مصطفى كرار [email protected] دعوني اقتبس هذا العنوان من الرواية ذائعة الصيت للكاتب الجنوب إفريقي (آلان باتون 1948) والتي صور فيها الواقع الاجتماعي المرير الذي تعيشه جنوب إفريقيا في ذلك الوقت لنقيس عليه حالاً اشد مرارة تعيشه بلادنا اليوم فبعد ستة وخمسون عاماً من الاستغلال دخلت البلاد اليوم نفقاً شديد الظلام أصبحت فيه مهددة في وجودها ككيان اعتباري وجسدٍ جغرافي تسللت الروح من أطرافة , وقلب عليل تقاوم نبضاته الموت تحت تأثير المسكنات , ورأسه مطلوب للعدالة . هكذا دخل رجل إفريقيا الذي كان يصفونه بالمريض قرفة الإنعاش في حالة تردي مستمر تزداد سوءا مع كل إطلالة شمس حتى سماء الخرطوم باتت شاحبة كئيبة جاهمه مكفهرة ترسل شمسها أشعة هجير حارقة تحول الارض إلى مرجل يغلي وكأنها على موعد مع كل ما سلف والحال هو بالطبع اشد سوءاً في بقية ربوع البلاد , فانعكست كل تلك المأساة على حياة الشعب الذين تسلل إليهم الحزن من شبابيك باتت مشرعة على الحروب والموت والقهر والجوع والمرض والتشريد وأبوب موصدة على آمالهم فازدادت الفجوة مابين واقع الحال والمنتظر من مستقبل قريب . وهو الذي يفسر كل هذا الصمت الرهيب الذي نعيشه بينما الملاين بل عشرات الملاين يهتفون في شوارع المدن العربية "الشعب يريد إسقاط النظام" وحالهم أفضل عشرات المرات من حالنا والسبب هو أن الامل لدى تلك الشعوب مازال كبيراً لاستشراف مستقبل افضل بينما تضائل أو تلاشى الامل لدينا فالبلاد تعرضت إلى ضربات قاسية وخسائر جسيمة بات من المستحيل تعويضها , فاثر الناس الخروج منها بأجسادهم تاركين خلفهم كل ذلك الركام من المساوئ يقبع فوقه رماة سوء أوردو الشعب مورد الردى على ظمأ (إذا كان الغراب دليل قوم لا وصل الغراب ولا هم وصلوا) ومازالوا يتوغلون بهم في التيه والظلام في حالة من التخبط الاعمى والعنجهية والمكابرة التي يحسدهم عليها "الجعفري" مندوب نظام الأسد في الأممالمتحدة , فعندما تستمع لهذا الرجل تدرك بان قادة هذا النظام لم يشذوا عن أشباههم إنما يادون دوراً طبيعياً في ظل هذا التشابه بين الشخصيات فالدكتاتورية هي نظام حكم وسلوك لا يختلف باختلاف الأشخاص والأمكنة أو حتى الأزمان منذ فرعون ونيرون إلى القذافي والى آخر بقاياهم في هذا العصر الكريه . لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن صدور الرجال تضيق إلا إن هذه البلاد ضاقت بأهلها وضاقت صدور رجالها ونسائها وأطفالها وحتى الانطاف في ارحامها . مصطفى كرار [email protected]