[email protected] هنالك تعابير نستعملها ، و لكن الناس قد نسيوا مناسبتها ، أو معناها . و قد تستعمل في بعض الاحيان في المكان الخطأ . مثلاً نقول : ( نجضوا نجاض قبوره) . و يظن الكثيرون ان المقصود بقبوره هو نوع من الجراد الصغير . المقصود بالمثل المرأة التي اسمها قبوره ، وهي التي كان زوجها مسيطراً ، و كان كثير الضيوف ، و لا تجد الراحة . و تقول قبوره اتنجضت . و صار الناس خاصة النساء يقلن : ( اتنجضت نجاض قبوره) . القبور كنا نقبضه و نحن صغار ، نأتيه من الخلف و ببطئ ، ثم ننقض عليه . و بما أن لونه كلون الأرض ، فأننا نكشف اجنحته الداخلية الحمراء ، حتى يكون ظاهراً للطير . لأننا نضعه على القلوبية أو شرك السبيب كطعم . و شرك السبيب نصنعه من شعرة من ذنب الحصان . و هنالك ام جركم ، و هي خضراء اللون . و المثل يقول ( ام جركم ما بتاكل خريفين ) ، لأنها تعيش خريف واحد و تموت . و هنالك ابو جلوك ، و هو نوع من الجراد طويل نحيف و الجسم انسيابي و أرجل طويلة جداً . و لهذا يطلق امسه على النحاف و اصحاب السيقان الطويلة . و ما زال الناس يصفون الرجل الذي يحب شرب الخمر ببرعي و يقولون: ( خلاص يا برعي ). أو: ( قايل نفسك برعي ؟) . برعي كان من أسرة جيدة في الخرطوم ، أدمن الخمر ، و صار يتواجد في منطقة المحطة الوسطى في الخرطوم . و كان يطلب بعض النقود من معارفه لأنه صار شخصية معروفة ، حتى يتحصل على ثمن زجاجة الشري . و قديماً كانت تساوي 12 او 15 قرشاً . و في بعض الأحيان ينام في البرندات بعض ان يدخل اصبعه الوسطى في داخل عنق الزجاجة . و عندما يستيقظ يخرج اصبعه بطريقة فنية من الزجاجة ، و يواصل الشرب . "ما قلتوا مصريون ". في ايام الاستعمار كان محرماً على اصحاب البارات ان يبيعوا الخمر للسودانيين . و كان هذا مفروضاً على الادارة البريطانية بواسطة جمعيات مكافحة الرق في أوربا . لأن الاوربيين في الأول كانوا يعطون الافارقة الخمور ، و يطلبون منهم اصطياد اخوانهم و بيعهم . كما كان ممنوعاً كذلك بيع الاسلحة النارية أو الزخيرة للأفارقة . لأنها كانت تستعمل بواسطة الافارقة في اصطياد الرقيق . جمعية مكافحة الرق كانت عندها سلطة ضخمة في بريطانيا ، و جميع الدول الاوربية . بالرغم من ان بريطانيا كانت من أول الدول التي شجعت اصطياد الافارقة و بيعهم كرقيق . كانت هنالك جمعيات قوية كذلك ، مثل جمعيات محاربة الخمور . و الخمور كانت ممنوعة في امريكا لدرجة أن المافيا الايطالية قد صارت قوية بسبب انتاج و تهريب الخمور من كوبا و كندا و المكسيك ، أو صناعتها محلياً . و لقد اشتهر رجال العصابات مثل الكابوني و لاكي لوتشيانو . و لأيقاف الجريمة المنظمة تغيرت سياسة الحكومة و سمح ببيع و انتاج الخمور . و في الحقيقة ان الرئيس جورج واشنطن كان يمتلك مصنعاً لصنع الخمور و من أكبر تجارها. عندما رفض الخواجة صاحب البار في المحطة الوسطى في الخرطوم أن يبيع لبعض السودانيين الخمر ، لأنهم سودانيون . تحرشوا به و أرادوا ضربه . و قالوا له نحن مصريون . و في تلك اللحظة ربط كومر البوليس . فبدأ الجماعة في ملاطفة الخواجة و بدأوا في الانسحاب . فقال برعي و هو سكران بعض ان شهق شهقة شبع . (هع .... ما قلتوا مصريون ). و صارت مثلاً . في امدرمان لم يكن هنالك سوى باران . بار الارمني يارافنت مارقوسيان . و هو في الركن الشمالي الغربي من الجامع العتيق . و في نفس المربوع و داخل ميدان المحطة الوسطى امدرمان كان هنالك بار اليوناني ليمنيوس . و كان يعمل معه الشخصية الاسطورية موسى ناصر المعروف بود نفاش . و انضم اليهم البار الثالث في ميدان البوستة و اسمه بار على كيفك . و صاحبه ابستولو حاجوغلي . و البار الرابع كان بار حليم في الموردة و لم يكن مسموحاً لغير المسلمين بامتلاك البارات . و لكن ظهر بار الريس و هو مجاور لبار حليم . و هذا لتمويل منتزه الريفيرا و حديقة الموردة و حديقة الجندول و حديقة النيلين فيما بعد ، مكان جامع النيلين الحالي . و طبعاً كان شاطئ النيل يمتلئ بالشاربين و ( المدخنين ) . و كان العم حليم يقول عندما يكثر الزبائن و يبدؤا بالصراخ : ( مشينا ياخ ... مشينا ) . كان يقول : ( عالم عجيب . جينا نبيع ليكم الادب ما نفع . دلوقت بنبيع ليكم قلة الادب ، واقفين طالعين فوق بعض تكوركوا ) . العم حليم بدأ باره كمكتبة