السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عروس دليفري
نشر في الراكوبة يوم 21 - 04 - 2012

تنهد(عثمان) بعد ان اخذ نفسا عميقا اثر محادثه هاتفيه من رفيق دراسته الاستاذ(هاشم) ابان المرحلة الجامعية والذي يقيم حاليا في احدي الولايات البعيدة من العاصمة يخبره فيها ان ابنه (وليد)قد تم قبوله بأحدي جامعات العاصمة وهو في الطريق اليها في الايام القادمات..فعادت المكالمة ب(عثمان )سريعا الي ايام التشاقي الجميل ونبهته الي عمره الذي ركض سريعا فهاهو (وليد) بن صديقه قد اشتد عوده و كبر بهذه السرعه وهو الذي كان شاهدا بالامس علي قصه غرام والديه التي كانت حديث الجامعه في حينها
وفي الجانب الاخر في نفس المدينه وفي ذات الحي الذي يقطنان فيه كان (وليد) يتحدث مع محبوبته (كوثر)تحت ظل شجرة النيمة التي تظلل الجانب الشرقي من بيت اهل (كوثر) ويتبادلان احاديث الحب والهيام
كوثر.. والله انا ما خايفة عليك الا من بنات الخرطوم ديل وماعارفة تاني حأشوفك بتين
وليد..صدقيني والله لو ما الظروف كنت اتزوجتك الليلة قبل بكرة لكن انتي عارفة ظروفي بس اصبري كلها اربعة سنين واجي اتقدم ليكي من الباب عدييل
كوثر.. وانا حأستناك انِشاء الله لأخر يوم في عمري
واتفقا علي تبادل الرسائل بأعتبار انها ستكون الترياق الوحيد الذي يخفف من لوعة اشواقهما
ولكن الاقدار كانت لها رأي مغاير فما ان مر عام حتي تزوجت كوثر من بن عمها الذي كان يشغل وظيفة مرموقه في احدي دول المهجر بعد ان داس والدها علي قلبها وعلي حكايه حبها في لحظه واحدة وحكم عليها بالزواج من ابن اخيه معتبرا تباكيها تمنعا بلا معني وزواج في الكف ولا خطوبة مجهجهه
والد (كوثر)..يا بتي وليد ده مصيرو ما معروف حتي لو اتخرج حايعمل شنو ما العطالة برضو منتظراو دا اذا لقي الوظيفة من اصلو كدي احسبيها صاح انا ما ضد رغبتك انا داير مصلحتك
كوثر).. لكن انا يا ابوي اتفقته مع وليد وما بقدر اعيش من غيرو
ولكن مهما كان رأيها فقد صدر الحكم عليها فداست علي قلبها وتزوجت من بن عمها وسرعان ما اندمجت في حياتها الجديدة واحيانا عندما تجلس مع نفسها كانت تجد ان كلام ابيها كان منطقيا بعض الشيئ فكان زوجها معها كريما أحبها حد الوله واحبها بصدق ولم يقصر معها ولكنها رغم ذلك لم تنسي حبها القديم ولكنها عودت نفسها علي زوجها وعلي حبه واحترامه فعاشت معه بعقلها اما قلبها فقد ذهب في رحلة غيب طويلة مع حبيب قلبها القديم
وفي المقابل مرت الايام ثقيلة علي (وليد) ولكنه استطاع ان يروض نفسه علي تناسي حبه القديم بعد ان وجد نفسه في مجتمع اكبرفي العاصمة و في الجامعه وسرعان ما اندمج في حياته الجديدة واستطاعت (فدوي) ابنة صديق والده (عثمان) ان تحرك قلبه الجريح الذي كان مستعدا في تلك المرحلة لاستقبال انفعالات الحب المثيرة بلهفة شديدة خاصة في هذه المرحلة المهمة من سني عمره النضره
