قراءة تانية معهد التدريب الإذاعي ضرورة لازمة السر قدور في بداية ستينات القرن الماضي ،جاءت إلى الخرطوم فرقة أضواء المدينة المصرية بقيادة المذيع جلال معوض، وضمت العديد من نجوم الغناء المصري من بينهم صباح وشادية التي غنت على السلم الخماسي (( يا حبيبي عودلي تاني )) في خلال مشاركة الفرقة في احتفالات ثورة الفريق عبود 17 نوفمبر 1958 وأثناء تلك الزيارة قررت المذيعة المصرية سامية صادق التي حضرت مع الفرقة تسجيل حلقة من برنامجها الشهير (( حول الأسرة البيضاء )) في مستشفى الخرطوم، وذهبت ومعها بعض نجوم الفرقة بصحبة الفنان احمد المصطفى .. وقد ذهبت أنا لحضور المناسبة بصفتي المحرر الفني لجريدة (( الناس )) ، وبعد جولة سامية صادق مع نجوم الفن على المرضى داخل المستشفى والتسجيل معهم عاد الجميع لتناول المرطبات في مكتب مدير المستشفى الدكتور عبد الحليم محمد الذي طلبت منه سامية صادق إجراء حوار معه .. وقد لاحظت خلال الحوار إنها بعد كل إجابة من دكتور حليم وفي بداية كل سؤال جديد تقول : ونسأل الدكتور عبد الحليم محمد مدير مستشفى الخرطوم .. كانت تفعل ذلك في بداية كل سؤال ومع إني استغربت هذا الأسلوب ولكني لم اسألها .. بل سألت الحاجة ثريا جودت بعد سنوات وقد اتخذت نفس الأسلوب وهي تجري حوارا مع الشاعر الكبير محمد المهدي المجذوب في استديو ركن السودان بالسفارة المصرية في الخرطوم ، وعندما سألتها عن سبب تكرار اسم الضيف قبل كل سؤال جديد قالت لي في كثير من الأحيان يحول المستمع مؤشر الراديو فيجد ضيفا يتحدث فيسأل من يكون ، ولابد لمن يجري الحوار أن يعيد اسم الضيف بين فترة وفترة حتى لا ينشغل المستمع عن موضوع الحوار بمحاولة معرفة شخصية الضيف .. وقد لاحظت إن هذا الأسلوب متبع في كل البرامج الحوارية في الإذاعات والشاشات المصرية والعربية المختلفة فتعريف شخصية الضيف يتم بصورة متواصلة خلال دقائق الحوار. تذكرت هذا وأنا أشاهد قبل أيام لقاء أجرته إحدى القنوات التلفزيونية مع مطرب جديد صاحب موهبة وصوت جميل، ولأني شاهدت البرنامج بعد بدايته فقد حاولت معرفة شخصية أو اسم الفنان الجديد ولكن دون جدوى. فقد ظلت المذيعة المحاورة توجه السؤال بعد السؤال وتقدم الأغنية بعد الأغنية ولا تتكرم بذكر اسم الضيف، ولم اعرف من هو حتى نهاية البرنامج .. وحتى الآن .. وحدث نفس الشيء على قناة أخرى استضافت احد الاقتصاديين تحدث عن محاربة الغلاء ورغم طول زمن البرنامج فأن مقدمه لم يذكر اسم الضيف أو وظيفته ولو لمرة واحدة ، بل ختم المقابلة بجملة تحتاج إلى ترجمة عندما قال (( وحتى نلتقي .. إلى اللقاء )) وكان يمكن أن يقول حتى نلتقي لكم تحياتي .. فتستقيم الجملة. اخلص من كل هذا إلى إننا نحتاج إلى معهد للتدريب الإذاعي والتلفزيوني بعد أن تعددت لدينا القنوات والإذاعات ولدينا العدد الكبير من الشباب الموهوبين ولكنهم يحتاجون إلى التدريب. وإذا قررنا قيام معهد التدريب الإذاعي فأن ما نحتاج إليه هو المقر فقط فلدينا الكثير من أهل العلم والخبرة والتجربة الذين يمكنهم العمل في المعهد .. وفي مقدمة هؤلاء عميد الإعلام العربي والسوداني البروفيسور علي شمو وهناك من أصحاب التجارب محمد سليمان وصالح محمد صالح وعلم الدين حامد وحمدي بولاد وحمدي بدر الدين وهناك الدكتور صلاح الفاضل وهناك معتصم فضل، هؤلاء وغيرهم جديرون بقيادة معهد التدريب الإذاعي والتلفزيوني دعما وتقوية للعمل الإعلامي السوداني. وأرجو أن ينظر الدكتور عبد الله علي مسار وزير الإعلام إلى هذا الاقتراح وان يعمل على تنفيذه .. وأقول هنا إن وزير الإعلام المرحوم عبد الماجد أبو حسبو مازال الناس يذكرونه بصفته مؤسس معهد الموسيقى والمسرح وقد تخلد اسمه بهذا المعهد. وأرجو أن يخلد اسم الوزير مسار بقيام معهد التدريب الإذاعي لا بان يكتب اسمه على لوحة رخامية، فلوحات الرخام تزول او تزال ولكن العمل المفيد لا يمكن إزالته من ذاكرة التاريخ.