هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة الخارجية في ظل شمولية الإنقاذ : بين إفراط وتفريط
نشر في الراكوبة يوم 10 - 05 - 2012


غرس الوطن
الإسهامات المطلوبة قبل اليوم الموعود«9»
السياسة الخارجية في ظل شمولية الإنقاذ : بين إفراط وتفريط
أم سلمة الصادق المهدي
بمقال اليوم عن السياسة الخارجية نكون قد نفضنا أيادينا عن آخر ملف تخذناه للمقارنة بين الديمقراطية والدكتاتورية في عديد من وجوه الحكم التي ناقشناها معا على مدى تسع مقالات تتبعا لما ورد من إفادات الإمام الصادق في كتابه الموسوم«الديمقراطية راجحة وعائدة» بالتركيز على العهد الديمقراطي الأخير وعهد الإنقاذ الحالي، وقلنا اننا قصدنا بذلك الجهد إسهاما متواضعا يسلط الضوء على خبراتنا السياسية المتراكمة للإفادة منها في بناء المستقبل. وقلنا ان مثل هذا الجهد ليكون نافعا يجب أن يكون مصحوبا بجهود آخرين ليشمل كل الفترة منذ الاستقلال وليؤتي ثمره ويتكامل يجب أن يكون مقرونا ومزاوجا بجهود السياسيين لإبرام اتفاق يضم كل من بالساحة السياسية السودانية خاصة الحركات المسلحة ليتنادى الجميع لرسم مستقبل السودان على هدى ما خاض من تجارب ثرة .
كذلك تفيدنا النتائج التي أظهرتها لنا تلك المقارنات وفي جميع الملفات دون استثناء أن ما تحقق في الديمقراطية من انجاز رغم أوجه قصور هنا وهناك هو ما نبتغيه ذلك أننا نتحرى النهج السليم القائم على الشورى والشفافية والمشاركة ومحاسبة المقصرين وهي معايير تلازم الديمقراطية وتغيب حتى تنعدم في الشموليات لذلك في الديمقراطية تصحح الأخطاء ذاتيا وفي الشمولية تتكرس الأخطاء بديهيا .
بينما نستعد لطي هذا الملف الأخير في «الإسهامات المطلوبة» يجدر بنا الوقوف برهة للتأمل والتفكر الحر في حضرة النفس اللوامة والضمير الحي ليسأل كل منا نفسه حكاما ومحكومين :ما المطلوب منا أفرادا وجماعات لكي يسترد السودان عافيته ؟ما الذي قصرنا فيه بداية لنجد أنفسنا وقوفا على أطلال وطن كان واعدا بمستقبل زاهر ولا نملك له اليوم سوى اسهامات من هنا وهناك ان لم تتحول لجهد جماعي يصب في مجرى تغيير الحال ستظل حبرا على ورق لا تغني ولا تسمن من جوع ويستمر أمرنا بعدها كما كان من قبلها : طاغون سادرون في الغي و حادبون لا يملكون سوى حوارات الطرشان بين : صائحة ومكتولة لا تسمعها ودمع مدرار على حوائط مبكى الوطن .
وهنا لا يفيدنا بعض ما يروج له في الصحف ليساوي بين الديمقراطية والشمولية في تحمل مسئولية فشل الحكم في السودان مما نراه مجحفا وغير مفيد ونورد مثالا على ذلكم النهج ما كتبه الأستاذ ادريس حسن في صحافة 9 ابريل 2012 تحت عنوان:تاريخ الديمقراطية في السودان وإدمان الفشل ولا تعوزنا هنا الحجج التي سبق لنا أن سقناها في مقالات سابقة لدحض مثل هذه المزاعم ولكننا نستغرب من بعض أرباب السلطة الرابعة الذين يعددون أسباب الفشل في السودان ثم لا يسمون الإنقاذ برغم وضوح ذلك . بل يقولون بوجوب التغيير لكنهم ييأسون من جدوى تغيير يتولاه من جربناهم، لذلك يفضل أ.ادريس حسن انتظار جيل مبرأ من العيوب التي ذكرها ليحمل مسئولية التغيير! وهذا نهج يفرض علينا انتظار جيل جديد «هو في اللفة الآن أو في رحم الغيب »في أحسن الفروض: أي اعطاء الإنقاذ منتهية الصلاحية عمرا جديدا. أما الافتراض الآخر الذي يعني تفكيكه أن تستمر الإنقاذ حتى قيام الساعة فهو أنه حتى هذا البصيص من أمل تحمل جيل جديد لمسئولية التغيير هو« سراب دونه سراب الذين يأملون في السراب!» .
