خلوها مستورة الحل في منطقة عازلة والتحكيم في ترسيم الحدود طارق عبد الهادي [email protected] بعيدا عن العواطف ، لا حل إلا في المنطقة العازلة بين البلدين السودان وجنوب السودان ، تماما كما هو الحال بين الهند وباكستان، إذ بين الأخيرتين نقاط حدودية شهيرة تلفزيونيا تفصل بينهما عدة أمتار فقط ويقوم أفراد حرس الحدود من كل جانب بتقبيل علم بلادهم وأداء المارش العسكري والنشيد الوطني لبلادهم على مدار الساعة ، بالطبع ذلك إرضاء للنزعة الوطنية الجامحة وذلك بالتأكيد أفضل من الحروب وسفك الدماء بينهما، إذ النزاع بينهما انتهى إلى هذه الشكليات فقط، في السودان بشقيه، التناقض بين النظامين الحاكمين أيدلوجيا هو الذي أدى للتشاكس منذ مرحلة تطبيق اتفاقية نيفاشا وبما أنهما حاكمين كأمر واقع في السودان وفي جنوبه، فلا مناص من حل حاليا إلا بالمنطقة العازلة حقنا للدماء وتكون كما رشح بعمق عشرة كيلومترات في كل جانب ، إذن على كل طرف توفير المياه والمزارع الحديثة لمواطنيه الرحل واحتياجاتهم من الأعلاف خلال فترة الصيف فمن الضرورة توفير مزارع حديثة في فترة الصيف للمسيرية ففي الخريف لا مشكلة في الأعلاف وينبغي بتكاتف الدولة والمجتمع ان تبنى مزارع في المنطقة من المجلد وحتى بحر العرب هذا في الشمال او السلع عبر الاستيراد في الجنوب فالزيوت والسكر والذرة متوفرة في السوق العالمي وبأرخص مما هو في الشمال ولكنه الفشل والخيبة في الجانبين من توفير هذا الذي نقوله وهو ليس صعبا ولا مستحيلا ، لماذا يتحفظ السودان على حل المنطقة العازلة؟ اهو الاعتراض على القوات الدويلة فالمنطقة العازلة هذه ستكون شبيهة بالتي بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان ، سلك شائك ممتد من ناحية الجهتين وبين هذين السلكين الممتدين تتحرك دوريات قوات الأممالمتحدة عبر سيارات الجيب ونجحت في تحديد من يتجاوز حدود منطقته وعم السلام ويمكنها بسهولة تحديد المعتدي ، إذن ما هي مخاوف حكومة السودان من هكذا حل أي حل قوات دولية لمنطقة عازلة والتحكيم لنقاط الحدود الخلافية؟ التخوف الأول هو من دور هذه القوات واعتقال من تطلبه لمحكمة الجنايات وهو تخوف وهمي لا أساس له من الصحة إذ أن من يطلَبون يركبون الطائرات ويطيرون فوفق أعالي البحار فان كان العالم همجي إلا هذه الدرجة لكان تم إنزال هذه الطائرات عنوة واعتقال من فيها ولكن ذلك لم يحدث وبالتالي لا مبرر لرفض القوات الدولية بين دولتي الشمال والجنوب فهي ستكون قوات بأسلحة محدودة وخفيفة مع تركيزها على جانب المراقبة من كميرات وخلافه ، التخوف الثاني للحكومة في السودان هو من عدم عدالة التحكيم الدولي في خلاف النقاط الحدودية والحقيقة أن تجربة التحكيم في ابيي كانت مشرفة وعادلة ويمكن للحكومة ان تشرك معها المعارضة في قوى الإجماع الوطني للتوافق على خيار التحكيم وتحمل الجميع للمسؤولية ولتكون قرارات محكمة التحكيم أكثر توازنا وعدالة إذا استشعرت ثقل السودانيين وعلينا القبول بنتائجها فذلك أفضل ألف مرة من الحروب ، بقية القضايا مثل التجارة البينية وسعر النفط للطرفين هي عرض وطلب لا تحتاج الى وساطة أممية، تضييع الوقت بالتفاوض حولها لا طائل من وراءه لأنها مفاوضات عبثية و عدمية في وجود سوء النية المعلوم فعلى كل طرف ان يستورد ما يشاء من نفط وسلع من السوق العالمي وهو ارخص من ما في السودان او جنوب السودان. تبقت قضية الديون ومن يتحملها وهذه أيضا التحكيم الدولي سيبت فيها، إذن ليس لنا غير التحكيم الدولي، التحكيم ثم التحكيم ثم التحكيم والاستعانة ببيوت خبرة أجنبية وبالمستندات والوثائق و بصورة حضارية ننهي هذا الملف ولنرض به أيا كان فذلك أفضل ألف مرة من الحروب العبثية.