و لكن لم يبيع اي شئ . فقلب المكتبة الى بار و صار من اثريا امدرمان . أول بار يمتلكه سوداني كان في شندي . و كان هذا في سنة 1961 . و كان الجيش يستهلك كمية ضخمة من المشروبات الروحية . و هذا في ايام حكم عبود . و السبب أن احد المسئولين و ( يمت لي بالصلة) ، قد غضب من الخواجة صاحب البار في شندي . فعرض على احد اهل شندي ان يأتي له برخصة بار . نسبة لصلته بوزير الداخلية وقتها . و لقد كان . و صار أول مسلم يمتلك باراً . و شندي كانت مركز المدفعية السودانية . ( قميص عامر ) ، و عامر ازرق هو التاجر الكبير في الأبيض في زمن التركية ، قبل المهدية . طلب من احد المسافرين الى القاهرة ان يذهب الى خياط و يطلب منه قمصاناً . و عندما سأل الرجل عن المقاسات ، قال له عامر ازرق : ( الترزي عارف المقاس ) . و عندما رجع الرجل كان القميص مزبوط على صاحبه . و قالوا : (قميص عامر ، الفصلوا في الريف و طلع قدرو ) . ابراهيم عامر ازرق ، ابن عامر صاحب القميص ، اتصل بابكر بدري عارضاً مساعدته المالية . لأن المفتش الاسطوري برمبل في امدرمان رفض اعطاء بابكر بدري ارض لبناء المدرسة . لأن بابكر بدري اغتابه امام الناس . و كان هنالك من بلغ الوشاية ، كالعادة . و بعد أن اشتكى بابكر بدري المفتش لروساء المفتش في الخرطوم ، اجبروه ان يعطي بابكر بدري قطعة ارض . فأعطوه قطعة الارض في شارع الموردة المواجهة لدار حزب الأمة اليوم . و هذه الأرض كانت هي أرض الحملة . التي تؤخذ لها الحيوانات الهاملة من بهائم و حمير . و طالب المفتش بمستوى عالي من البناء . و أن يكون بالحجر أو الطوب . و لم يتوفر المبلغ . و كما اورد بابكر بدري في تاريخ حياته ، فأنه كان قد قطع علاقتة بأبراهيم عامر ازرق . لأنه عندما زار ابراهيم ازرق في مكتبه لم يبدئ ترحيباً كبيراً ببابكر بدري ، بالرغم من العلاقة منذ ايام التركية و المهدية . فطلب بابكر بدري من اصدقاء مشتركين ، ان يبلغوا ابراهيم بأن صداقتهم و علاقتهم قد انقطعت . و لكن ابراهيم هب لنجد صديقه القديم و كان له و للسيد عبد الرحمن و كونت ميخالوص اليوناني و المحسن عبد المنعم محمد ، القدح المعلا في بناء الاحفاد . و تبرع المهندس ابراهيم احمد والد المناضلة سعاد ابراهيم احمد ببناء المدرسة . و عرف بابكر بدري ان السبب في برودة لقاءه بابراهيم عامر ازرق ، انه في اثناء تلك الزيارة كانت زوجة ابراهيم تحتضر . و لقد أورد بابكر بدري هذه القصة حتى يتعلم الناس ادب الاحتراف بالخطأ . و كل مدارس الاحفاد و حتى الجامعة مسجلة بملكية الشعب السوداني . و أي سوداني يمتلك جزئاً من الاحفاد . ( يحلنا الحل بله ) . بله كان فكي او فقيه في المهدية . و كان حلو الحديث . و طلبوا منه ان يطلب من الخليفة عبد الله التعايشي ان يطلق سراح الخليفة شريف بن عم المهدي الذي كان في سجن الساير ، سيئ الذكر . و الخليفة كان يرقد او يجلس على عنقريب . و الجميع يجلسون على الأرض . و عندما فتح الفكي بله الموضوع غضب الخليفة و استعدل بعد ان كان متكئاً و سأل غاضباً عن ماذا قال بله . فتأكد للجميع بأن بله هالك ، او في مصيبة . إلّا ان الفكي بله قال : ( قلت ليك يا سيدي خليفة المهدي ، امي بتسلم عليك ) . فضحك الخليفة و ضحك الجميع . و حلّ بله نفسه . عندما فاتح الفنان ابو داوود النميري في موضوع اطلاق سراح الفنان وردي ، رحمة الله على الجميع . قال ابو داوود بعد ان اضحك نميري بعدة نكات : ( يا سيد الرئيس ، وردي ) . فغضب النميري و قال : ( وردي مالو ؟ ) . فقال ابو داوود : ( ياخي ما تشنقوا و تريحنا منو ) . فضحك النميري . و اطلق سراح وردي بعدها . كثيرا ما يسمع السودانيون جملة : ( و الله شيلني القفة ) . بمعنى ان الانسان قد خدعه . و القصة كما سمعناها لها خلفية درامية . و هي أن شخص قد شاهد رجلاً قوياً يعتدي على زوجته أو امرأة لها صلة به . و لم يقدر ان يدافع عنها . و عندما سألوه أعتذر و قال : ( انا كنت شايل القفة ) . و القفة كانت ممتلئة بالبيض . و خاف ان يتكسر . و لكن البعض يستعملها بدون ان يفكر في خلفيتها الدرامية . و هنالك الكثير الكثير الذي غاب عن الناس وسنعود له اذا اتسع الوقت . بعض هذه القصص قد اوردتها من قبل في مناسبات مختلفة . و لكن الاعادة لترسيخها في الذاكرة أو لكي يتعلم الشباب . التحية ع . س. شوقي بدري .