نعود لملف العلاقات الخارجية وفيه ينفعنا استعراض أهم الأسس والضوابط المتفق عليها عالميا من معايير في العلاقات الخارجية لتساعدنا على إدراك مدى المفارقة أو المطابقة بين الأسس العالمية والنظم التي نريد تقييم كسبها إيجابا أو سلبا .وتلك المعايير تتعلق بالضرورة بالاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون الاقتصادي والتجاري و النهج المتبع في تحقيق الأهداف السياسية مثل حماية الدولة لمصالحها الوطنية وأمنها الداخلي وأهدافها الاديولوجية وازدهارها الاقتصادي».وهي أهداف يمكن تحقيقها عبر التعاون السلمي أو عن طريق الحرب،لكن منذ أواخر القرن العشرين تصاعد الاهتمام العالمي بالسياسة الخارجية وبرز جهد منظم لكي تعتمد كل الدول على التواصل والتفاعل مع الدول الأخرى بواسطة صيغة دبلوماسية و ايجاد بديل للحرب في العلاقات الدولية وقد تطورت في السياق فكرتان:فرض السلام عن طريق تعزيز القانون الدولي والمنظمات العالمية أو الفكرة التي ترى أن مفتاح السلام في القوة الموازنة بين الدول المتنافسة«النمط الذي كان سائدا أثناء الحرب الباردة».
منذ نشأة الأمم المتحدة والإلتزام بمواثيقها والتعامل مع منظماتها المتخصصة صار للسياسة الخارجية بعدا دوليا يضع للبلدان قواعد سلوك جماعي.
انضم السودان منذ استقلاله للأمم المتحدة ووقع على مواثيقها وانضم إلى منظماتها المتخصصة.وأوجبت العوامل التاريخية والجغرافية على السودان الإنضمام للجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية ،ومؤتمر الدول الإسلامية،موقعا على مواثيقها ملتزما بتوجيهاتها.
كما انضم السودان لكتلة عدم الإنحياز منذ تأسيسها في باندونق في عام 1954 وإلى مجموعة ال77 .وبالخصوص ورد في «الديمقراطية راجحة وعائدة» مجموعة العوامل التي تؤثر على سياسة البلد الخارجية:العامل الجغرافي ،العامل التاريخي،العامل المصلحي،العامل الديني والفكري،العامل الدولي، وتلك العوامل شدت السودان إلى عدم الإنحياز وعدم المحورية في سياسته الخارجية.وبذلك استطاع القرار السوداني أن يحقق مصالحه الوطنية عبر التعامل مع كل الدول دون انحياز أو محورية فاستفاد من كل الأطراف الدولية دون أن يثير حنق الطرف الآخر عليه.وقد ظل هذا النهج في السياسة الخارجية متبعا في الديمقراطية في السودان ومخالفا في الشموليات دون استثناء مع تفاوت في درجات التبعية ومفارقة المصلحة الوطنية في العهود الشمولية ذلك أن مرجعية الشموليات هي المحافظة على كرسي الحكم مهما كلف ذلك من ثمن.