ومرت الايام فالسنوات تباعا وكالخيال احلام وتخرج وليد من الجامعة واستعان به (عثمان) في شركته الخاصة فكان له خير معين غير ان اكثر ما لفت نظره اليه هي جديته وتفانيه في العمل ومكارم اخلاقه التي كانت حديث الجميع فعزم في نفسه علي ان يزوجه من ابنته خاصة وانها كانت قد فاتحته في هذا الامر من قبل كعادة اهل العاصمة في الصراحة بين الاباء والابناءولكنه لم يكترث لها بالا وقتها وسرعان ما اكتملت السعادة بين الاسرتين وهكذا بين يوم وليلة وجد وليد نفسه قد ضرب ثلاثه عصافير بحجر واحد وظيفة مرموقه وعروس جاهزة ومسكن مريح عندما اقام مع اسرة (فدوي) في نفس البناية التي تقيم فيها اسرتها وهكذا الي ان مرت السنوات وكبر الاولاد
.. وفي احدي زيارات وليد الي مدينته لمعاودة والديه شاهد (كوثر) بالصدفة بعد ان عادت لتلقي عصا ترحالها في ارض الوطن بعد طول غياب بعد ان رحل زوجها وتزوجت ابنتها وولدها لا يزال طالبا في الجامعه واصبح هو في منتصف العقد الخامس
حدث كل هذا بالصدفه لتزهر اوراق قلبه من جديد بعد ان زبلت بفعل التعود والروتين علي زوجته القديمة كعادة المتزوجين في مجتمعنا عندما تداهمهم ازمة منتصف العمر فاصبح يتحجج بالعوده الي مسقط رأسه كثيرا بعد ان اقام فيها مشروعا بالقرب من منزل اسرة( كوثر) ليتحجج بالذهاب الي مدينته كلما اراد ذلك حتي يستطيع ان يراها وحدث نفسه بأن الطريق قد اصبح ممهدا اكثر من ذي قبل
وهكذا خفق قلبه من جديد
فتلك القصة تعتبر واحدا من زواج المسيار بعيدا عن عقود الزواج المشروطة بالتخلي طواعية عن الحقوق المشروطة للرجل دون الحاجة لاي اشتراطات مسبقة في قسيمة الزواج لتكون حكما مدي الحياة
ما دعاني لكتابة هذا المقال بعد ان اثارتني جزئية لمقال في عمود صحفي عن زواج المسيار اتت به احدي الصحفيات ووضعته في خانه الزواج العرفي وتحدثت عنه وكأنه بهتان عظيم ومن المؤسف انها لا تعرف كيف تفرق بين العرفي والمسيار ولكن في زمن الغفلة هذا اصبح كل شيئا ممكنا علي شاكلة اولئك الصحفيين الذين دخلوا الاعلام من باب الغفلة الذي انفتح واسعا في اتون العقدين الاخيرين
علي ما اذكر قبل عامان كان مجمع الفقه الاسلامي قد افتي بصحة زواج المسيار الذي يعني لمن لا يدركونه جيدا هو ان تتنازل المرأة عن احدي حقوقها المشروطة للرجل وهي النفقة والمسكن والمبيت وتكون مشروطة في عقد الزواج وبما اننا نعاني من ازمة مفاهيم فقد خلفت الفتوي ردود افعال واسعة ما بين مؤيد ومعارض خاصة ونحن نعيش في اتون مجتمعي يقف خلفه فكر زكوري ويعتبر الزواج حزمة من العادات والتقاليد المرهقة للغاية فمن سد المال وفتح الخشم والشيلة والشبكة والمهر والكوافير وفطور العريس وشهر العسل فمن يدفع كل هذه التكاليف في ظل نسيان الجميع اقلهن مهرا اكثرهن بركة فباتت الحياة في اتون مجتمعنا اضيق بكثير من احلام الشباب الحالمين بالزواج ورغبتهم في الحياة لمواصلة المشوار فبلادنا قد نسيت(نجمة الضيف)و(نكهة النيران الموقدة) ولم تعد تزدهر بالفضيلة في ظل المطالبة بمهور ذات ارقام لا تتناسب مع الحال الماثل بالاضافة للمتطلبات الاخري للزوجة التي ظلت في انتظار فارس الاحلام فلن ترضي بعد كل هذا الانتظار بأن تصوم وتفطر علي بصلة
