[email protected] ليس من باب التكرار غير المفيد ان نذكّر القراء بان مذيع قناة الجزيرة صاحب برنامج بلا حدود احمد منصور هو من عتاة اعضاء الحركة الاسلامية , و ليس فى هذا ما يعيبه فى شأن خياراته ولكن ان يقوده توجهه – الحضارى- هذا الى ان ينسى صفته كصحفى يحمل امانة غير تلك التى يعتقدها و يسحق هذه الامانة فعلا متعسفا و ممارسة ممنهجه لصالح هذا التوجه و من خلال جهاز اعلامى شائع مثل قناة الجزيرة التى لها ميثاق شرف ملزم من الناحية الاخلاقية على الافل لكل العاملين بها فهذا مما يخرجه عن دائرة الحياد و يجعل منه ناشطا سياسيا انتهازيا يستغل موقعه المتميز فى هذه القناة و يجير حواراته مع كل من يستضيفهم لصالح توجهه . فحين يكون المستضاف ممن يخالفونه فى التوجه والنهج و التوجه يجتهد ايما اجتهاد منقبا فى كل منقصة او خطأ او ععيب ارتكبه فى حياته العامة و الخاصة , و من قبل اجتهد بحثا لأن يضم الراحل عرفات و يؤكد انه يهودى كما زعم . وما يعنينا نحن السودانيون هو كل ما يخص حواراته عن وطننا و مع مواطنينا على اى ترتيب كانوا . وقد كنا ننتظر بترقب المقابلة التى اجراها مع وزير الخارجية على كرتى ظنا منا انه قد ثاب لبعض المعقولية و الحياد بعد هبوب نسائم الربيع العربى و انه سوف يجرى حوارا متوازنا من خلال ما اجتهد بحثا و تنقيبا لمعرفة كل ما يتصل بالسودان منذ قدوم الانقاذعلى الاقل و حتى لحظاتها اللاهث اليوم على حافة الهاوية . ولكنه لم يك موفقا لا فى خدمة منهجه و لا فى دفاعه عن المؤتمر الوطنى . نقول دفاعه عن المؤتمر الوطنى استنادا على تجنبه الكثير من الاسئلة الملحة التى ينتظر المشاهدون الاجابة عليها من وزير الخارجية على كرتى . عموما لا نقول الا ان اختيار احمد منصور تحديدا لمحاورة وزير الخارجية يجرح فى حيادية قناة الجزيرة وموقفها من قضايا السودان نظام الحكم فيه . و فليس من العقل ان تقدم برنامجا مقنعا لكل المشاهدين على مختلف آرائهم وتوجهاتهم من خلال اجراء حوار بين شخصين يحملان ذات الجينات النافية والمعادية للاخر و للحقيقة يمسك بقبضتيهما ذات المعتقد الاعتقاد بالكمال و السداد . كنا نتوقع من منصور وهو العارف بتاريخ انقلاب الانقاذ ما رفعته من شعارات اسلامية ان يذكّر وزير الخارجية وهو يقسم بالله أن الانتخابات جرت بنزاهة وصدقية ويؤكد أن النظام الانقاذ ليس عسكريا . أن يذكّره بتعاليم الاسلام فى ما يخص القسم الكذوب . وان يسرد له ما عرفه من سيرة ومسار نظام الحكم الانقاذى على مدى سنواته الطوال وما فعله و يفعله بالوطن والمواطنين . وهى سيرة بالقطع لا تجد من يدافع عنها حتى احمد منصور ولذلك عبرها غموسا . ومهما قال وزير الخارجية بان النظام الحاكم الذى يدافع عنه بانه قائم على قاعدة من الديموقراطية وانتخابات نزيهة الا ان هذا كله لا يمسح من صفحات التاريخ انه وصل بداية عبر الانقلاب العسكري ، وببطش الأمن، ببيوت الأشباح ، بالانتخابات المزورة . باحتكار مصادر المال والاقتصاد ، بسياسة فرق تسد . بالعمل على تشظى انشقاق الأحزاب المعارضة . بإعادة القبيلة و الجهوية والمناطقية . بإضعاف الأحزاب المعارضة تنظيميا بالوعد أو الوعيد أو بتنفير الجماهير عنها ..بالدفاع الشعبي أو الشرطة الشعبية أو الخدمة الإلزامية. بتشريد الموظفين والعمال لصالح التوجه الحضاري أو لصالح الخصخصة. بصياغة القوانين و التشريعات لصالح التوجه الحضاري . وبكل هذه الأسباب و غيرها ، استطاعت الإنقاذ أن تتحكر على قيادة السودان طيلة هذه الأعوام ، وبذلك تكون من أطول النظم التي حكمت البلاد عمرا . وهى اليوم بعد دماء كثيرة سالت في مناحي البلاد المختلفة ومرارات كثيرة و خصومات اقرب للفجور مرت بها وعليها .