[email protected] في المقدمة احيى نضال الشباب السوداني الذين حاصروا امن النظام حارة حارة وزنقه زنقة في كل مدن السودان، في جمعتى (لحس الكوع – و شذاذ الأفاق)، واحيي جسارة مواطني ام درمان الذين خرجوا شيبا وشبابا من اجل الحرية والكرامة وحقوق الإنسان . ولأن شباب الأنصار هم من تقدم صفوف الشباب في هذه المرحله العصيبه وجعلوا من مسجدهم في ودنوباوي منطلقا لها، فإنني اري ان هذا الموقف يفرض علي كل صاحب رأى ان يرفض الإرهاب الذي يمارسه النظام ضد المفكريين والمثقفيين ، ومثال لذلك فتوى التكفيريين او ما يسمي ( بهيئة علماء المسلمين) التي كفرت المفكر الإسلامي الإمام الصادق المهدي، بعد ان مهدت الحكومة لذلك بحملة صحفية قادها بعض كتاب المؤتمر الوطني، ويؤكد ذلك سكوتها برغم خطورة الفتوى ، ويجب ان تنبه الحكومة لضرورة اصدار قرار رئاسي يلغي هذه الفتوى ويطالب علمائها بسحبها والإعتذار وذلك اتقاءً للفتنة، وسأعقب في هذا المقال علي احد كتاب المؤتمر الوطني الذي تناول الدعوة المهديه من منظور المؤتمر الوطني. وانطلاقا من الوعي بالعلاقة الجدلية بين الماضي والحاضر لا بد من اعادة اكتشاف تراث المهدية الفكري ودراسته بإنفتاح وسعة افق، ونحن نبحث عن المدخل الأمثل لحل المشكل السوداني و الذي نخشي ان يفتك بالوطن وبوحدته والذي هو في تجلياته المختلفه ثقافي هذا ما نبتغيه من دراسة تراثنا الفكري المهدوي ونحن في رحلة البحث عن مخرج ، وهذا ما كنت ارمي اليه من البحث الذي نشرته في الصحف عن (جدلية العلاقة بين الموضوعية والذاتية في الكتابة عن الثورة المهدية) واشرت لذلك في تعقيبي علي الأخ الفاتح الأمين، لكن اصرار (الفاتح) علي الإنكفاء والتمسك بالأحكام التبسيطية المخله عن المهدية واعادة انتاج اسئلة الخديوي في القرن التاسع عشر (هل هو مهدي منتظر ولا مش منتظر) والأكتفاء بأحكام ونجت باشا ونعوم شقير وعلماء الخديوى التي كفرت المهدي ، ومغالطات اثارث جدلاً بيزنطياً فأستلزمت منا توضيحاً لأن في الأمور الحساسة مثل الفتنة والوحدة الوطنية يصبح شر الحلول هو الموقف السالب، حيث ان عدم تبيان الحقائق يتيح المجال للفتانين لملء الفراغ بأكاذيبهم. اذ لا يمكن لأي كاتب عادي وطبيعي أن يتخيل ما يختزنه محاوره في الطرف الآخر من طاقة الحقد الدفين أو من حدود التهاوي والهبوط من هاوية إلى درك، وإذا كان في هذا الحديث من القسوة والألم ما يستدعي الحزن فإن فيه ما يسلي ويبعث عن الضحك خاصة إذا أدركنا دافع الكاتب (الآخر) وحبه للعبث أو الكتابة من أجل الكتابة على طريقة الفن للفن ... مقال الأستاذ الفاتح الأمين في صحيفة الخرطوم ( مناهضو تيارات الصحوة والتنوير لن يكتب لهم النصر في بلادنا ) حفل بالدراما وافتعل معركة وهمية هائلة حول المهدي المنتظر وحول الطائفية وحول (الأسياد) السود وحول (الهجرة) وحول (سفر السيد محمد عثمان بالطائرة) في مقابل (هجرة) أئمة الأنصار للحبشة . معركة جهز لها الفاتح كتب دكتور عثمان سيد أحمد إسماعيل (وزير تربية نميري) وأستحضر فقه الدكتور حسن الترابي واستعاد (أيام) شريعة النميري وحزم كل أدوات المبارزة لخوض أم المعارك بينما يفوت عليه أن أدواته ومعاركه مجرد أوهام يتوهمها وحتى كتبه ونصوصه بعض اقتباساتها يتعلق بأمانة النقل وأمانة الرد لأنها