العصب السابع طفرة فقهية...!! شمائل النور هل سمعت عن مسؤول سوداني تقدم باستقالته لأسباب التقصير في واجباته، هل سمعت بإقالة مسؤول سوداني نتيجة خطأ ارتكبه ولو كان الخطأ بحجم الكارثة الوطنية.. غداً الخميس كان مقرراً أن يفتتح الرئيس مصنع سكر النيل الأبيض.. الترتيبات "تقوم وتقع" إلا أنه عصر أمس تقدم وزير الصناعة عبد الوهاب عثمان باستقالته، نعم استقالته لأسباب التقصير.. المصنع المقرر افتتاحه غداً اكتشف قبل يوم من الافتتاح أنه لا يوجد له نظام تشغيل (software) لأسباب المقاطعة الأمريكية، حسب بيان السيد الوزير.. السؤال مباشرة، هل كان الوزير غير ملم بهذه التفاصيل، أم أن هناك أحدهم أوهمه بأنه سوف يخترع نظام تشغيل من بنات أفكاره ثم خذلته بنات أفكاره، أم ماذا.. في كل الأحوال المسئولية مباشرة تقع على عاتق وزير الصناعة، الوزير باعتباره سودانياً، ومن هذه الحكومة كان يُمكن أن "يُخارج" نفسه بأية طريقة كما يفعلها كثيرون، لكنه استقال واستقال لأسباب الحرج الذي أوقع فيه حكومته قبل شعبه. الاستقالة لسبب التقصير في واجباتك -التي أقسمت ان تؤديها بإخلاص- باي حال من الأحوال هي تصالح مع الذات وحفظ ماء الوجه فالخطأ لا يندرج تحت منظومة العيوب بأي شكل من الأشكال لكن هناك فرق كبير بين أن يتضرر من الخطأ مرتكب الخطأ لوحده وأن يتضرر من الخطأ شعب بأكمله مثلاً.. فالعيب هو أن نتمادى ونغض الطرف عن انتهاكات تحدث بشكل مستمرّ ونراها بأعيننا ونحن عاجزون أن نشير إليها، لسنا بمعرض المقارنة بيننا وأمريكا.. أتذكرون عام 2007 عندما استقال رئيس البنك الدولي بول ولفوفيتز المُقرب جداً من الرئيس جورج بوش وقتها، جاءت الاستقالة بعد تورط ولفوفيتز في فضيحة محاباة وانحياز، حيث قام ولفوفيتز بزيادة راتب صديقته الليبية الأصل التي تعمل بالبنك فقد مثل قرار زيادة راتب موظفة انتهاك لقواعد ولوائح البنك الدولي وبالتالي انتهاك كبير في لوائح الدولة.. ولأن الدولة هناك محترمة ولا تتعامل بفقه السُترة كان ليس أمامه إلا الاستقالة أو الإقالة.. وشتان طبعاً ما بينهما.. لكن استقالة وزير الصناعة –إن لم يتراجع- سوف تكسبه احتراماً متناهياً حتى لو ارتكب أكبر الأخطاء وسوف تُحسب له أضعافاً.. فقط لأنها طفرة "فقهية" عالية المستوى.. طبعاً نحن لسنا أمريكا ولن نصبح مثلها بين ليلة وضحاها.. وليس العيب فقط في المسؤولين بل العيب في الأجاويد، جماعة "ياخي صلّ على النبي،، الموضوع ما بستاهل".. طبيعي جداً أن تتشكل لجنة من الأجاويد ليصبوا كل اجتهادهم في إثناء وزير الصناعة عن قراره، وعادي جداً أن يتم ذلك ويرجع الوزير أكثر ألقاً.. رجاء.. لا تثنوه عن استقالته، ما دام استشعر التقصير وأقرّ بذلك بكل احترام.. دعوها تصبح ثقافة جديدة، ولو لم تكن ثقافة، فلتكن فقهاً جديداً ليس كفقه السُترة.. رجاءً لا تثنوه.. التيار