صارت اقرب بفعلها أو فعل الزمن إلى مراجعة سيرتها الأولى . وهذا مما كان على الجزيرة وضعه من موجهات لمنصور لإدارة حوار مثمر و محايد . لا يستطيع أحد من داخل الإنقاذ أو من معارضيها أن ينكر إنها لم تعد إنقاذ ( نحقق كل آمالنا و نقود العالم اجمع و لم يعد أنصارها هم ذات الأنصار . لقد استرخى مبتدروها الأوائل على مقاعد الثراء و خدر السلطة ، و استعصموا بترسانة القوانين التي تسيج صلاحياتهم و تحميهم من كل سؤال و سائل . أو اثروا الابتعاد عنها حرصا أو تقية أو ظلما . حتى وصلت اليوم إلى وضع لا تعرفه هي ذاتها . فلا هي مع السلام و لا ضده . ولا هي مع الديموقراطية ولا تستطيع الجهر برفضها . ألم يك احمد منصور يعرف كل هذه الوقائع وهو ما هو وما عرف عنه من جدية فى تحضير كل ما يلزم اجراء حواراته ؟ ولان الغرض مرض كما يقولون فقد استطاع منصور ان يهزم نفسه ويقعدها ملتبسة امام كرتى و ما يتفوه به من افادات تحوم حوما حول الاجابات المطلوبة للأسئلة التى يجبر منصور على طرحها على قلتها و ميوعتها , و من ذلك لم يفتح الله عليه باى سؤال عندما اقسم كرتى بنزاهة الانتخابات وشرعية النظام الحاكم أن يسأله هل من قام بانقلاب ضد النظام الديموقراطي يؤمن بالديموقراطية و يختارها نظاما يحكم بموجبه ؟ أمثل هذا السؤال يمكن ان يغيب حتى على صحفى مبتدى ؟ ترى لماذا لم يسأله منصور ؟ وهل نحن مخطئون إن اتهمنا قناة الجزيرة ومذيعها احمد منصور بعدم الحيادية المصداقية فى شعار الحقيقة و الشفافية ؟ ولأنهما معا يحومان حول الواقع الفارض حوامة الثعالب تصبح لديهما القدرة العالية على المراوغة فى حال عدم القدرة على تجنّب الاسئلة الملحة و اجوبتها الصارمة و خاصة ما يخص عروبة و اسلامية السودان والسودانيين ، فتتحول عندهما العروبة و الاسلام الى غلوتية . هل تقبل ان يحكم السودان غير عربى وغير مسلم ؟ بدلا عن هل تقبل ان يحكم السودان عربى أو غير عربى و مسلم من غير المؤتمر الوطنى ؟ و كأن السودان قد اصبح معافى من كل العيوب و الامراض التى أصابته جراء التوجه الحضارى . فرغم أن اتفاقية السلام قد أقرت وبضمان الإيقاد و المجتمع الدولي تعديل كل القوانين لتتماشى مع خطوات التحول الديموقراطي الذى يعنى الاعتراف بكل مكونات الوطن العرقية . فحتى اليوم لم ينفذ من بنودها شيئا يذكر بل أهمها لم يمسها التعديل .فهل يدرك منصور أن هنالك على ارض الوطن من يعملون مخلصين على الإسهام في دفع جهود السلام و الوحدة الوطنية ؟ او لماذا لا تعمل الإنقاذ على مداواة الجراح البدنية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها فى الأعوام المنصرمة من عمرها؟ رغم أنها على المستوى الإقليمي والدولي قدمت العديد من التنازلات المذكورة وغير المنكورة . لماذا لم يسأل منصور كرتى عن وضعية السودان اليوم بين دول العالم الاقليمية والعربية ؟ او لماذا لم تفتح الإنقاذ لمخالفيها الرأي المنافذ ليعبروا عن مساهمتهم في العمل الوطني . فالأمر لم يعد أمر مواقع و كراسي فهي تعلم علم اليقين أين الخلل وكيفية معالجته وبيدها ذلك إن هي أشركت دون من في حله الأطياف الأخرى من أبناء الوطن . لكن علاج ما أفسدته السنون مرير على السنة بعض متنفذيها لانهم بعدم كياستهم كانوا سببه وكانوا به . والله وحده يعلم متى تضع الإنقاذ الوطن أولا.