أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    لجنة تسييرية وكارثة جداوية؟!!    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    المريخ يتدرب بالصالة    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفكيك الخطاب العربي الإسلامي
نشر في الراكوبة يوم 03 - 04 - 2012


[email protected]
تفكيك الخطاب العربي الإسلامي
بين الإسلام كثقافة والإسلام كرسالة
من اجل عصر تدوين سوداني
(4)
الرسالات الإسلامية والكمال:
ان إحساس الرعب الذي يتولد من طرح أسئلة من شاكلة هل الرسالة الإسلامية التي يقرؤها الانسان في المصحف كاملة تاريخيا؟ وهو سؤال لكل الرسالات الإسلامية في معني الكمال الذي وقف عند لحظة اعادة الاستيعاب التاريخية لذلك وقفت الرسالات الإسلامية كلها حتى الرسالة الخاتمة نتيجة لعدم الاستفادة من الإرشاد بمعني الرسالة. وينبع ذلك الإحساس بالرعب من ان النخب العربية لم تحاول ان تتجاوز الترميز المجتمعي للإله من قبل المجتمعات العربية في زمن الرسالة وحتى الآن، فكان الترميز لأدوات الرسالة السماوية من قبل المجتمعات مصاغة كمفاهيم من قبل النخب. فصياغة النخب للكتاب كقيمة للإله ومفهوم العصمة للرسول كشريك في القيم الإلهية والالزام والفرض من قبل الإله كسيد وغيره. ولذلك نجد مفهوم الفرض والالزام لاتباع الإله السيد رغم ان الإله لم يأتي في مضمون الرسالة بمفهوم فرض عليكم ولكن الخطاب (بكتب) كعهد لمزيد من الوعي بذلك العهد ولكل ذلك لم تتجاوز النخب بمفهوم العبادة مفهوم الإله السيد.
ان الرسالات السماوية كارشاد لمزيد من الوعي من داخل الإنسان لم تقف عند مرحلة الرسالة المحمدية فهي ارشاد لكل العصور في الوعي، ولذلك نترك مفهوم الإله السيد والقيم الإلهية للنخب العربية ونتحول لنجاوب على السؤال هل زيادة أو نقصان المصحف العثماني تعني زيادة أو نقصان في الرسالة؟
بناء على رؤية الإله المتعالي والتحولات فقد جاوبنا ضمنيا على هذا السؤال في الفقرات السابقة وهي ان الرسالات السماوية كانت تأتي متابعة للتحولات فقد كانت تأتي لكل مجتمع على حدة ولكن بعد وصول التحولات الاجتماعية إلى امكانية الوعي بالذات الإنسانية والأخر فقد جاءت الرسالة الخاتمة للفرد العادي بامكانية تحقيق إنسانيته داخل مجتمعه أو داخل المجتمعات الأخرى حتى لا يكون هنالك عزر لاي فرد في ممارسة إنسانية لا تعبر عنه مجاراة لنخب معينة (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)) وان لا يعتدي أو يظلم وان يكون مدافع عن ذاته ومجتمعه الذي يعبر عنه وغيرها من الإرشادات التي تعبر عن الفرد في أي مكان من الارض، اما النخبوي فمهمته اكبر وهي الوعي بمقاصد الرسالة (ليس مقاصد الشريعة) أو الامانة كما عبرت عنها الرسالة في الوعي بمجتمعه والترميز الذي يحمله والمجتمعات الأخرى كل على حسب طاقته وموقعه من مركز التحولات وتجاوز التقاطعات التي تنشاء نتيجة للترميز القيمي وغيرها.
واخيرا هل النص كامل إنسانيا؟ أي هل تم تدوين كل فترة الرسالة التي امتدت إلى أكثر من عشرين سنة داخل المصحف العثماني؟ من خلال السرد السابق والوعي به نجد ان لا حاجة للاجابة على هذا السؤال فالرسالة ليست في كتاب مكتوب ولكنها عهد في حياة الإنسان إذا كان فرد عادي أو نخبوي كل في مجاله، ولكن نسير فيه قليلا لتقديمه من قبل النخب العربية والنخب التابعة لها باعتبارها حجة على رؤيتها الثقافية.