ان الزواج صار مشروع يحتاج الي دراسة جدوي برأس مال كافي فأذا تجاوزنا مسلتزمات الزواج التي يدفعها العريس وحده لتواجهه بعد ذلك مشكلة السكن التي في رأيي تمثل اكبر العقبات في هذا الزمان المعاصر التي تواجه من يفكر في احصان نفسه فمن يدفع كل تلك التكاليف التي تجعل الشباب يتهيبون خوض التجربة ومع تنامي التردي الاقتصادي خاصة في اتون العقدين الاخيرين ساهمت في بروز نتوءات مجتمعية في اطار الزواج واتساع رقعته من العرفي الي المسيار مما يعتبر انحرافا ملحوظا وثورة مهددة بزوال الزواج التقليدي
ان المسيار او الايثار لأن المرأة تؤثر علي نفسها موجود فينا وسيظل ما بقيت الحياة ودام التعامل بين الناس فلا بأس من اعانة الزوج البسيط في معيشته لأن هذا امر بسيط وعادي تقوم به العديد من الاسر لأعانة بناتها كما ان هناك الكثير من الزوجات يتكفلن بتسديد بعض الالتزامات الاسرية مثل الايجار وخلافه لعجز مرتب الزوج عن مواجهة بعض الالتزامات الاسرية ثم ان هناك العديد من الاسر تنموا في غياب الاب الذي تغيبه ظروف الحياة القاسية
فمنذ الزمان الغابر وحتي الحاضر المعاصر كانت ولا تزال البدايات للحياة الزوجية للكثير من الازواج في منزل اهل الزوج او الزوجة فكانت رمزا لاستمرار ظاهرة الاسرة الممتدة التي تلاشت علي ايامنا هذه ولكنها اضحت خيار استراتيجي لذوي الدخل المحدود مع ارتفاع تكاليف المعيشة التي تجعل من الصعب ان يقوم الزوج وحده بتغطية تكاليفها بجانب توفير قيمة الايجار الشهري نعم لا احد ينكر الاستقلالية في السكن عن الاهل في بداية الحياة الزوجية وهي ضرورية جدا ولكن هناك احيانا تكون ضرورات اخري للسكن مع الاهل غير العجز عن تسديد تكاليف الايجار الشهري فربما لحاجة الابوين لتواجد الابن في حالة السكن مع اهل الزوج او الابنه في حالة السكن مع اهل الزوجة وهذا ما يهمني في هذا المقال لكبر السن او المرض او لأي من الاسباب الاخري
و في ظل تلك الاوضاع المأزومة احيانا قد لا يتبقي للشاب الا اخر العلاج وهو ان يسكن مع اسرته الكبيرة واحيانا قد تدفعه زوجته لذلك قبل زواجهما مدفوعه بزكاء الانثي حتي لا تفقد فرصتها بالزواج من حبيب القلب فتسمع زوجها قبل ان يتورط في الزواج منها كلمات ليست كالكلمات علي شاكلة (ما مشكلة انا بسكن مع امك وبعتبرا زي امي) .. (بسكن معاك انشاء الله تحت ضل شجرة المهم نكون سوا ونكون مع بعض) ولكن قبل ان تمر الاشهر الاولي من عمر الزواج تبدأ الزوجة في تنفيذ مخططتها التخريبي( بالطنطنه) مطالبة بفرز عيشتها وتكمن الازمة في ان الزوج غالبا ما قد يكون عائلا اسرته الكبيرة ليصبح القرار