هذا فهل تقدموا عبثا وتسيدوا إفريقيا كرويا ... أما هؤلاء رؤساء وأعضاء مجالس ادارت الأندية عندنا فهي لزوم الوجاهة الاجتماعية فقط كمثال إن أوقف النادي لاعبا يكون لأحد أعضاء مجالس الإدارة علاقة شخصية به وهو أمر تكاد لا تراه الا في السودان تتم عزيمته عنده على الغداء ووعده بالتدخل لإلغاء العقوبة والتفاخر أمام الجيران بان اللاعب فلان معنا اليوم مع أن هذا اللاعب فنيا وكفكر كروي غالبا ليس ذو قيمة كبيرة بمقاييس الكرة الحديثة اللهم الا ان كان مقياسهم هو (الدافوري) او هكذا تفكير معظم إدارات أنديتنا ، ثانيها اللاعب السوداني نفسه ، من ابرز عيوب اللاعب السوداني الواضحة انه ليس لديه تحكم بالكرة بالمكان الذي يريد إرسال الكره إليه فلا يستطيع التمرير الصحيح او التثبيت و الاستلام وقوة التهديف عنده ضعيفة ويشترك في هذه العيوب معظم اللاعبين الحاليين في الهلال والمريخ اغلبهم لا يتحكم بإرسال الكرة في المكان الذي يريده فلا يذهب التمرير في المكان الصحيح نتيجة عدم التحكم في الكرة وهي ميزات أصبحت متوافرة ليست في إقليم كتلونيا حيث نادي برشلونة الاسباني بل في جوارنا الإقليمي ، الكرة السعودية والمصرية وبلدان المغرب العربي وفي إفريقيا وعدم القدرة على الانتقال بسرعة من الدفاع للهجوم وعدم القدرة على السير بالكرة طوليا لمسافة طويلة وبسرعة عند الهجمة المرتدة ونحن خارج مستوى إفريقيا واللاعب السوداني بمستواه الحالي لن يصلح أبدا فقد صغرت سن الطلاب في الجامعات و لم تصغر سن اللاعب السوداني ، لكن ما العمل ؟ هناك حتما لاعبون ببنية جسمانية سليمة وسرعة وموهبة حقيقية بمختلف أقاليم البلاد ولكن لا يجدون طريقهم للملاعب وللأندية الكبيرة وللإعلام فلا كشافة محترفين لاكتشاف المواهب ولا دورات منظمة للناشئين والجامعات والثانويات والنتيجة تسجيل اللاعبين يقوم به سماسرة على السمع فقط عن اللاعب مثلها مثل سمسرة العربات والعقارات ، وثالث أسباب تخلفنا هو ضعف التحكيم الذي لا يساعد على اللعب النظيف البعيد عن العنف كمال سبق أعلاه ، ورابع الأسباب هو الجمهور ، الجمهور عندنا متعصب بعنف لفريقه ولا يقر بحق الخصم مهما كان أبلجا وغالبا لا يعرف متى يشجع ومتى يغضب من فريقه ويغادر الملعب ومتى حتى يصفر نكاية في فريقه و علينا أن نحترم بل ان نشجع الخصم صاحب اللعب النظيف ، هذه قيم ابعد ما نكون عنها بل هو جمهور معبأ فقط من الصحف المتعصبة لأنديتها ولا اعرف لماذا وأنا أشاهد التلفزيون ، نحن الجمهور الوحيد في المنطقة الذي في الإستاد يقف طول زمن المباراة ولا يجلسون على الكراسي ، لا اعرف لماذا وعلى ماذا!.. اجلسوا على كراسيكم يرحمكم الله. صحيفة الوفاق