طفحت بالمراوغة في الحجة ، فمثلا شريعة نميري كأداة من أدوات الفاتح للمبارزة (الفكرية) لم ترد قط في مقالي وهي نفسها (شريعة) قتل بها النميري محمود محمد طه وفهمت أن الفاتح (يعارض) هذا القتل أو الاغتيال وهي شريعة حاول بها الترابي والنميري محاكمة القوميين العرب وكادت تقتل كل من خالفها ، وهي شريعة أعفت شقيق الدكتور عمر محمد الطيب ولكنها قطعت أيادي الجنوبيين وسجنت أبناء الغرب في أستاد المريخ في عام المجاعة حيث مات بعضهم عطشا في حملات الكشة أو عام الرمادة بل ورغم حقائق الواقع التي كشفت حول حملة(الإنقاذ) وحملات الأنفال على الجنوب والجنوبيين ، لا يزال الفاتح يرى في الإنقاذ أنها (نزلت الإسلام) ونازلت الجنوبيين وقدمت الشهداء، ولا يزال يدافع عن الإنقاذ نسخة 1990م والتي يستحي كثير من الإسلاميين، حتي غازي عتباني، ان يدافع عنها، ولكن طائر التمساح يفعل!!! .. والسؤال أليس من العبث إزهاق الأرواح ثم منح من نقتلهم ويقتلونا حق الانفصال، إذن لماذا القتال؟ ولماذا الشهداء؟ لا أعلم إن كان الفاتح قد سأل نفس السؤال أو استعاد البيان الأول للإنقاذ حين قالت أنها جاءت لمنع اتفاق سلام رأته معيبا هل من عيوبه أنه لم يكن فيه تقرير مصير أو نظام كونفدرالي أو أبيي أو جنوب كردفان أو جنوب النيل الأزرق أو تسليم السودان أو قتل الشماليين والجنوبين مجانا! الصديق الفاتح كعادته يقفز على حقائق الواقع وبحكم الاحتراف يشعل معاركه الوهمية ويمسرحها ويحاول إخراجها بوضع لمسات الإثارة عليها ليتوهم الانتصار. ولم أكن أرى فيما كتب ما يستحق حتى التعليق بالذات ما يتصل بدرك التهكم من الأسياد(السود) هنا لا المبرر ولا الدافع يستحقان التناول ، كما أن صناعة التوهم تبقى بضاعة مزجاة يحسنها من يريد التنفيس عن نفسه بالنجوى وتخيل أدوار دونكويشتيه يمنح المرء فيها نفسه أدوارا بطولية ورجولية مع اعتقاد بالتفكير السديد والإيمان الصحيح، ولنضرب صفحا عن الدراما الرخيصة حول المهدي المنتظر والإشادة بما تبرأ منه الشيخ الترابي نفسه وليسمح لي الكاتب الفاتح أن أتوقف عند بعض ما توهم أنه(فكر)يصمد أمام شمس الحقيقة، أولا: تمتاز علاقة الفاتح بالواقع بمفارقة والتباس شديدين يجعلانه يناقض أقواله وهذه الجزئية أجد تفسير لها عند علماء النفس فهم يقولون من يفشل في معاركه مع المثقفين نهارا جهارا يستبطن الانتصار الوهمي على المهدي(المنتظر) ليلا باعتبار أن الاستقواء على المعارضة أو على الأموات اسهل وأقصى أذى هو ان يلحق بالكاتب شوية كتابة وردود من أمثالي ، وحتى هذه الردود تفيد الكاتب(تسويقيا) وتنفعه عند من لم يستطع الانتصار عليهم نهارا ولسان حاله يقول لهم (ها أنذا أرد لكم على حزب الأمة وأشتم ائمة الأنصار) ، ونحن في أيام إجازة يا فاتح وجهاز العاملين في الخارج ولا ريب (جهاز) مخيف أقلها ليس حيطة معارضة قصيرة ليس لها من أدوات الأذى إلا الكتابة. لكن مشكلة انتصاره على المهدي الإمام أو على حزب الأمه القومي و (الأسياد) السود، لا يحس به من تخيله مهزوماً مثلما لا يحس حزب الأمة بضربات الفاتح لأنها تسديد طائش!! ، والنتيجة أن الأستاذ الفاتح يتوهم أنه خاض معركة وانتصر فيها وأخرج الناس من الملة وأفتى ببطلان اعتقادهم ونحن قلنا له أن التحدى أمام ضمائرنا أن نرفع من صوتنا