الاخير في يد الزوجة التي تطالب بفرز معاشها لان عملية فرز المعيشة بين الزوجين لا تقل عنتا ومشقة عن قضية ترسيم الحدود بين شمال السودان وجنوبه وقد تتمادي الزوجة اكثر من ذلك بأن تهرب الي بين ابيها وتطلب منه ان يأتي ليأخذها بعد ان يصبح رجلا ويفرز عيشتووقد(يطبزها) الاجاويد بعد ذلك بنصائح من ماركة (وكت ابت اهلك داير بيها شنو) وقد يتهور ويفعلها ويخرب بيته وينقل تجربته لغيره محذرا اياه من الزواج بكل انواعه
ان تجربة السكن مع اهل الزوج اضحت مأزومة ومحفوفة بالمخاطر علي الزوجة فبات خيارا ترفضه العديد من الزوجات بأعتبار ان المعيشة المشتركة كانت ناجحة في الماضي بحسب الثقافة السائدة وقتها لهدوء البال وصفاء النفوس في الزمان الغابر فتبدلت النفوس علي ايامنا هذه فصار من المهم وجود الخصوصية لعلاقة اسرية صحية قد لا تجدها الزوجة في الحياة المشتركة لأن حينها ستصبح حياتهم جايطة وكتابا مفتوحا لكل من اراد التدخل من افراد الاسرة الكبيرة في حياتهم الخاصة في كل كبيرة وصغيرة في شؤون حياتهما الزوجية بالأضافة الي انها لن تجد فرصة لادارة مملكتها الخاصة فأضحت الزوجة تفضل السكن في بيت اسرتها اذا توفرت لها الفرصة لذلك بأعتبار ان هذا الخيار قد يغنيها عن الكثير من المشاكل وافضل من خيار السكن مع اهل الزوج وقد لاحظت ان معظم الزوجات اللائي يسكن مع اهل ازواجهن يعانين كثيرا من المشاكل وعلي رأسها الصراع الازلي بين الزوجة ووالدة زوجها(النسيبة) وفوران العلاقة بينهما بنيران حب التملك والتنازع علي السلطة ولا حظت ان نسبة السكن مع اسرة الزوجة تقل فيها الازمات عن سكن الزوجة مع اسرة زوجها بنسبة كبيرة ولكن تكمن الازمة في ان الرجال دائما ما يرفضون خيار السكن مع اهل زوجاتهم حتي ان توفر لهم بشكل افضل واحيانا حتي وان كان لحوجة الابوين في ان تكون ابنتهما بالقرب منهما تدفعهم في ذلك مفاهيم ذكورية من باب العيب بأعتبار انها قد تسبب ازعاجا واحراجا كبيرا امام المجتمع بدعوي انه يسكن مع اهل زوجته ويكمن الخوف من كلام الناس وسهام المجتمع فلماذا يرفضه الرجال اذا توفر لهم ذلك الخيار بعيدا عن المفاهيم المجتمعية وبأعتبار انه حل لأزمة ومهما كان الجدال قائما حول زواج المسيار فقد كان الاباء قديما يعتبرون الاستعانة بزوج ابنتهم لتسيير شؤون البيت نوع من العيب لا يجوز الوقوع فيه ابدا
ولكن بعيدا عن التلغيم بالاجندة المجتمعية دعونا نناقش الاسباب التي ادت الي انحراف الزواج عن مساره المألوف وما هي الاسباب التي جعلت الشباب يبتعدون عن الزواج و لماذا تأخر سن الزواج عما كان في الماضي ولكن في رأيي اننا نعاني ازمة مفاهيم فالشباب لم يعزف عن الزواج فذاك مفهوم خاطئ لان الزواج فطرة انسانية فطرها المولي عز وجل في عباده فالزواج هو من عزف عن الشباب وابتعد عنهم بمسافات ضوئية طويلة