وقد نحت الديمقراطية الثالثة ذلك المنحى المستقل الحيادي اعتبارا بالدروس القاسية التي نالها السودان نتيجة للانحياز والمحورية في ظل نظام مايو: عند انحيازه تارة للشرق مستعديا الغرب فكان أن دعم الغرب حركة انانيا الأولى وقطع العون الغربي عن السودان ،وتارة للغرب مستعديا الشرق فساند كل من حلف عدن وروسيا الحركة الشعبية..ومن نتائج الانحياز الكارثية على السودان في عهد مايو اقحام السودان في النزاع الليبي التشادي مما جعل ليبيا تدعم حركة التمرد كما أهدر أمن دارفور عندما استخدم حسين هبري إقليم دارفور ليقفز منه بمساعدة نميري إلى السلطة في انجمينا.لذلك صار القفز للسلطة في انجمينا من دار فور جزءا من دروب الصراع على السلطة في تشاد،كما كان الانحياز للغرب سببا في ترحيل اليهود الفلاشا عبر السودان مما سبب للسودان عزلة عربية وأقحمه في محور اهتمام السياسة الأمريكية وتدخلات اللوبي الصهيوني فيها .
كان على عهد الديمقراطية الثالثة تصحيح مسار سياسات السودان الخارجية لإقامة علاقات متوازنة مع دول العالم والتخلي عن المحورية وعن الانحياز وعن طرفي النقيض في العلاقات الدولية:التبعية والعداء فكانت الخطوات العملية لذلك هي:
- زيارة السيد رئيس الوزراء للاتحاد السوفيتي والاتفاق مع قادته على تفاهمات اقتصادية و تأهيل المصانع السوفياتية في السودان وزيادة طاقتها.ثم تناول تطوير العلاقات التجارية والثقافية،والتسليح للسودان وإعادة تأهيل الأسلحة المشتراة من الاتحاد السوفيتي .والبحث في مشروعية العلاقة الثقافية والروحية بين المسلمين في السودان والاتحاد السوفيتي...الخ.
-ألغت الحكومة الديمقراطية التسهيلات التي منحت للولايات المتحدة في السودان على أساس أننا أصدقاء تتكيف صداقاتهم بحسب مصالح شعوبهم ، وأوضح رئيس الوزراء للولايات المتحدة لدى زيارته لها إننا غير منحازين لحلف ناتو ولكننا منحازون للديمقرطية .وغير منحازين للاستراتيجية الأمريكية ،لكننا منحازون لتنمية مواردنا وتنميتها.
-عدم المحورية اقتضى إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر الاتفاقية التي أضرت بالسودان. لاعادة بناء العلاقات السودانية المصرية الخاصة على اساس الاخاء والتعاون المشترك.
- كما تمت مراجعة علاقتنا مع تشاد التي أقامها نظام مايو على أساس التدخل في شئونها الداخلية .
- كان السودان مراعيا في كل علاقاته مصالحه الوطنية وقد تعارضت تلك المصالح مع كينيا التي صارت مسرحا للتدخل في شؤون السودان الداخلية ودعمت التمرد .
- تعارضت مصالح السودان الوطنية مع جمهورية أفريقيا الوسطى التي أراد رئيسها عبور السودان في رحلة متجها لاسرائيل والسودان ملتزم بعدم اعطاء الاذن لطائرات تعبره الى اسرائيل وجنوب افريقيا.
- كان موقف السودان من الحرب العراقية-الإيرانية متوازنا ابلغ قيادات البلدين بأن العراق أخطأ باشعاله الحرب وايران أخطأت بتماديها في خيار الحرب وعدم الاستجابة لنداءات ايقافها. وقد كان هذا الموقف مراعيا لمصالح السودان ذات البعدين العربي والاسلامي والدور المنوط بالسودان لعبه في المجالين العربي والاسلامي .
- في مجال السياسة الاقليمية:اتجهت سياسة السودان الخارجية لتحقيق حسن الجوار مع كل الجيران بصرف النظر عن اختلافات النظم الحاكمة. وقد كان ما تحقق في هذا الصدد من تحسين العلاقات بأثيوبيا بعد العداء الشديد إنجازا كبيرا.
واتجه السودان في عهد الديمقراطية الثالثة لتكوين ودعم المنظمات الإقليمية مثل «الإيقاد»، للعمل المشترك بين الجيران الستة: السودان، أثيوبيا،كينيا يوغندا،الصومال، وجيبوتي لمحاربة الجفاف والتصحر وتنشيط البرامج الإقليمية لمحاربة آفة الجراد ولصيانة البيئة وللتعاون الثقافي.