أمام نظام متهم دولياً (بالعنصرية) تجاه شعب دار فور والنوبة والفونج ، وقلنا له بالأدلة أن الإمام المهدي حقق أهدافه وملأ أرض السودان عدلا وأحيا (الكتاب والسنة) المقبورين حتى استقاما وقد أكد قولنا هذا بما أورده من اقتباسه من دكتور عثمان والبروفسور يوسف فضل الذي يقول(أن حاصل دعوة الإمام المهدي ترجح أنه وإن لم يقابل الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلا أنه بسعة علمه وعمق دراسته للقرآن الكريم والسنة الشريفة وقوة عارضته في الاستنباط يصل إلى نهج يماثل نهج الشيخ محمد عبد الوهاب) ، ثم يأتي الفاتح ويقول أن النهاية والبداية قالت كذا ويجزم بأن الإمام المهدي ليس هو المقصود ، طيب يا أخي أنا أقول بغير ما تقول ولنعذر بعضنا دون تكفير أو إخراج من الملة لأن الغيب لا يعلمه إلا الله وقد شبه مفكر عالم الغيب ببحر لجي وعالم الشهادة بجزر صغيرة طافحة فما تراه يا فاتح تراه أيضا البهائم ، هناك ما وراء ، هناك ميتافيزيكس . ولقد أوردت لك أن صاحب الدعوة نفسه قال إن دعوته وظيفيه ومع ذلك لا أنت تريدها وظيفية ولا أنت تريدها (مهدية) في حين أنت لست مطالبا بالإيمان بصاحبها أو بها فماذا تريد إذن؟ هل تريد ان تزج بالأنصار في معركة مع التكفيريين ؟ هذا ما يدعونا لإحالة الوضع كله لإبن منظور ففي وضع السودان المأساوي وفي ظل الحروب والجوع والأذى ألا نملك من هموم وأولويات غير التهجم على المهدي الإمام وتاريخه وعلى هجرة الإئمة من بعده حتى لو حاكوا فيها سيد البرية حين خرج وصاحبه وليس معهما إلا الله (وإذ هما في الغار يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) ابن منظور يرى أن افتراس الشخصي للهموم العامة يوحي بعمى بصر وبصيرة وهذا يدفع بنا للحماقة والحماقة كما قال الأقدمون أعيت المداوي وابن منظور يعرف الحماقة بقلة العقل التي استعصت على الطب وأعيت الأطباء . الهجرة سنة مؤكدة ولا أعرف هجرة بالطائرة وإذا كنت تتحدث عن السيد محمد عثمان الميرغني وتريد ان تغمز من قناة انه خرج بجواز سفر دبلوماسي او بالطائرة فهذا ليس عيباً ، ثم ان الناس يا اخي قد تجد العذر للسياسي الذي يضطر للتلاؤم مع الظروف لرفع الضرر الذي قد يصيبه هو وقيادات حزبه حسب اجتهاده ، فما يعرفه تلاميذ الإبتدائي أن المحتل لمكة أيام الهجرة كان عم النبي ولكن الرسول هاجر ، فما بال ائمة الأنصار و من كان يحتل السودان في مايو كان ماركسيا يحتفل بميلاد ستالين أو متطرفا يقتل على الهوية ويسجن الناس في (بيوت الأشباح). ولقد كانت الهجرة إلى الحبشة أو أي أرض غيرها سنة مؤكدة ولا تزال سنن الهجرة واجبة حين يسيطر على البلدان حكام ظلمة أو أي سلطان (زمني)جائر، ولا أعلم إن كان النظام الذي عمل الفاتح في صحافته أو الشموليه الحالية عادلان حتى بمقاييسه؟ مثلما لا يعلم المرء إن كان بعضنا أحيانا يعكس روحا علمانية ويقرأ الإسلام ويفهمه برؤية غربية من خلال التجربة التاريخية لأوربا ثم يمكن أن يفتي في عقائد الناس اللهم إلا إن كانت الفتوى استبيحت كما فتوى الشيخ الأزهري الذي أفتي بحل قضية الخلوة (بإرضاع الدكتور من زميلته الدكتورة الجامعية) لتصبح أمه من الرضاعة!! وهاك يا فاتح من فتوى. ثانيا: لم يقل الفاتح ولو كلمة واحدة في موضوع التدخل الدولي في دار فور حيث بطلت