المصحف العثماني والتدوين:
المتتبع للنص المحمدي يجد أولا عند وفاة الرسول (ص) لم يكن هنالك مصحف بمعني جامع لكل النص فقد تم جمع النص في المرحلة الأولي في زمن أبو بكر الصديق نتيجة لظرف طبيعي وهو وفاة الحفاظ في معركة اليمامة والجمع الذي تم هنا بمعني التقاط الأشياء فحتى تلك اللحظة لم يكن هنالك اخر ثقافي ولكن مجتمعات عربية لذلك تم تجميع معظم الكتابات التي تمت إذا كانت من عسب أو قطع الاديم أو الرقاع أو غيرها وتجميعها في مكان واحد دون ان يكون هنالك ترميز للغة المكتوبة كما سنجد فيما بعد. ولقد ذكرنا سابقا نسبة لعدم وعي المجتمعات العربية ببعضها البعض من خلال إنسانيتها والاحالات المادية السلوكية فقد كانت الرسالة تمثل جزء من الكل القيمي لكل مجتمع على حده، ولكن مع التحولات تم استيعاب الكل العربي ككل إنساني دون الاخر ولذلك تجاوزت المجتمعات رؤيتها الإنسانية بناء على وعيها الجيني والراهن في رؤيتها للإنسانية الذي كان في اتجاه مجتمع الرسالة المحمدية ومع وفاة الرسول اتجه معني الرسالة مباشرتا إلى الرسالة الشفهية التي كان يلقي بها إليهم ونشات المقاربة بين الوعي المجتمعي والرسالة ذلك الوعي الذي قاد النخب من الرسالة الإرشادية إلى السنة إلى مفهوم السلف الصالح وغيره لإعادة استيعاب الرسالة المحمدية بناء على الوعي المجتمعي التاريخي. وبالتالي أصبحت رؤية النخب تؤدي إلى تأخير التحولات الاجتماعية حتى للمجتمع العربي نسبة لمدلولية الخطاب على إحالات مادية محددة تاريخيا تم تجاوزها من قبل المجتمعات العربية، ولذلك في المراحل التاريخية التالية كانت النخب تابعة للمجتمعات في محاولات استيعاب متكررة للتحولات التي تتشكل كقيم سلوكية ولكن مع استمرار تحول المجتمعات الأعمى والذي أدي إلى تجاوز تلك الإحالات على المستوى الداخلي ثم تكريس الخطاب النخبوي المتبقي فيما تم استيعابه من النص في الإحالات المادية لمفهوم العبادة ونسبة لبعد النخب عن المجتمعات كان توسيع تلك الرؤية يتم من خلال ما تبقي من تلك الرؤية التي كانت تعني الأنا والمجتمع والإله وعند قصور تلك الرؤية عن استيعاب الأنا والمجتمع المتحول ثم تكريسها في الاستيعاب الإلهي الذي يقوم على الإله الفاعل تاريخيا وبالتالي استبعاد الطبيعي والإنساني عن الوعي داخل تلك الكلية.