-السياسة العربية على ضوء مصالح السودان وظروفه الجغرافية والتاريخية تم الاتفاق على إقامة علاقة خاصة مع كل من: السعودية، ومصر، وليبيا.
- السياسة الأفريقية إن أهم دور للسودان في المجال الأفريقي هو دوره الواصل في داخل منظمة الوحدة الأفريقية بين دول شرق وغرب وقرن أفريقيا. ودوره الواصل بين أفريقيا العربية وأفريقيا جنوب الصحراء .وفي المجال الأفريقي فثمة عوامل جغرافية وتاريخية تقتضى أن يكون للسودان علاقة خاصة بأثيوبيا ويوغندا.
- شرع السودان بالفعل في عهد الديمقراطية في رسم الخطى نحو مهمة تطوير «ديبلوماسية النيل» حتى تبلغ درجة اتفاقية دولية لحوض النيل تشارك فيها كل دول النيل «دول المنبع والمجرى والمصب».
- السياسة الإسلامية لعب السودان دورا في لفت نظر تركيا للعلاقة الخاصة بينها وبين البلاد الإسلامية،وهناك مجال لتطوير العلاقات السودانية الباكستانية، والسودانية الإيرانية، والسودانية الأفغانية.
- كل هذا على الصعيد الثنائي أما على الصعيد الجماعي فقد قررت الحكومة الديمقراطية في إطار وثيقة السياسة الخارجية القيام بمبادرات لرفع مستوى التعاون بن الدول والشعوب الإسلامية لأقصى تضامن في مجال المصالح المشتركة،تعاون في أعمال النجدة مثل: الكوارث والإغاثة،توحيد النظر في المجالات الشعائرية الإسلامية،فتح باب حوار جاد مع المسيحيين واليهود بقصد تنظيم الحرية الدينية والتعايش بين الأديان.
النتائج العملية لسياسة السودان الخارجية:
في مجال التنمية:
بلغت المبالغ المبرمجة لأغراض التنمية 3 بلايين دولار.
وأهم ما حدث في هذا المجال تطوير العلاقات السودانية-اليابانية حتى أصبح السودان أكبر مستفيد من العون الياباني في أفريقيا. لقد اقترح على اليابان دراسة جميع الموارد الطبيعية السودانية للاتفاق معنا على الانتفاع بها بجهد مشترك: ووافقوا، وكان متوقعا وصول فريق الخبراء في عام 1989م .
وبعد اليابان تأتي إيطاليا: كانت تقديرات العون الإيطالي الجديد في حدود 500ميلون دولار.
كما أسهمت دول اوروبية أخرى في تنمية السودان:أميركا،هولندا،ألمانيا الاتحادية،النرويج،الدنمارك،بلجيكا،السويد وكندا.
إلى جانب هذا الدور، ينبغي ذكر الدور التنموي الهائل الذي قامت به الصناديق العربية :الصندوق السعودي والصندوق الكويتي والدور الكبير الذي قام به بنك التنمية الإسلامي وبنك التنمية الأفريقي.
في مجال التسليح:
وبدل المعونة الأمريكية العسكرية صار تسليحنا معتمدا على مصدرين هما :
الأول: الدعم غير المشروط من الأشقاء: وهذا المصدر اشترك فيه معظم الأشقاء بدرجات متفاوتة: الجماهيرية الليبية- المملكة السعودية-مصر- العراق والأردن.
الثاني: الأسلحة المشتراة عن طريق قروض ميسرة وصفقات متكافئة وبرتوكولات من الدول الصديقة.
أهم الصفقات التجارية كانت مع الصين الشعبية« الطيران والدفاع الجوي والمدفعية والآلات المدرعة» وأبرمنا صفقة لسدها بمبلغ 160 مليون دولار .
يلى الصفقة الصينية الصفقة اليوغسلافية. وطورنا البروتكول مع يوغسلافيا بشقيه: المدني -الاقتصادي والعسكري.