لقد اصبح الشباب محاطا بسياج من الازمات مجتمعية اقتصادية فنراه اما عاطلا او من ذوي الدخل المحدود الذي لا يسمن ولا يغني من جوع دعك من ان يحقق امانيه بالزواج ومع ذلك تناوشه سهام المجتمع الصدئه التي لا ترحم وفي ظل الظروف الاقتصادية الماثلة التي لا تنذر بالخير في الغريب العاجل
وبعيدا عن المجادلات نجد ان الزواج هو من بات ينأي عن الشباب وليس العكس ومن اراد ان يتأكد فما عليه سوي ان يختار مجموعة عشوائية من الشباب ويوفر لهم وظائف كريمة ذات عائد مجزي تكفل لهم سبل العيش الكريم ويستطيعوا ان يوفروا منها ما يمكنهم علي بناء المستقبل بشكل كريم فأن اول ما يفكر فيه الشاب هو الزواج حتي وان اعاقته بعض الظروف الا انه في النهاية سيصل برحله اهدافه الي شاطئ الزواج
ان الشباب اصبح محبطا ونلاحظ في الجامعات يدخل الشباب في علاقات عاطفية من باب التسلية لانهم يعرفون ان نهايتها الفشل لان المصير معروف بعد التخرج لان البنت اذا وجدت عريس بعد التخرج او في اثناء الدراسة الجامعية ستقبل به فورا ولن تنتظر زميلها الولهان الذي ما زال يقف في صف انتظار الوظيفة فهي علاقات من باب التسلية والاستهلاك ومن هنا دخل الفساد الجمعي من اوسع الابواب وكلنا نعلم ان تزايد اعداد اللقطاء انما هو نتاج طبيعي لتحول الزواج في عيون الشباب الي قائمة الممنوعات لان الوضع كان سيختلف تماما اذا كانت هناك وظيفة بأنتظار الشاب عند تخرجه
ان تلك الاوضاع المأزومة ساهمت في ابتعاد الشباب عن الزواج تضاف اليها دخول عادات جديدة ادت لاتساع الهوة بين الزواج والامكانيات مثل تأجير الاندية والصالات والكثير من المنصرفات التي تنحصر في اليوم الاول فقط من المناسبة وبعدها تصبح ذكري منسية مريرة افتراضا ان تساعد الزوجين في حل الكثير من الازمات التي ستواجههم بعد انقضاء مرحلة شهر العسل بأعتبار ان الجميع يركزون علي( ليلة العرس) متجاهلين ما بعدها حيث يبدأ الرهق الحقيقي في مواجهة المتغيرات الجديدة والواقع الصعب فالزواج السعيد ليس هبة بقدر ما هو شيئ نتعب فيه لانجاحه والمحافظه عليه فالوضوح والواقعية هي اولي خطوات الزواج السعيد
فالكثيرون يعودون من شهر العسل وما معهم لا يكفيهم لاسبوع اخر وفي رأيي تكمن اس المشكلة في مرحلة ما بعد الزواج لأن مرحلة مناسبة الزواج امرها هين وسهل فحياتنا ازدهرت في ارض تجل الترابط الاجتماعي فنحن شعب يتجلي في هذه المواقف ومرحلة ما بعد الزواج هي الامتحان الحقيقي تضاف لها اشكالية الالتزام ببرنامج الغذاء المحلي للاسرة الصغيرة ثم ان هناك بعض الزوجات لا يحلو لهن المرض الا بعد الزواج فتجعل زوجها زبونا دائما للعيادات والصيدليات لا اريد الاحباط فهذا من باب ارجاع الازمة الي جذورها الاساسية ليس الا