واستيعاب النص على أساس الهوية العربية التاريخية هو ما اوجد التضاد بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى نسبة لإعادة صياغة النص من داخل الهوية العربية وعند التحولات يتم رؤية الأخر من خلال تلك الرؤية ليس باعتبارها رؤية ثقافية ولكن باعتبارها رؤية إلهية وهي الرؤية الايدولوجية التي قدمتها الثقافة العربية لبقية الثقافات باعتبار الثقافة العربية ثقافة الإلهية بكل محدداتها الثقافية وتجاوزت ما يوجد داخل النص من الاعتبار واخذ العظة من الأمم الأخرى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26))، (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50))، فالمجتمعات العربية لا تختلف عن بقية الثقافات وطريقة الاستيعاب ولذلك فصلت الرسالة في خطابها بين المجتمعات والنخب حتى يستفيد الكل من الرسالة الإرشادية داخل المجتمع الواحد وبين المجتمعات. فالرسالة التوحيدية لم تختلف على مر العصور ولكن الأمثال التي تأتي داخل الرسالة في محاولة لتعميم الإنسانية بناء على الترميز السلوكي للكل المجتمعي، حتى تتجاوز النخب والمجتمعات القصور في الوعي الجيني، فإذا اخذنا الزواج مثلا كمعيار سلوكي للإنسانية نجد في قمة هرم التحولات الاجتماعية كانت الانثي تجد كامل الاهتمام باعتبارها جزء انساني من الكل المجتمعي لذلك كانت طقوس الزواج المعروفة من خطبة ومهر وغيرها، اما في المجتمعات الأخرى والتي تختلف في التحولات الاجتماعية وكانت تري في الانثي إنسان ناقص (وليس إنسان مختلف عن الرجل) لذلك نجد زواج الاستبضاع والمضامدة وغيره. لذلك جاءت الرسالة في تعميم الترميز السلوكي على الكل المجتمعي عند كل مرحلة تحولات وعدم المزج بين الوعي الجيني والترميز السلوكي الذي يؤدي إلى تراتبية مجتمعية بعيدة عن الإنسانية. ولم يتجاوز النص من قبل النخب العربية للقيم السلوكية المجتمعية التاريخية اما ما لم تستطيع تلك الرؤية استيعابه من خلال النص مثل اية الكلالة (كإعادة استيعاب للكلية الإنسانية من قبل النخب بعيدا عن تحولاتها التاريخية ووقوفها عند ترميز تاريخي وتجاوز التحولات التي كانت تحدث داخل المجتمع المكي في مثال السيدة خديجة وغيرها) أو بتمدد ما يعرف بالناسخ والمنسوخ لتنسخ آية واحدة عدة آيات لعدم إمكانية استيعاب تلك الآيات من خلال الكلية النخبوية. فحتي تلك اللحظة كانت النخب الثقافية تسير مع مجتمعاتها في اعادة الاستيعاب لمعني الإنسانية بتدوين الوعي المجتمعي بالإنسانية داخل العرقية العربية مع عدم الوعي لوجود الأخر الإنساني وهويته الذاتية أو حتى وجود مساحة للتحولات داخل المجتمعات العربية. وادي الانتقال من المتحول إلى الثابت عند التدوين النخبوي بتوقف رؤية النخب لوقفها عند مجتمع التدوين.
الفرق بين الخطاب والكلام:
ان النسق المعرفي عبارة عن خطاب نخبوي فاستخدام اللغة عند الفرد الذي لا يخضع لضغط التحولات المعرفي يكون تكملة للكل الإنساني فتنقسم الثقافة إلى فرد يمارس الإنسانية من خلال الخطاب وهو النخبوي واخر يمارس الخطاب من خلال الإنسانية وهو الفرد العادي الذي لا يعني له تشكيل العبارات أي اثر بعيدا عن كليته الإنسانية ولذلك فان الخطاب لذلك الفرد يتجسد في مقولات جزئية تعبر عن إحالات مادية مباشرة. فعند تحركك من المجتمعات الحقيقية إلى داخل مجتمع التحولات جينيا، يختلف معني الإنسانية من المعني الجيني المجتمعي إلى الترميز السلوكي والخطاب اللغوي. اما النخب فكان عليها عند اعادة الاستيعاب تجاوز ترميز ما هو ثقافي إلى ما هو إنساني، ولكن اعادة الاستيعاب من قبل النخب أو التدوين للرسالة الإسلامية كقيم إلهية أدت إلى الوعي بالثقافة العربية كنموذج وليس مثال وبالتالي كان إعادة صياغة الخطاب باعتباره خطاب الهي بدلالات سلوكية وإحالات قيمية محددة كل ذلك أدي إلى ان يكون ذلك الخطاب احد أدوات الترميز الثقافي التي تجاوزتها الرسالة في الأول في الأصنام والنظر إلى الأنثى كانسان اقل مرتبة عن الرجل (اما الدعوة في الرسالة إلى اختلاف الأنثى الذي يرجع لاختلاف الوعي الجيني بين الذكر والأنثى، فاختصاص الرجل من خلال وعيه الجيني في اعادة الاستيعاب ومحاولة تجاوز الترميز المجتمعي عند التحولات كان يقابله استيعاب انثوي لتلك الرؤية من خلال الواقع فالانثى تحاول رؤية الكلية من خلال الواقع لذلك هي اقرب للوعي الجيني والمجتمع، اما الرجل فكان يحاول اعادة استيعاب الواقع من خلال كلية قيمية تستوعب كل المجتمعات وليس المجتمعي الجيني فقط إذا كانوا رسل أو نخب فكرية). والدعوة إلى تجاوز التراتبية المجتمعية في الرسالة الإرشادية نجده مثلا في (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)) وغيرها. ولكن إعادة الاستيعاب أدت إلى ان تعود الهوية الثقافية وتحولاتها كنص الهي، فتم استبدال الترميز داخل الوعي الاجتماعي والذي صاغته النخب كمقولات من خلال استبدال ترميز القيم الإلهية والإنسانية بترميز الكتاب والسنة وتقديس الأماكن وغيرها واستمرار النظر إلى الانثي بانها ادني التي استمرت حتى الآن وكذلك التراتبية في الثقافية العربية وهكذا.