الشق المدني-الاقتصادي، فقد أثمر اتفاقات هامة: شرعت الشركات اليوغسلافية في تنفيذها بتمويل البروتوكول اليوغسلافي مثل كهرباء النيل الأبيض ومياه الأبيض من بارا.. إلخ وقد عملت الشركات اليوغسلافية في السودان بكفاءة عالية.
أما الشق العسكري: فقد زدنا حجم البروتكول اليوغسلافي العسكري ليبلغ 50مليون دولار في السنة ،اشترينا بها أسطولا كاملا للبحرية - النهرية السودانية التي أسسناها لأول مرة في تاريخ السودان: أسطول لنقل الجنود وعتادهم والوقود والمؤن، تحرسه 4 زوارق مسلحة مصفحة للعمل في الخط النهري بين الشمال والجنوب.
وشمل البروتكول اليوغسلافي أيضا مشتروات للمدفعية وذخائر وأدوات اتصال لاسلكي ومركبات للقوات المسلحة.
لقد بلغت قيمة التسليح والذخائر والآليات المستوردة للقوات المسلحة في آخر عامين من الديمقراطية من المصدرين الأول والثاني المذكورين هنا«450» مليون دولار في السنة.
وقد أثمرت علاقات السودان الخارجية في مجال الإغاثة «شريان الحياة» وفي مجال السلام.
و استطاع السودان بعجز في ميزانيته الداخلية والخارجية بما يعادل أكثر من 40في المئة أن يحافظ على سير الحياة وعلى التنمية بمعدلات عالية دون اختناقات تذكر لمدة ثلاثة أعوام، رغم كل التخريب الذي مارسه أعداء الحرية في ظل الحرية.لقد كان الفضل الكبير في تحقيق ذلك راجعا لسياسة بلادنا الخارجية بلا انحياز ولا محاور،حيث كانت سياسة السودان الخارجية توضع لتخدم مصالح السودان بواسطة لجان عليا لوضع برنامج شامل لسياسة السودان الخارجية كما تقوم لجان فنية متخصصة ومفوضة برسم بياني لأسس سياسة بلادنا الخارجية وعلى ضوئها تقديم برنامج مفصل للسياسة الخارجية.
هذا البرنامج المدروس تم رفعه لمجلس الوزراء وقد درسه وأجازه وهو أشمل بيان لبرنامج قومي لسياسة السودان الخارجية وهو ثمرة جهد دبلوماسي،أكاديمي،وسيبقى أساسا قوميا واعيا لسياسة السودان الخارجية.
خنق هذا الجهد المضني والنافع وناله في مقتل انقلاب يونيو 89 الذي لا نملك الا أن نسلمه كتابه في ملف السياسة الخارجية مثل كل ملف سابق بشماله وخير من يحدثنا في ذلك هم أهل الاختصاص وأصحاب الوجعة من الدبلوماسيين وفي السياق يقول السفير عطا الله حمد البشير في ندوة رعاها الراصد في 8مارس 2011 متحدثا عن الدبلوماسية الرسالية وتداعياتها ،ما معناه «عوضا عن المصالح وهي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه العلاقات الدبلوماسية بين الدول كان السودان في عهد الإنقاذ يعمل على تطبيق ما عرف بالدبلوماسية الرسالية والتي تعني عمليا التدخل في شئون الآخرين» وقد عدد سعادة السفير نتائج تلك السياسة من عزلة مني بها السودان بسبب ذلك التدخل وبسبب دخوله في تحالف مع دول الضد مثل وقوفه مع العراق ضد الكويت فكان أن فقد السودان في 1993 دعم صندوق النقد الدولي والدول الغربية بسبب غياب الديمقراطية والشفافية.وفي95 ساءت العلاقة مع مصر بسبب محاولة اغتيال الرئيس مبارك.وفي97 صار السودان هدفا لقرارات مجلس الأمن التي وصلت الى20 قرارا منها قرار من المحكمة الجنائية لتوقيف الرئيس .ومواجهات مع يوغندا وكينيا وأثيوبيا وارتريا وتشاد واليوم بعد الانفصال تهديد بحرب شاملة مع دولة الجنوب .
