المقاطعة الامريكية و الحاوى الهندى إبراهيم بخيت [email protected] فى عام 2007 زادت الادارة الامريكية من العقوبات الاقتصادية التى فرضتها على السودان ، و حينها كان السودانيون قد تعودوا و إعتادوا ذلك من حكومة الانقاذ, إعتادوا أن تتخذ اليوم القرار المتعجل غير المدروس ، و تتبعه باغلظ القسم ، ثم ما تلبس و تحت الواقع الموضوعي أن تجد نفسها مضطرة للتنازل و التراجع عنه و ليس مراجعته . وليس في هذا أي افتئات عليها ، فسجلها مكشوف يراه كل منصف و مدرك . فعلى سبيل المثال لا الحصر الناظر لما تشيعه و تذيعه عن علاقتها بأمريكا يجزم بأنهما لا يمكن أن يلتقيا على أي ساحة من الساحات .و ان الذى بينهما لا يمكن ان يأتلف ابدا إلا إذا اجتمع الفرقدين . و عند كل أزمة تنشب بينهما و ما أكثرها من أزمات ، تطلق الحكومة لمنسوبيها العنان فلا يلبسوا أن يملأوا الأثير امتنانا بالخدمات التي قدمتها لأمريكا و ما اجحدها من أمريكا . و تدخل المواطنين فى حيرة شديدة و ( لحوسة ) عندما تذيع داخليا أن ليس لأمريكا مثقال ذرة من القدرة على التأثير على قراراتها , و ليس لها الثقل الذي يمكن أن يجبرها على فعل شيء لا تريده و لا ينسجم مع توجهها الحضاري . و المواطن يسأل اذن لماذا نقدم الخدمات لها و نمتن عليها فى ذات الوقت طالما اننا لا نحتاجها و لا نطمع فى عطاياها و لا نهاب تهديداتها ؟ و بناءا على ذلك ما بال حكومتنا تشجب و تندد بالقرارات الامريكية. و إن كانت العقوبات هي حصاد منطقي لما زرعته الإنقاذ و نتيجة حتمية لما اقدمت عليه من خطوات فى السياسة الخارجية و شعاراتها المجافية لقواعد التعاملات الدولية و علاقات الدول إلا أن الجديد فى هذه العقوبات انها تعدت حصار الدولة و شملت بعض أشخاص و شركات المؤتمر الوطني الحزب الحاكم . الأمر الذي حرمهم من الاستفادة من النظام المالي الغربي و المرتبط بعملة الدولار . و لا يمكن القول أن لا تأثير لها على مجمل العمل المالي و الاقتصادي . و لن تغنى في ذلك الأموال و البنوك الآسيوية ،و قد تأكد ذلك فى الازمة المالية الخانقة حاليا و هبوط الجنيه السودانى عموديا . والفضيحة ذات الارجل الاخطبوطية التى صاحبت مصنع النيل الابيض للسكر منذ اعلان الجاز افتتاحه فى يوم " حداشر شهر حداشر سنة الفين و حداشر الساعة حداشر و الدقيقة حداشر , الثانية حداشر " و كل سجع الكهنة الذى صاحب ذلك الاعلان – ملحوظة لم ينكر الجاز هذا السجع و لكنه اوضح ان ذلك التحديد الصارم المؤكد وصل اليه بعد التشاور مع كافة المشاركين فى اتمام ذلك المصنع – و اليوم وقفت كما يقولون امريكا عقبة فى افتتاح المصنع بعد ان اعملت قانون المعاقبة على النظام و منعت توريد البرمجيات اللازمة لتشغيل بعض أجزاء المصنع . و لكنهم و يا للغرابة لم يشتمنها مباشرة و لو يوردوا اسمها علنا حتى الان .و كأن المقاطعة اعلنت قبل الافتتاح بيوم ، عجبى ، و لكن رغم ذلك ما زالت سياسة عض الاصابع العنترية بين امريكا و المؤتمرالوطنى مستمرة. و ما زالت الادارة الامريكية تمدد فى فترة سريان العقوبات . و الرئيس يؤكد ان المصنع سوف يتم افتتاحه فى الاسابيع القليلة القادمة ، كيف؟ نترك الايام تفعل ما تشاء . و ما زال المؤتمر الوطنى ايضا يقلل من تاثيراتها و يمضى لدفن الرؤوس و القول بان القصد منها اسقاط حكومة الانقاذ فى اشارة لعجز المعارضة . بل و تتحول وقائع الفساد المثبتة بالوثائق مجرد "بعض خصومنا يريدون تحويل حملة مكافحة الفساد، إلى حملة للبهتان والادعاءات الكاذبة، والاغتيال المعنوي للقيادات، والبرلمان. " و المضى عميقا فى الاستهانة بأمريكا بقواها و قوتها و اياديها الاخطبوطية التى استطاعت شراء شركة البرمجيات من الشركة الهندية التى باعت السودان فى اول منعرج للهروب ،و تسدر الانقاذ فى إلقاء كل المصائب التى تحل بالسودانيين على امريكا و توصمها بكل رزيلة على الفضائيات و الصحف و الاعلام و التجمعات و تعتقد بانها بذلك تكسب تعاطف السودانيين او تخدعهم ، و هم يدركون انها ردود عنترية لم تفهم قيادات الحزب العاكم الرسالة التى وراءها .على الرغم من ان حكومتهم من اكثر الحكومات التى مرت على السودان تزلفا و مداهنة لامريكا وقدمت فى سبيل تحسين علاقاتها معها ما لم تقدمه اكثر حكومات السودان محبة للتوجه الامريكي . و امريكا ليست بالغباء حتى لا تدرك مقاصد الحزب الحاكم و الجرى اللاهث وراء سرمديته على مقاعد الحكم . و لكنها تنظر الى كل ذلك بعين البصير و سياسة النفس الطويل التى تحتفظ بكل الملفات العالقة التى تتهم فيها حكومة المؤتمر الوطنى بالانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان و الوقوف حجرة عثرة فى مسار التحول الديموقراطى و هى كلها صعوبات و حوائط لم تستطع التنازلات لأمريكا فى اجتيازها بل لا يمكن اصلا ان تجتازها الا عبر توسيع دائرة الاصلاح والمشاركة الديموقراطية الوطنية .و هى اصلاحات لا يستطيع المؤتمر الوطنى الاقدام عليها لانها سوف تهز اركان حكمه . ومع كل ما يدور بين امريكا و المؤتمر الوطنى يظل الشعب السودانى مدركا و محتفظا بالاسباب و البدايات لكل ذلك .و ايضا يدرك المسار و يرى بعين البصيرة النهايات . فهو شعب ظل يعلم الشعوب كيف يمكن العبور فوق المحن و الابتلاءات . و كيف يتجاوز الازمات . وهو اليوم اشد ثباتا على مواقفه من السلام و العدالة الاجتماعية و إن عكّرت اليوم صفائها خيبات الحكام و مطامع الغرباء الذين فتحت لهم الانقاذ الابواب . و لن يذعن لمخرجات سياسات المؤتمر المؤتمر الوطنى ثلاثية الابعاد و يتحول الى عراق او افغانستان او صومال . و هو الشعب السودانى غير معنى بالجزرة الامريكية و لا عصاها . و يدرك عدم مقدرتها على اعانته فى استرجاع الديموقراطية و تحقيق العدالة الاجتماعية . واذا كان السودان عام 2007 واحدا متحدا فهل يدرك المؤتمر الوطنى وضعيته اليوم ؟ سؤال إجابته سهلة و ممتنعة عليه طالما ظل يطارد ظله و يعتقد انه عدوه الاوحد . و يظل ظله يتخفى و يختفى بين اروقته و مؤسسات الاقطان ومصانع السكر الابيض و الاخضر و البيع و العطاء الساذج و التفريط فى ارض الوطن حبا او كرها او تذللا للآخرين ،و بين دهاليزه المحروسة باصحاب المصالح الشخصية و الاجندة الحزبية الحضارية غير الوطنية . [email protected]