إليكم الطاهر ساتي [email protected] مهرجان تحرير موسيس ..!! ** ومن مخاطر إدمان لعب الورق، أن المدمن يختزل كل الحياة في قوانين ذاك اللعب.. ويحكى أن أحدهم كان غارقاً بكل حواسه مع رفاقه في (قيم أربعاتشر)، وإذ بطارق يطرق باب الحوش، فخرج من الغرفة - حاملاً ورقه - بعد أن حذر الرفاق (ماف زول يحرك ورقة)..وفتح الباب وهو مشوش التفكير من جراء ما قد يحدث في غرفة اللعب من غش، وإذ بسائلة تعرض حالها : (والله يا ولدي عندي تلاتة بنات و ولدين و...)، وقبل أن تكمل، باغتها المدمن قائلا : ( لكن يا حاجة النزول واحد وخمسين، ورقك دا ما تامي )..ثم إنتبه لاحقاً بانها محض سائلة تسأل الناس، ليعطوها أو يمنعوها ..!! ** وهكذا تقريبا نهج مؤسسات الدولة السودانية في تعاملها مع الجنوب، أرضاً ومواطناً وحكومة..إذ كل المؤسسات تدمن كراهية الحركة الشعبية وحكومتها، وبهذه الكراهية تتعامل مع كل الجنوبيين، وهذا خطأ في التفكير وظلم لأهل الجنوب.. الحكومات الذكية هي التي تفرق بين الأنظمة وشعوبها في المواقف الخلافية وعند الأزمات، بل حتى في خضم الحرب..الإدارة الأمريكية على سبيل المثال، إدارة ذكية جدا، ولها القدرة على معادة الأنظمة لحد شن الحرب عليها، ولكن لا تخسر الشعوب المحكومة بتلك الأنظمة، بل تنجح في اقناع الشعب بانها تحارب حكومته في سبيل حريتم وديمقراطيتهم، والأمثلة كثيرة، ودبلوماسيتها الذكية هي التي تتسبب في نجاح تلك المعادلة الصعبة، بحيث تفرق بين النظام الحاكم والشعب المحكوم..ولكن حكومتنا، بكل مؤسساتها، لاتزال تختزل المواطن الجنوبي - مقيماً بالسودان كان أو مقيما في وطنه - في الحركة الشعبية، ولاتزال تتعامل مع المواطن الجنوبي بذات تعاملها مع الحركة الشعبية، أي بالشك أو بالكراهية ..وهذا ما يسمى بادمان الكراهية، والعياذ بالله ..!! ** على سبيل المثال، ضجت صحف الأسبوع الفائت بخبر الطفل موسيس وصوره، وذكرت الوقائع المزيفة بأن سلطات مطار الخرطوم نجحت في تحرير هذا الطفل من عملية اختطاف خططتها أسرة جنوبية، وقالت الصحف والسلطات في هذه الأسرة ما لم يقله يونس محمود في الأنظمة الأفريفية والعربية إبان سنوات الهوس تلك، وهناك من شكر سلطات مطار الخرطوم على يقظتها التي أفشلت عملية الإختطاف وحررت موسيس من قبضة الأسرة الجنوبية، بل هناك من أوشك على تقديم مقترح بتكريم سلطات مطار الخرطوم وتنظيم ( مهرجان تحرير موسيس)، ليملأ به فراغ الهزائم و ليبدد به المال العام..وكل ذاك الضجيج الاعلامي لم يكن حباً في موسيس، إذ الف موسيس وموسيس يتسربون عبر المطارات والموانئ والحدود - رغم ما فيها من سلطات وقوات - الى حيث ميادين الموت والأذى المسماة بسباق الهجن بالخليج، يخطفونهم ويسربونهم ثم يقتلونهم أو يكسرونهم بالمئات، ولا وجيع يحررهم من ذوي القلوب القاسية والضمائر الغافلة.. ولذلك، غافل من يظن بأنهم فرحوا ل (موسيس)، بل ذاك الضجيج مرده كراهية تلك الأسرة الجنوبية التي تراءت لهم في مطار الخرطوم بأنها الحركة الشعبية ب (كيرها وباقانها ومشارها وألورها)، ولذلك كان لابد من( دق طار الانتصار الكذوب)، وكأنهم حرروا شعب الجنوب من الحركة الشعبية أو أهل حلايب من القوات المصرية، وليس طفلاً من أسرته البديلة..!! ** على كل حال، بعد كل بطولات الأسبوع الفائت، شطبت محكمة الأسرة الدعوى المرفوعة ضد الأسرة الجنوبية وبرأتها من تهمة إختطاف موسيس، بل حكمت بتسليم الطفل موسيس للأسرة الجنوبية ذاتها، وقالت بالنص : ( الأسرة الجنوبية عثرت على الطفل عندما كان عمره (10 أيام)، وقامت برعايته وتعليمه وأحسنت تربيته، وكان ذلك قبل الإنفصال، ولاتوجد جريمة قامت بها المتهمة، ولذلك تشطب الدعوى وتخلى سبيل المتهمة وتسليمها الطفل )، والمحكمة لم تصل الى هذا الحكم العادل إلا بعد أن إطلاعها على كافة الوثائق والمستندات والوقائع التي تؤكد بأن الأسرة الجنوبية أحسنت تربية وتعليم موسيس، وأحسنت عملاً بانقاذها من مصير مجهول ..أها، بعد أن انتصرت المحكمة للأسرة الجنوبية : هل تعتذر السلطات والصحف للأسرة والطفل بكل شجاعة ، أم سوف تطالب الحكومة باعلان الحرب على حكومة الحركة الشعبية في سبيل ( تحرير موسيس؟)..فليهنأ الطفل موسيس بحياة سعيدة في كنف تلك الأسرة الرحيمة، وطوبى لمن يتخطفهم الموت الجماعي في دار المايقوما..وليت البلهاء يتعلموا الدرس من موسيس وأسرته الكريمة، ولايدمنوا كراهية حكومة الجنوب لحد كراهية المواطن الجنوبي، هذا المواطن أرحم من بعض بني جلدتنا الذي ينهبون أموالنا بلارحمة..!!