وفي ذات الندوة تحدث السفير د.حسن عابدين عن :الدبلوماسية الرأسية«التدخل في شؤون الآخرين»،التطاول مع الكبار«امريكا روسيا قد دنا عذابها»،الوصايا على الآخرين،الشعارات الجوفاء.وهنا تبدو بعض المغالطات في غاية الغرابة مثلا :كتب د.ياسر محجوب حسين في مجهر 6مايو 2012 تحت عنوان :المهدي والنادي الأمريكي يقول ان عهد الصادق المهدي لم يشهد أي قرار من مجلس الأمن لأنه لم يقترب من المحظورات وهي تحرير القرار السياسي والاقتصادي :مثل استخراج البترول وتحدي امريكا عن طريق الصين وبناء سد مروي ونحن نقول بل ان القرار السياسي كان حرا في عهد الصادق بما استعرضناه من أدلة وان السلام الذي كان قاب قوسين أو أدنى كان سيجعل شيفرون بين خيارين اما مواصلة العمل أو القبول بدخول طرف آخر الصين أو سواها لكني أسأل الكاتب هنا أن يحكم ضميره ليجيب :أما كان الأفضل لنا لو جانب التوفيق مجهود الإنقاذ في استخراج البترول و بقي بترول السودان في أرضه حتى يأتي نظام يمكن أهل الثروة الحقيقيين من الاستفادة منها في تمويل موارد السودان المتجددة بدلا من النعمة التي صارت نقمة وأموال البترودولار التي مولت المفسدين وأهل السودان يقتلهم الجوع «نسبة الفقر فوق 90%» واليوم بسبب السياسات الخرقاء التي يتضجر منها أهل الدار أنفسهم ويقولون : الخارجية تعمل في حقل ألغام وذلك لا يجب أن يكون مستغربا طالما أن من يرسم سياستنا الخارجية هم من أمثال السيد الطيب مصطفى الذي يتساءل اليوم : لماذا نكتفي بسلاح الطيران و لا نحرِّك قواتنا المسلحة والمجاهدين الذين يتوقون لتلك الأيام العطِرات ..لماذا لا نعلن الحرب علي يوغندا من خلال الدعم المكشوف للثائر جوزيف كوني؟!والمصيبة أننا نعلم أن في سؤال أمثال هذا الرجل قد تكمن كل الاجابة: ألم يقل منبره هلم الى الانفصال فانفصل الجنوب وفقد السودان بتروله مع ثلث أرضه وثلث سكانه مع انفصال الجنوب.أما سد مروي الذي كتبنا عن التجاوزات فيه وأولها تنفيذه على غير أولوية أيضا بسبب السياسات الجزافية والفساد والتفريط في مصالح الوطن وارضاء «المحروسة» تسديدا لفاتورة التدخل في التسعينات بمحاولة نظام الإنقاذ اغتيال الرئيس المصري .وسد مروي هو السد الذي ينتقده السيد صلاح قوش في صحافة 8 مايو 2012 «ويطالب بإعادة تقييم سياسة السدود من جديد، معتبرا ان سد مروي ليس له جدوي اقتصادية حقيقية؛ لانه فشل في زيادة الانتاج الزراعي و تقليل الصرف علي الانتاج الصناعي، وقال ان البلاد تمر بضائقة مالية تتطلب توظيف انتاج سد مروي توظيفا اقتصاديا» انتهى رأي قوش.
وقد كانت مثلما هو متوقع نتيجة تلك السياسات الخرقاء المفرطّة والمفرطة الانبطاح الكامل للغرب وامريكا والتعاون في ملفات استخبارية بما كشفه مسؤولون سودانيون وتسريبات الويكيلسكس وصار السودان هدفا لطلعات سلاح الجو الاسرائيلي وصارت أطرافه هدفا لأطماع دول الجوار «حلايب والفشقة وغيرها».
وسلمتم
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.