لا سلام مع خفافيش وطيورالظلام!! تيسير حسن إدريس [email protected] حادثة حرق كنيسة الجريف من قبل الجماعات التكفيرية أثبتت أن السودان يمر اليوم بعصر من الانحطاط غير مسبوق والكل مسئول عن هذا الأمر وفي طليعة المسئولين النخب المستنيرة التي آثرت الهرب من وجه الطغمة الإنقاذية وأسلمتها قياد الوطن وأتاحت لبرنامجها وشعاراتها الظلامية أن تسرح وتمرح في عقول أجيال من الشباب الغر، هم في الحقيقة أبناء لنا أجرمنا أيما جرم في حقهم حين تركناهم وحدهم يواجهون تلك الآلة الإعلامية المضلة وها نحن وكل منا في منفاه الاختياري أو الإجباري نحصد غرس ما زرعنا - فمن يزرع الريح لاشك يحصد العاصفة- والوطن برمته بات في عين العاصفة والواجب ينادي كل حادب عليه أن يقف اليوم وليس غدا ويحاسب نفسه أولا على هذا التقصير الذي يكاد يلامس شفا الخيانة الوطنية ويعيد حساباته ويصطف بلا تأخير أو مماحكة في وجه تلك الشراذم السرطانية وفي طليعة المصطفين يجب أن يكون المثقفين والمبدعين وكل قوى الخير والسلام وبغير هذا الاصطفاف وتحمل المسئولية الوطنية كاملة غير منقوصة بلا خوف أو وجل سيظل الوطن مرتعا للأفكار الضالة والمضلة وسكن لطيور البوم وخفافيش الظلام. ما قامت به العصبة الآثمة من جرم حريق كنيسة الجريف يعبر عن مدى الانحدار الأخلاقي والديني ومدى الانحطاط الفكري الذي وصلت له تلك الشرذمة المحمية من النظام وهو جرم مخالف للشرع والعرف والخلق السوداني لذا يجب ألا يمر مرور الكرام كما مرت من قبل أحداث هدم الأضرحة والتعدي على القبور وعلى عاتق أهل السودان كافة يقع وأجب التصدي له بالعمل لا بالقول فمواجهة هذه العبث ولجمه واجب مقدس وفرض عين على كل مواطن يجب النهوض به قبل أن تحل بالأمة كارثة أكبر ويدخل الوطن برمته في دائرة العنف الشيطانية فسرطان هذه الجماعات الظلامية يتكاثر في أجواء التسامح ولا يردعها غير الحزم الواعي والحسم، فقتلوا بذور شجرة الزقوم في مهدها قبل أن تطرح مزيدا من ثمارها الخبيثة المدمرة. ففي ظل ما تروج لها بعض الأقلام الصفراء المريضة وفي ظل أتاحت الفرصة أمام منابر وصحف شاذة خلقيا ودينيا لتبث سمومها في أوساط العامة تحت سمع وأبصار السلطة سيظل الحديث عن الأمن والسلم الاجتماعي مجرد هراء يقدح في مصداقيته وجود مثل هذه الدمامل المتقيحة التي انتشرت في جسد المجتمع فالأجواء العامة التي خلقها نظام المؤتمر الوطني تساعد على تكاثر مثل تلك الظواهر وتغذيها مما يصعب أمر مكافحتها ويجعل منها قنابل مؤقتة بالغة الخطورة مما يفرض على المجتمع السوداني المتسامح ضرورة ترتيب أولوياته ليتصدر أمر محاربة هذه الظواهر الخبيثة قمة هرم الأولويات الوطنية مقدما على ما عداه من قضايا وذلك لتأثيرها المدمر على مجمل النسيج الاجتماعي واستهدافها لشريحة الشباب. فسياسية الوقوف على الرصيف المتبعة من البعض تجاه القضايا المصيرية التي تمس الوطن وأمنه وروح الحياد السلبي التي تفشت في المجتمع لا تجدي ولن تحمي أحد من وصول الضرر لعقر داره كما أن التخاذل في مواجهتها أو الهرب والتعلل بالتصدي لخطرها الداهم بأضعف الإيمان لا شك يندرج تحت بند الخيانة فتغير المنكر باليد مقدم في ميزان الحسنات ناهيك عن وقف الجرم وإخماد الفتنة التي هي أشد شر من القتل. إن الواجب الوطني الملح أمام أبناء الوطن اليوم يحتم عليهم الاصطفاف المسئول والضغط بقوة على النظام الحاكم لينفض يده ويوقف دعمه ويعلن بوضوح قطع كل علاقة تربطه بمنابر وصحف الفتنة والجماعات التكفيرية ويعمل على تصفيتها وتجفيف مصادر تمويلها وملاحقة أفعالها المنكرة وتجاوزاتها المتكررة قضائيا بكل عزم وحسم بعيدا عن الشفاعات وصلة القربى وفقه السترة. فإلقاء القبض على مرتكبي جرم كنيسة الجريف وتقديمهم للعدالة واجب الدولة وضرورة قصوى لا مناص منها لحفظ هيبتها وبث الطمأنينة في نفوس مسيحي السودان تشعرهم بوطنيتهم وصدق انتمائهم لهذا المجتمع مما يزيد من لحمته وتعاضده في وجه أي تهديد أو أطماع خارجية أما الإهمال والصمت على مثل تلك الجرائم والتجاوزات الخطيرة فيجعل من الدولة شريك أصيل في الجرم ويزلزل هيبتها ويضرب في الصميم تلاحم ووحدة الجبهة الداخلية ويتركها نهبا لأطماع القوى الخارجية كما ويدفع بالمتضررين من هذا الوضع للبحث عن حلول لقضاياهم خارج الإطار الوطني كالرهان على تدخل المجتمع الدولي أو حمل السلاح - كما هو حادث- في محاولة لاسترداد الحقوق بالقوة الشيء الذي سيوسع دائرة العنف والعنف المضاد وينذر بخلق صومال أو أفغانستان أو رواندا جديدة تيسير حسن إدريس