الموظفة السودانية: مكتب الحكومة يا بيتي! شاهيناز أبوزيد [email protected] المقال الذي (قَصّه) مقص جهاز الأمن!! هذا المقال كان من المفترض أن يُنشر اليوم السبت 05/05/ 2012 على صفحات ملف تيارات بصحيفة الجريدة، و لكن رأت عين الرقابة الأمنية أنه عمود (نسائي)، هكذا كان تبريرهم لحجب المقال و لهذا لم يسمحوا بنشره و حجبوه !! و أود الإشارة هنا إلى أن العنوان الأول للمقال كان (إنهيار الخدمة المدنية) و لكنني طلبت تغييره قبل النشر بساعات! إلى المقال.. من المعلوم أن إنهيار الخدمة المدنية في السودان بدأ منذ عهد بعيد، فلنقر حقيقة إنه بدأ قبل مجيء الحكومة الحالية بقليل، و لكننا بالتأكيد نحملها الجزء الأكبر فيه بسبب ما اتخذته من سياسات عرجاء (الولاء و ليس الكفاءة) منذ استيلائها على السلطة في العام 1989، و تمثلت سياساتها تلك في تبني التمكين كهدف رئيسي و استراتيجية أساسية لإدارة الدولة، ذلك التمكين الذي إعترفت الحكومة بمدى ضرره و أقرَّ السيد الرئيس بإنهائه و إنشاء معايير جديدة يتم على أساسها الإختيار للخدمة المدنية. و من المعروف أن نظام الإستعمار الإنغليزي هو مَن وضع قوانين و نظم الخدمة المدنية في السودان، و كانت من أكثر قوانين العالم صرامة و فاعلية، كان الموظف السوداني مثالاً يحتذى به، و طارت سمعته إلى خارج حدود السودان و صار مرغوباً في جميع دول العالم لما تمتع به من كفاءة و أمانة. إستفاد السودان – وطناً، شعباً و حكومة- كثيراً من تلك القوانين و النظم، فجميعنا نعلم حجم الفائدة التي عادت على البلد في تلك الفترة و الفترات المتعاقبة و حجم الإنتاج الوفير و الإقتصاد المعافى الذي وفر للسودانيين كل ما كانوا يحتاجون إليه، بل و ما كانت تحتاج إليه دول الجوار العربي و الأفريقي. مع الإنهيار الملحوظ في الخدمة المدنية، الذي نتج عن أسباب كثيرة ليس أولها الإهمال، عدم المؤسسية و الثقافة الجمعية للشخصية السودانية، و ليس آخرها المحسوبية و الجهوية و التمكين الذي قتله الباحثون و الكُتَّاب بحثاً و تمحيصاً، جاءت الموظفة السودانية لتكمل الناقص من إنهيار و تدق آخر مسمار في نعش الخدمة المدنية السودانية، و أسهمت إسهاماً كبيراً في ذلك، فقد لاحظنا مدى إشتراك الموظفات السودانيات- ليس جميعهن- و الدور الفاعل الذي لعبنه في ذلك سواء بوعي أو بغير وعي منهن. (فلانة ولدت، عرس علانة بكرة حنمشي الساعة حداشر خليكم جاهزين، ناس الترحيلات حيطلعوا لينا حافلة) ربما مرّت هذه العبارات و غيرها كثيراً على مسامعنا، فالموظفة السودانية ابتدعت بدعة لم تفعلها موظفة غيرها في العالم، و هي إستغلال وقت البلاد و العباد للقيام بالواجبات الإجتماعية التي لن يستفيد منها المواطن ولا البلد بأي حال من الأحوال، أي أن الدولة تدفع للموظفات رواتبهن و تقوم بترحيلهن بحافلات المؤسسة الحكومية لقضاء مشاويرهن الإجتماعية أثناء ساعات العمل الرسمية!! بدعة أخرى من بنات أفكار الموظفة السودانية، أخبرتني إحداهن، و هي تعمل بإحدى مؤسسات الدولة، أن الموظفات هناك لديهن (إتفاق) مع (حنانة) تحضر للمؤسسة في أيام معينة من الأسبوع لتضع لهن الحناء داخل مباني المؤسسة، و يقمن بإغلاق باب المكتب و منع الناس من الدخول لحين انتهاء جلسة الحناء، و ليس على المواطن الغلبان الذي يأتي لقضاء معاملاته سوى الإنتظار بالخارج لساعات طوال و تضييع زمنه، و ربما طالبته الموظفات بالحضور غداً لأنهن مشغولات!! و لا ننسى بالطبع (الدلالية) التي تبيع الثياب و الملايات، و صانعة البخور و الخومرة، و بائعة الأدوات الكهربائية و مختلف أصناف التجارة و العجائب التي تُمارس داخل مؤسسات الدولة! و على ذكر البخور و الخومرة، لم أتمكن حتى الآن من استيعاب المغزى من حضور الموظفة (المتزوجة) إلى المكتب و هي في كامل زينتها (المنزلية)، فقبل دخولها من الباب تأتيك رائحة الصندلية و (الكَبَريت) و مختلف أنواع العطورات النسائية السودانية التي لا تصلح إلا في المنزل، و مع ذلك لا تتورع الموظفة عن إستخدام هذه العطور و هي ذاهبة إلى مكان- يفترض أنه للعمل و ليس بيت عرس- يجمعها بمختلف فئات المجتمع و بالتأكيد من بينهم رجال- زملاء موظفين كانوا أو مواطنين! و لا تستحي إحداهن عن وصف طريقة عمل الكيك لزميلتها بينما أحد المراجعين يقف بجانب تربيزتها منتظراً قضاء معاملته، أو الحديث عن ما يحبه (زوجها) و ما لا يحبه و فوائد (الدُّخَان) و أنواع (الحَطَب)، كنت قد اقترحت على بعضهن ذات مرة أن يقمن بعمل (حفرة) داخل المكتب حتى يوفرن عليهن الشرح الوافي. الأدهى من ذلك أن غير المتزوجات أيضاً أصبحن يشاركنهن تلك (الونسة)!! الكسل و الحضور للعمل بعد منتصف النهار و الكلام الكثير و (الشمار) من أميز مميزات الموظفة السودانية التي لا تمانع أن تترك كل ماهو أمامها من أعمال و تصعد إلى الطابق الخامس بالمؤسسة لمتابعة خبر ما عن إحدى زميلاتها أو زملائها! يحدث كل هذا بل و أكثر منه على مرأى و مسمع من رئيس المؤسسة الذي ليس لديه الوقت أو الرغبة للمحاسبة و العقاب عن أي تقصير، فطالما كانت الموظفة ذات ولاء مطلق، فهي تنام قريرة العين كل ليلة و تعلم جيداً أن لن يحاسبها أحد أو يطالبها بأي إلتزام، و لا يهم تضييع وقت البلاد و العباد و تعطيل عجلة الإنتاج. هذا لا ينفي وجود موظفات فاعلات قدَّمن إنجازات عظيمة للبلد و ما زلن يُقدِّمن، مفخرةً لأي مؤسسة يعملن فيها. حكمة: نحمَد للدولة انتباهها مؤخراً لإلغاء سياسة التمكين، فأن تأتي متأخراً خيرٌ من ألّا تأتي! مَرْقَة: على ذكر الصندلية، ما تفسيركم لأولئك النسوة اللاتي يتراقصن باجتهاد في أحد إعلانات الصندلية و هن يرتدين الحجاب الإسلامي؟؟