السيادة الوطنية بين زعيط ومعيط ابراهيم بخيت [email protected] كنت اسأل نفسى دائما عن الوزير الذى يلبس جلباب الوطن كله و يتصرف بقوة سلطان الرئاسة فى شأن يخص تراب الوطن و سيادته على حدوده دون تفويض معلن او اختصاص مسنود من استفتاء عام هل يعتبر متعديا على السيادة الوطنية ؟ ذلك لأنه فى الاونة الاخيرة اصبح الوزراء و الوكلاء و غيرهم من اصحاب الالسن السنان يتوسعون فى المشاترة فى ما لا يخصهم . و لكن اخطرهم اولئك الذين لا يرعون للوطن و السيادة الوطنية إلأ و لا ذمة . و منهم من يتعامى و منهم من يمنح و منهم من يوافق بالسكوت . ليس لأن مفهوم السيادة الوطنية اختلفت آراء رجال القانون والحقوق في تحديده منذ زمن ارسطو . بل لانهم لا يدركون ارتباطها وثيقاً بمفهوم الاستقلال، فالدولة المستقلة هي السيدة القادرة على ممارسة مظاهر سيادتها على الصعيدين الداخلي والخارجي بحرية دون التدخل من أحد ، وذهب ميثاق الأممالمتحدة لتأكيد مبدأ المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. على الرغم من أن جوهر ومفهوم السيادة معترف به وغير متنازع عليه .إلا أن مجال ومدى حدودها هما اللذان تعرضا للتآكل والضعف، اما لاسباب داخلية تخص الدولة ،كما هى الحال الان . او لتقلبات الاوضاع العالمية و مستجدات التصارع على النفوذ السياسي و الاقتصادى . و اخطر كل ذلك بالطبع هو الضعف و التآكل الداخلى الذى يفتح الباب امام اصحاب الاغراض و المصالح ، او الاعداء على حد سواء . و لا مراء في ان الانسان ايا كان وضعه فهو مصلحي وذاتي التفكير و اكثرهم خطرا على الوطن و السيادة الوطنية من لا يحافظون على عهودهم وعقودهم ولا يطيعون الرأى الاخر إذا لم ينسجم مع مصالحهم ، و لذلك يكون الصدام بين مختلف مكونات المجتمع تهديد قائم على الدوام و لا يخضع للصدفة ، و هذه الحقيقة تتجلى من تعارض و تناقض و نفى و تؤكيد افادات المشاترين من قيادات الانقاذ . وبالتالي فان وجود السلطة العليا يصبح ضروريا لتفرض النظام والسلم الاجتماعي ، و الحال كذلك فالسيادة الوطنية تعنى السلطان الداخلي لكل دولة على إقليمها وأن تمارس اختصاصاتها بكل حرية في جميع الميادين التي لا ينظمها القانون الدولي ، بما ينفي أي تدخل في شؤونها. و لكن مهددات انتهاك السيادة الوطنية ليس بالضرورة ان تكون مصادرها خارجية . بل قد تكون في غالبها ذات مصدر داخلى يتجسد اول ما يتجسد فى اختلاف او غياب او تعارض او عدم وحدة القوانين التى تصنع انتماء المواطن للوطن ، و ما يترتب على هذا الانتماء من فهم السيادة الوطنية و الدفاع عنها . اما ان عجزت السلطة العليا عن تحقيق وحدة و تناغم القوانين لاسباب مصدرها مصلحى فئوى او حزبى . فانها بذلك تقفز فوق مفهوم السيادة الوطنية . و بالتالى تضعف الانتماء الوطنى للدرجة التى تدفع البعض لأن يضع نفسه ندا للدولة التى هى الحكومة و المعارضة معا .و اذا كانت الحكومة صاحبة السلطة الان لا تجتمع على رأى واحد تجاه القضايا الداخلية و الخارجية بسبب تغبيش مفهوم الوطن والسيادة الوطنية او تجييره لصالح اغراض غير وطنية ، فانه من البديهى ان تعجز عن تسيير الدولة . و بالتالى تكون على استعداد لان تلجأ لحل العاجزين و تطرح اختلافاتها الداخلية على قارعة الطرق الدولية و الاجهزة و المنظمات و الهيئات و المحاكم المقبولة و المرفوضة في عواصم الدول الغريبة والغريبة و القريبة . و تستجدى كل من هب و دب للمساهمة فى ايجاد الحلول لما احكمت نسيجه بنفسها من افعال و اقوال المشاترين منهاو ما صنعوه من مشاكل و مناكفات و قضايا دون ان تستشعر الوجع و المهانة التى تسببها لمواطنيها .لتعود باتفاقيات و رقية و عهود ووعود كاذبة و بروتوكولات و غيرها من اشكال بنود التصالح و المساومات التى لا يتم الايفاء بتعهداتها ليعود الوضع الى ما كان عليه من قبل بل و اسوا فسرعان ما يختلف الخصمان فى تفسير تلك البنود لتنضاف مشاكل و صعوبات جديدة و تتناسل تماما كما تتناسل الديون الرأسمالية . و هذا ما حدث تماما لكل الاتفاقيات والتعهدات والمواثيق التى ابرمتها الانقاذ . و اذا كان عدم الالتزام و الايفاء فى حالة الحكومات الديموقراطية يعود الى اسباب السيولة التى كانت تحكم قبضتها على رقاب النافذين و تكبل خطاويهم مقيدات الجهة و الحزب مع ضمور فى الوطنية ، فانها فى حالة نظام الانقاذ كانت كل ذلك مع القصد المدرك الواعى لعدم الالتزام و الايفاء للاعتقاد بان فى ذلك ما يخصم من حصيلة النظام و القيادات الحاكمة فى السلطة و الثروة و يقود بالتالى لانهيار النظام برمته كما تتصور تلك الفئات المستفيدة . و لان نظام الحكم بذاته لم يؤسس على الخيار الانتخابى بل قام على اعقاب البنادق ، فالمنطق يقول بان مهمة العقول و الحكمة و البصيرة و الوطنية لا مكان لها بين سطور الاستراتيجية و الاهداف و هى التى تقود ألسن و اقلام المشاترين . و تكون النتيجة المنطقية هى التنازل الطوعى عن السيادة الوطنية مهما كانت تبريراتها . اليوم و السودان فى وضع اغلب الظن انه لن يستمر متماسكا . يبقى السؤال هو كيف يمكننا ان نتعرف على سيادتنا الوطنية و نحن لم نستطع الحفاظ عليها عندما كنا موحدين فى وطن واحد و اليوم حكامنا يتنازعون على مساحة من الارض كانت لهم كلها و يتغافلون عن مساحات اخرى سليبة ممنوع الاقتراب منها حتى لاكبر القيادات الحاكمة . لو كان الاسف يستطيع التعبير عن نفسه لتأسف على حظ السودان التعس الذى رمى فى دربه من فرطوا فى وحدته و هتكوا نسيجة الاجتماعى بسياسات صفوية و اصطفائية و فتحوا ابوابه لبغاث الطير من كل لون و جنس . [email protected]