فلم يخرج لفظ الكتاب عن معناه اللغوي في دلالته التاريخية كعهد إذا كان بين الإله والإنسان أو بين الناس، فلم تكن العرب تعرف الكتابة إلا في العهود، وقد استعمل لفظ الكتاب في الرسالة المحمدية للدلالة على عهد مع امم سابقة من قبل الإله كما في المسيحية أو اليهودية أو عهد نهائي بين الإنسان والإله في الإرشاد لكيفية اعادة استيعاب الإنسان المجتمعي الثقافي أو الاخر الثقافي أو الإله المتعالي. ونجد الاستخدام لمفردات الثقافة العربية في الرسالة المحمدية بمعناها كما في احالاتها البيانية المجتمعية واختلفت فقط عند الكلية فكانت الدعوة إلى عدم الترميز الالهي أي الإله في ذاته هو خارج اطار التاريخ والثقافة لذلك كانت معرفة الرب ليست في الذات الالهية ولكن في الوعي بالإنسانية والكون ذلك ما يمكن ان يوصلك إلى الوعي بالإله المتعالي أو كما ذكر الله (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)، (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79))، (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)).
مفهوم الكتاب:
كانت تستخدم المفردات في الرسالة بمعناها المجتمعي الذي يستوعب تلك المفردة من خلال معناه البياني المجتمعي (حتى يتم التفريق بين معناها ذلك والمعاني التي دخلت بعد اعادة الاستيعاب والتي تكون واضحة في المعاجم اللغوية) ويأتي ذلك لتوحيد المعني الإنساني بين الوعي الجيني والوعي السلوكي لكل المجتمع وان لا يكون مختصر على فئة محددة داخل مجتمع التحولات ولذلك نجد في الإحالة البيانية في المعاجم لمفهوم الكتاب (كُتْبٌ. كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كَتْباً وكِتاباً وكِتابةً، وكَتَّبَه: خَطَّه؛ والكِتْبةُ: اكْتِتابُك كِتاباً تنسخه. اكْتَتَبَ فلانٌ فلاناً أَي سأَله أَن يَكْتُبَ له كِتاباً في حاجة. واسْتَكْتَبه الشيءَ أَي سأَله أَن يَكْتُبَه له. اكْتَتَبَ الرجلُ إِذا كَتَبَ نفسَه في دِيوانِ السُّلْطان. والكِتابُ: ما كُتِبَ فيه. الكِتابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانة، والمُكاتَبَة والتَّكاتُبُ، الكِتابُ ما أُثْبِتَ على بني آدم من أَعْمالهم. والكِتابُ: الصحيفة والدَّواةُ، الكاتِبُ عِنْدَهم العالم).