المزايدة في هذه الجزئية ووافقت الإنقاذ مكرهة وانتهى أمر القوات الدولية إلى موافقة الإنقاذ على دخول عشرين ألف جندي أجنبي سمها أفريقية أو من جماعة بان الكوري الجنوبي، لقد اسقط في يد المزايدين وطنيا، ومع ذلك فالدلالة قائمة والقفاز ملقى، ولقد قلت أن موضوع التدخل الدولي في دار فور يخضع لبعض رؤى عنصرية وفرز عرقي، فبعضنا لا يريد سودان فيه دار فور وأضيف أن هناك صحف ورموز إنقاذية من الذين حاربوا الجنوبيين وذبحوا (التور الأبيض يوم الإنفصال الأسود)، هؤلاء الشذاذ لا يزالون يجاهرون بعنصريتهم البغيضة ويريدون السودان بمقاييس تقطعه على أساس عرقي وجهوي ، هذا هو الهم وهذا ما يستحق النظر، وليس المعارك الوهمية، فهذه لا تخدم إلا أجندة ضيقة، كما أن الدسائس والتآمر لا تخدمان أحدا ولا تنصراننا على واقع، فالانتصار يأتي عبر (الموضوعية) وعبر (الصدق) وعبر العمل في وضح النهار مع كشف الأهداف، فالاختلاف في الرأي هو ضرورة حياتية تعلمها شباب الأنصار في مدرسة الصحوة وفي حلقات حزب الأمة العشرية ، لأن التفكير السديد والرأي السليم في دلالاتهما الواسعة تعنيان الإيمان بالتعدد وقبول الآخر ، ويتقدم تفكيرنا كلما اختلفنا عليه ومن أجله ويموت إذا كففنا عن إثارة الأسئلة في ضوء القمر وضوء الشمس. دعنا من احقاد كتاب المؤتمر الوطني، وتكفينا اعترافات الفاتح، وهي النقطة اليتيمة التي اتفق معه فيها، والتي تمثلت في إشاراته لانتشار المهدية كحركة مد إسلامي سني توحيدي عالمي مما جسدته كتابات البروفسور يوسف فضل والعروة الوثقى، غير أنه وهو يحاول الوصول إلى هذه الإشارة قطع رحلته التي حفلت بافتراءات ومغالطات ومزالق فكرية وقفزات بهلوانية، ولم يشأ أن يجعلنا نستمر في الاتفاق معه فشرع يناقض نفسه باستدلال مبتسر حول الأنساب وحول ذرية الرسول، بينما المهدية نفسها ، كما أوردت في مقال سابق، وكما أكدت عمليا بأنها ليست مع الأنساب (من أبطأ به عمله لم يسعفه نسبه) ، وإلا فمن هو الشيخ السوداني الذي خلف (أول من صدقه وصاحبه)؟ سم واحد يا (فاتح) بينما الذي يجمع بين الإمام وخليفته عبد الله بن السيد محمد التعايشي هو الإخاء في الله إن المهدية حركة فكرية متفردة نسخت القعود، والغت الانشطار الثقافي، وجددت عرى الإيمان والاجتهاد، وحررت السودان، وحاربت القبلية المتمثلة في عزة الغير على الغير، وساوت بين الناس وأعادت للغبش كرامتهم وعزتهم وكانت ذات صيت وأقدام راسخة في الدين وفي الوطنية ولقد أبدعت المهدية تصميما جديدا للذات السودانية استبانت معه لأول مرة معالم الهوية السودانية على غير مثال، فهي إذن بهذا لا تساوى بالشعوذة والدجل والاستلاب الثقافي، كما لا تقارن بمن نسخ حرية السودانيين ومن سامهم العذاب وبمن نزعهم من هدأة بيوتهم إلى بيوت الأشباح مثلما لا تساوى بحلف أكلة الدنيا باسم الدين. ولقد غابت تلك المعاني للأسف عن ذهن الصحفي الفاتح محمد الأمين حين حاول تأليف مسرحية توهم فيها الانتصار على الأنصارية وعلى المهدية وهي لم تكن طرفا فيها بل أعان معتقديها ابن منظور وبعض مأثور العرب على فهمهما ولابد أن العبد لله لهم من الشاكرين. واخيرا سبحان الذي علم ادم الأسماء كلها لينطق بها وعلم الفاتح السكوت وقت الكلام والكلام وقت السكوت.. ويا ويل من بالت عليه الثعالب!