ولكن في كل الاحوال يظل المجتمع يشهر سيفه في وجه الشباب العاطلين عن العمل بلا ارادتهم وذوي الدخل المحدود بنظرة من يعزف عن الزواج ولا يريد تحمل المسؤلية في حين ان الحقيقة عكس ذلك ولسان حال اولئك الشباب يقول من يريد الزواج في ظل الظروف الماثلة كرجل اعمي في غرفة مظلمة يبحث عن قطة سوداء لا وجود لها نعم هناك شباب فقدوا الثقة بانفسهم بأعتبار انهم لم يتعودوا علي حمل المسؤلية يرون انها مخاطرة بحجة ان الزواج صار مغامرة ومسؤلية وارتباط وواجبات وحقوق تنأي الجبال عن حملها في ظل الظروف الحالية ووجع دماغ لا داعي للدخول في معمعتها ولكن ذلك لعمري فقه الكديسة التي عجزت عن بلوغ اناء اللبن فقالت(عفن)وهكذا دواليك
وفوق كل تلك التداعيات قفز خيار المرأة العاملة كخيار استراتيجي للشباب الحالمين بالزواج لخوض غمار المرحلة القادمة كحل جذري لحل الازمة الراهنة وقد لاحظت اقبال الشباب المقبلين علي الزواج يركزون علي المرأة العاملة او الغنية من خلال خدمات راغبي الزواج التي باتت تقدمها الوسائل الاعلامية فلاحظت ان شروط الذكور تنحصر معظمها في ان لا وبد ان تمتلك المرشحة للزواج بيتا ثم عربة اما مسألة الحالة الشكلية او النفسية فباتت لا تهم ناهيك عن مسألة العمر التي اصبحت غير مهمة علي الاطلاق حتي ولو من كانت قد خرجت الي الدنيا قبله بعدة عقود وكل ذلك هروبا من نفق المستقبل المظلم الذي اصبح من سابع المستحيلات الفكاك منه الا بعد ان يشتعل الرأس شيبا
ولأن الزواج قد اصبح فعلا يحتاج الي( شيلني واشيلك) من الطرفين كما يفعل المصريين فعندهم تساهم اسرة الزوجة في تأسيس شقة الزوجية بالكامل والمرأة العاملة تضع مرتبها مع مرتب الزوج لتسيير دفة سفينه الاسرة بعد ان اصبحت ايدي الزوج وحدها لا تستطيع التصفيق في ظل الاوضاع الراهنة التي باتت مأزومة جدا ولكن في رأيي اصبح ليس هناك ما يمنع خاصة بعد ان بدأت المرأة في نيل جزء من حقوقها المسلوبة وتساوت مع الرجل في اغلب الحقوق والالتزامات بداية من حقها في مواصلة التعليم وحصلت علي خبرة كافية في الدردحة اعانتها علي تدبير شؤون الحياة ومصارعة مشاكل الدنيا لتشارك الرجل في الاعمال وتسابقه علي طرق ابواب الرزق وصار في امكانها المساهمة في التزامات الزواج والبيت والاسرة وبالرغم من اثارة الجدال حول شرعيته رفضه الكثيرون متهمين مؤيديه بأنهم يبحثون عن ملاذ شرعي يحلل العلاقة الزوجية بدلا من الوقوع في براثن المنكرات
ان الظروف قد تحكم الزوجين وبالاخص في بداية حياتهم الزوجية بالاقامة مع اسرة الزوجة لاسباب زكرناها فما الذي يمنع ذلك اذا توفر لأن زواج الايثار اكثر صحة ويدل علي يسر الدين ومرونته وهو موجود في مجتمعنا بطريقة غير مباشرة دون الحاجة لاي اشتراطات مسبقة في عقود الزواج فلا بأس من اعانة الزوج البسيط في معيشته فهذا امر بسيط تقوم به معظم العديد من الاسر مثل فصل جزء من المنزل لاقامة الابنه مع زوجها وهناك الكثير من الاسر تعول بناتها المتزوجات وفي مناطق مثل الجزيرة وكردفان ينطلق الرجال بحثا عن الارزاق ولا يعودون الي زوجاتهم الا في فترة او فترات محددة خلال العام وكذلك هناك المغترب الذي تقتضي ظروفه ان تظل الاسرة بالسودان بينما هو يناضل بالخارج من اجل توفير حياة كريمة لاسرته وباعتبار ان الزواج هنا قد فقد شرط المبيت الذي قد يمتد لفترات