ونجد اثر التحولات الاجتماعية حتى في صياغة المعاجم فالكتابة عند دراستنا للتاريخ العربي قبل الرسالة لم تكن هي قيمة في حد ذاتها فقد كان العرب يفتخرون بذاكرة الحفظ (والتي استمرت في وعينا حتى الآن) ولذلك كان الوعي بعلة الكتابة وليس بها من حيث هي لذلك فان الوعي بمعني الكتاب أو الاكتتاب أو كتب داخل الرسالة يكون رؤيته من هنا أي من استعمالها المجتمعي الذي جاءت به الرسالة، اما المعاني الأخرى بالإضافة إلى معاني: الفَرْضُ والحُكْمُ والقَدَرُ؛ فهي تدخل ضمن الرؤية الكلية للنخب عند اعتماد الترميز المجتمعي وأدت بذلك إلى فرض الإحالات الثقافية كمفهوم الإلهي. ونجد في تفسير الآية الثانية من سورة البقرة في تفسير الطبري: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) (2) (وقد يحتمل قوله جل ذكره(ذلك الكتاب) أن يكون معنيًّا به السُّوَرُ التي نزلت قبل سورة البقرة بمكة والمدينة). وهذا القول اتي بعد اعتماد الرسالة المحمدية كنص، والتي أدت فيما بعد إلى وصف كلمة الكتاب إلى مصحف الإمام أو المصحف العثماني.
وكما نجد الإحالة المادية أو المعني البياني المجتمعي في سورة الشوري (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)). فالاحالة بين كتب وكاتب ومكاتبة وتكاتب وغيرها في احالتها المادية العربية أو علتها من خلال التجارة كان في أوضح صوره بالربط بين الميزان والكتاب فكان على النخب غير العربية (بعد ترميز النخب العربية للرسالة) الوعي بدلالة التاريخ على ذلك الترميز وعدم تجاوزه لكي لا يصبح رمز يقيد المجتمع في تحولاته. فالمقولات والمفاهيم تتجسد من خلال احالتها التاريخية وليس من خلال الترميز اللغوي الذي يكون نتيجة للتحولات التاريخية فاعتبار المفهوم دال على ذاته أدي إلى عدم التطابق بين المفاهيم واحالاتها المادية. واذن فان إرجاع الرمز اللغوي إلى معناه السلوكي أو البياني حتى يتم تفكيكه من المعني الكلي الذي اوجدته النخب فكان لفظ الايمان مثلا ليس بالمقولات هذا أولا حتى يخرج المعني اللغوي إلى المعني المادي (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)) فاكتفاء المفهوم بذاته من خلال الرؤية الكلية للهوية الإنسانية هو ما يتم إحالة نغيضه للأخر الثقافي كرؤية كلية، وتكون النخب والمجتمعات العربية هي من تحدد الإحالات المادية لتلك المفاهيم. (الكُفْرُ: نقيض الإِيمان؛ كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا كُفْرُ النعمة، وهو نقيض الشكر. الكوافرُ جمع كافرة، يعني في التَّعادِي والاختلاف). والكفر في اللغة بمعني الستر أي تغطية الشيء اما الكافر فهو ليس ضد الانا كما تم تصويره في معاني المعصية والنكران والجحود والمعني السلوكي من أوضح الصور في الفرق بينه وبين الرؤية الكلية فستر الشيء أو تغطيته أو تفسيره وفق رؤية أخرى يمكن ان يتم بين الافراد داخل الكلية المحددة ولكن المعني الكلي الذي تم اتخاذه بعد ذلك من تعادي واختلاف ونقيض الشكر وغيره هو الذي يبعد بين الانا والاخر الثقافي والإنساني. فالتمسك بترميز محدد داخل الرؤية الكلية يقود النخب ومن بعدها المجتمعات إلى التقييد بسلوكيات تجاوزتها التحولات الاجتماعية وأصبحت واضحة بالنسبة لهم ان ما هم عليه ليس بكامل ويجب تجاوزه ولكن ذلك ما وجدوا عليه اباءهم كما في الآيات التي نزلت في نزاع الاوس والخزرج (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)) فالكفر هنا العودة إلى سلوكيات محددة تجاوزتها قيم المجتمع الانسانية كما ذكر الله في الآيات التي بعدها (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)) فالرجوع إلى سلوكيات محددة ومحاولة تغطية أو ستر تلك السلوكيات بقيم تجاوزتها المجتمعات، فالرجوع اليها من قبل المجتمعات أو النخب بعد ان ظهر قصورها عن استيعاب الكل المجتمعي ككل انساني هو الكفر الذي يشير إليه المعني اما معاني الجحود والنكران وغيرها هي معاني لاحقة للتحولات الاجتماعية من قبل النخب العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.