رأي قضية دارفور واتفاق الدوحة محمد عيسي عليو ٭ لقد انتابت سلطة دارفور الاقليمية إحباطات عظيمة في الآونة الاخيرة، حتى ان الشائعات وصلت إلى حد أن التيجاني سيسي خرج من السودان مغاضباً إلى الدوحة، وزاد على ذلك قراره بإرجاع فريق عمله من وزراء ومفوضين وغيرهم من الفاشر الى الخرطوم، وأجلى الأمر أكثر عندما خاطب مجلس الولايات قائلاً إن وزرائه يركبون الركشات كناية عن عدم توفر العربات لهم. هذه الإحباطات أصابت معظم أبناء دارفور والسودانيين في مقتل، على اعتبار أنهم أصلاً في إحباط دائم لتقلبات قضية دارفور من ابشي في عام 4002م الى الدوحة في عام 1102م. وكل هذه الصولات والجولات انتهت الى لا شيء خاصة بعد حديث د/ التيجاني سيسي الأخير. لقد كررنا مراراً أن على الحكومة أن تغير منهجها في هذه القضية، فهى تتعامل معها كأية وزارة من وزارات الحكومة، لا يهم كثيراً اذا نضبت مواعينها المالية، فيمكنها أن تصبر حتى تتوفر الموارد، مع أن قضية دارفور قضية حساسة جداً، فكل أعين العالم مفتوحة اتجاهها، فالظروف الانسانية أصبحت جزءاً أساسياً فيها، فمنظر المعسكرات الكئيب مازال يراوح مكانه منذ اكثر من سبع سنوات، ومحكمة الجنايات الدولية بلاهاي مازالت ترفع عصا العدالة في وجه الحكومة، اضف إلى ذلك أن نشاط الحركات المسلحة الأخرى في داخل وخارج دارفور لا تخطئه العين، حتى أن سياسات المؤتمر الوطني الداخلية، كإقالة عبد الحميد كاشا واستقالة عبد الله مسار ربطها بعض أبناء دارفور بقضية دارفور، وما ذلك إلا لأن هناك مشكلاً قائماً في دارفور، فنزع عبد الحميد من ولاية جنوب دارفور بعد الاستقرار الذي شهدته الولاية، فُسر بأن الحكومة المركزية لا تريد استقراراً في دارفور، وإلا لتركت عبد الحميد كاشا، لا سيما أن الجماهير تطالب ببقائه، إذن الجماهير لا قيمة لآرائها، وعبد الله مسار استعمل صلاحياته خير استعمال ولم يقل إلا ربي الله، فقد عُومل معاملة جافة مع أنه صديق صدوق للحكومة ردحاً من الزمن، ومع ذلك عومل هذه المعاملة الخشنة، ولأن أرضية التفسير جاهزة من خلال استمرار مشكلة دارفور، فقد ربط ذلك على أنه فقط من دارفور، لذلك عومل هذه المعاملة. والأسباب تترى في وجوب الانتباه لقضية دارفور ووجوب التعامل معها بغير ما تتعامل به الحكومة مع أجهزتها الاخرى. صحيح بعد هذا «الكوراك» وطق الحنق من السلطة الاقليمية لدارفور، كونت لجنة برئاسة رئيس الجمهورية، وجددت الحكومة التزامها بدعم اتفاق الدوحة، وأن القطريين وعدوا سيسي بعد مقابلته لمسؤوليهم في الدوحة بضخ بعض المبالغ، وكذلك فتح الكوة للحركات غير الموقعة بفتح باب التفاوض من جديد، فبعد كل هذه التطورات الايجابية أخيراً تنفس أبناء دارفور الصعداء وكذلك بقية إخوتهم السودانيين، فالسودانيون ملوا استمرار هذا المنوال الجهنمي، والكل يريد انتهاء هذا الخلاف ولكن كيف؟ هذا السؤال أريد أن أختم بإجابته هذا المقال، واسأل الله ان يوفقني في الرد، واسأل الله ان تسمع الجهات المختصة ردي وأن تعمل لتنفيذه. اولاً: اتفاق الدوحة من حيث الجهد من كافة الاطراف نرى أنه اتفاق جيد، وان كان المأمول ان يشمل جميع الحركات حتى تنتهي الازمة، ولكن لكل أجل كتاب، اذاً المطلوب الجد في تنفيذ هذا الاتفاق حرفاً حرفاً سطراً سطراً وصفحة صفحة. ثانياً: العمل الجاد لإلحاق الحركات غير الموقعة بعملية السلام، وليس بالضرورة أن تكون المرجعية هى اتفاقية الدوحة، فليأتِ قادة الحركات بأي من الكلمات المخزونة في أضابير اللغة العربية، ولنناقشهم فيها، هل سيأتون بأفضل من اتفاق الدوحة؟ اذا كان الأمر كذلك لاتبعناهم وضربنا باتفاق الدوحة عرض الحائط، ولا أعتقد اأنهم سيأتون بأفضل منه إلا في المشاركة السياسية والترتيبات الأمنية وهذا حقهم هم وليس حق أهل دارفور المباشر، مع أن مشاركتهم السياسية والأمنية ربما تنعكس إيجاباً على أهل الاقليم. ثالثاً: الإسراع في ضخ أموال مشروعات التنمية في دارفور، فالمواطن مازال يراقب الى اين وصلت الطرق المسفلتة في اقليمه، وما هى المؤسسات الجديدة التي أنشئت في البلاد. رابعاً: أهمية قيام بنك دارفور للتنمية، والسنة الاولى للاتفاق شارفت على الانتهاء فمتى سيقوم البنك؟ خامساً: أن تذهب الحكومة إلى دارفور وتعقد جلسات مجلسها هناك لتكون قريبة من الحدث، فقد وصلت جلسات مجلس الوزراء الى كردفان، فماذا يضير لو ذهب المجلس الى دارفور؟! وأخيراً وحتى لا يطير تيجاني سيسي من أيدينا وتطير من ورائه الدوحة، يجب أن تضع الحكومة برنامجاً ثابتاً لمراجعة اتفاق الدوحة وكيفية تنفيذه قبل فوات الأوان. الصحافة