طويلة افلا يعني ذلك المسيار او الايثار بعينه
ان زواج المسيار او الايثار قد لا يكون تنازلا كاملا كما فهمه البعض عن جميع الشروط فقد يكون غالبا بالتنازل عن شرط او شرطين مثل النفقة او المسكن فلماذا نحرم المرأة اذا كانت لا تريد زواجا مرهقا اذا التزمت هي مع زوجها في مسكنه والتزمت هي بالنفقة كلها او بعضها او التزم معها في مسكنها مع التزامه بالنفقه عليها
ان هناك الكثيرات ممن تسمح ظروفهن المادية بتأسيس حياة زوجية ولكن سهام المجتمع الصدئة تكون وبالا عليهن فأذا تزوجت المرأة بمن هو اقل منها شأنا او ساهمت ماديا بشكل كبير مع زوجها في تأسيس حياة زوجية فكلام الناس لا يرحم وكما ان هناك الكثير من الفئات مثل الارامل والمطلقات اللائي لهن ابناء ولا يردن زواجا مرهقا وهناك العديد من الاباء المقتدرين الذين يريدون ان يزوجوا بناتهم لمن يرون فيهم صلاحا من الابناء ولكن تقاليدنا الصارمة هي ما تمنع ذلك واذا افترضنا ان هناك اب مثلا يريد ان يزوج ابنته مع التزامه بكافة النفقات وهي عزيرة او مطلقة مثلا فهي لن تجد من يقبل بها في ظل هذا المجتمع السلبي فماذا سيضير اليس كل ذلك جانبا ايجابيا وليس فيه فرضا لمصلحة الرجل لان المرأة تختار بطواعية واستقلالية وتؤثر علي نفسها لذلك سمي ايثارا وترسم وضعا شرعيا يناسبها ويحقق لها غايات محددة ومعينة وهي ان تنازلت عن بعض حقوقها التي لا تري نفسها في حوجة اليها بوعي وادراك منها
ولماذا لا يكون نصيرا للمرأة ونحن نحيا في محيط ذكوري يطوق المرأة بأنها هي المحتاجة للزواج والرجل من اجل ان يتكفل بأكلها ومشربها وملبسها ومأواها في مقابل الطاعة والولاء وان تعمل علي اراحته وغسل ملابسه لأن وضعية المرأة لا بد ان ترتقي من حصر ثقافتنا حول جسدها وانوثتها المثيرة للغرائز وقولبة تلك المفاهيم الي خانة المرأة الانسانة ذات العقل وابراز احقيتها بحسب الواقع المعاش
ان زواج المسيار بداية لثورة علي التعقيدات الحياتية بجانب التردي الاقتصادي وتصاعد رأسي في خط البطالة واوضاع مزرية تفصح عن نفسها فهل يقضي الشباب جل عمرهم بلا زواج وان كانت الفتاة هي الاكثر ضررا فكلما تأخر عمرها في الزواج يقل حظها بالتالي في الظفر بعريس مناسب حسب الطلب
ان اباحة زواج المسيار لا تعني ان كل المجتمع سيتعاطاه ولا تعني انهيار المجتمع بل لان الدين يسر ويستوعب المجتمع بكافة تقلباته ومرونة الدين هي من اجازت ان تكون العصمة بيد المرأة فليس هناك ما يمنع ان تنفق المرأة علي مؤسسة الزوجية حتي نعبر الي بر الامان في ظل الظروف الماثلة بل ستسهم في حل العديد من الازمات لفئات بعينها تناولها الموضوع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.