قراءة تانية حتى لا يصبح العلاج (( مرضا )) مستوطنا السر قدور تنقل وسائل الإعلام المختلفة كل يوم العشرات من أحاديث وتصريحات المسئولين في شتى الأمور والشئون بعضها من المألوف وبعضها يستحق التأمل والاهتمام ومن الأحاديث المهمة تصريحات الأمين العام للمجلس الشرعي للفتوى الدكتور عبد الله الزبير التي أعلن فيها عدم جواز حجز جثمان الميت شرعا وحديث فضيلة الأمين العام كان إشارة إلى قيام بعض المستشفيات بحجز جثمان المتوفى حتى يقوم أهله بسداد نفقات (( علاجه )) !! وذكر الأمين العام القاعدة الشرعية ان ما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه ثم أشار الى ان ذلك يتنافى مع الأمر الرباني بتكريم الانسان حيا اوميتا وهو حديث شرعي يجب ان تسمعه إدارات المستشفيات التي تطالب بتكاليف (( العلاج )) بعد الوفاة ولا أدري أي علاج هذا وقد توفى المريض فالأحرى بهم ان يقولوا تسديد نفقات (( الاقامة )) .. والحديث المنصف لإنسانية الانسان يستحق الاهتمام والاشادة بالمجلس الشرعي للفتوى ولامينه العام الدكتور عبد الله الزبير . ولابد ان تتضافر جهود الدولة مع جهود المجتمع لمواجهة المصاعب بتوفير العلاج والدواء بأسعار ميسرة لغير القادرين والعمل على نشر مظلة التأمين الصحي ليستظل بها الآلاف الذين يحتاجون الى نفقات العلاج . وهذا الأمر يجب ان يحرك النوازع والمشاعر الانسانية بين كل أفراد طبقات المجتمع القادرة التي عليها ان تقوم بدورها ومد يد العون لمساعدة الفقراء في التكاليف التي ترتفع كل يوم ومن أبسط مظاهرها عشرات الأشخاص الذين يتجولون في الطرقات ويتدافعون بين السيارات وهم يحملون روشتات العلاج ويطلبون المساعدة من اهل الخير . كما ان المجتمع ينظر الى رجال الأعمال وذوي القلوب الرحيمة ومن الذين لديهم الامكانيات للمساهمة في موضوع العلاج وتكوين جمعيات خيرية علاجية تقوم بتأسيس بعض المستشفيات والمراكز الصحية في الأحياء الشعبية الفقيرة .. وفي كل بلاد العالم يقوم أصحاب القدرة بمثل هذا العمل الإنساني . وتذكر الأجيال السودانية مساهمات شخصيات عديدة في مجالات خدمة المجتمع ببناء المدارس والمساجد والمراكز الصحية .. نذكر منهم على سبيل المثال عبد المنعم محمد وعثمان صالح ومصطفى الامين وعلى ومحمد احمد البرير و أبو زيد البلوق وعلي العشي الذي أقام مستشفى في بورسودان وغيرهم من أبناء العاصمة والاقاليم الذين بذلوا المال لمساعدة الفقراء . كما أن هذه المسألة تحتاج الى المساهمة الصادقة من نقابات وجمعيات الأطباء وهم رسل الانسانية ليخففوا من اسعار الكشف والعلاج ويمكن ان يقدموا خدمة إنسانيه جليلة لو تعاونوا على إقامة مستشفيات اقتصادية تتولى النقابة إدارتها ويتناوبون على خدمة طلاب العلاج بها . و لابد ان يكون لديوان الزكاة الدور المؤثر في هذا المجال ويمكن ان يكون له مساهمه فعالة بالعمل على قيام المستشفيات الخيرية وبدعم أهل القدرة الذين يريدون تخفيف أعباء غير القادرين . وأخيرا نرجو ان يعمل الجميع على مواجهة هذه المشكلة الاجتماعية حتى لا نجد ان قضية العلاج قد أصبحت من الامراض المستوطنة الراي العام