شهب ونيازك: خرج ولم يعد كمال كرار خرج العيد من جمهورية السودان الشمالي الفقيرة ولم يعد حتي الآن ، المرجو ممن يعثر عليه أن يبلغ أقرب مركز شرطة . ولكن أي شرطة في زمن الشرطة الموحدة ، الشرطة الشعبية أم شرطة الجمارك أم الدفاع المدني أم الحياة البرية أم الشرطة الأمنية ؟! خرج العيد والغالبية العظمي من السكان لم تستطع توفير علبة كعك وحلاوة ، بينما كانت صواني الكعك والبسكويت العادي والبتي فور تملأ البيوت قبل انقلاب 1989 . وخرج العيد من بلادنا عندما أصبح سعر الشبط التايواني 75 جنيها فقط لا غير ومعناها 75 ألف جنيه قديم بينما كانت أغلي جزمة من باتا تعادل أربعة جنيه وتسعة وتسعين قرشاً . واختفي العيد من الخارطة السودانية عندما صارت الأجور ( ملاليم ) لا تكفي حلة الملاح ناهيك عن شراء ملابس جديدة للعيال أو توب معتبر للأم والزوجة . لم ير الغلابة العيد بسبب ضيق ذات اليد وشظف العيش فاكتفوا بالتواصل الأسري وربما تناولوا بعض أكواب الشاي وليس العصير لأن كيلو السكر وصل إلي 6 جنيه . أما السدنة والتنابلة فقد اشتروا الكعك والخبائز بالدولار من محلات خمسة نجوم ، أضف لذلك الماكنتوش وأنواع العصائر المستوردة الفاخرة ، وهبروا قبل ذلك إلي معارض الأثاث حيث الستائر الأوربية وأطقم الجلوس الأجنبية والمفارش والطنافس ( علي وزن الخنافس ) ، ودفعوا ما دفعوا من شوية المال العام الذي نهبوه في غفلة المراجع العام . يحسب السدنة ومعهم صندوق النقد الدولي دخل الفرد عن طريق قسمة الناتج المحلي الإجمالي علي عدد السكان ، فلو كان هذا الناتج مثلاً 150 مليار جنيه قسموه علي 32 مليون هم عدد سكان السودان بعد الإنفصال وقالوا إن دخل الفرد يساوي 4688 جنيهاً ما يعادل 1562 دولاراً ( بحسب سعر الدولار في الموازنة المضروبة والبالغ 3 جنيه لكل دولار ) . ثم يتبجحون في وسائل الإعلام عن التطور الاقتصادي المذهل الذي عم القري والحضر بسبب نمو الناتج المحلي الذي فاق النمو الاقتصادي لأي دولة أخري . ولكنهم لا يقولون لنا كم من الناس يحصل علي القدر الأكبر من الفوائض الاقتصادية ، بينما تترك الأغلبية لبرنامج اقتصادي سوداني بحت اسمو ( قدر ظروفك ) . وقدر ظروفك هذا يعني ( مس كول ) لحمة أو ربع كباية شاي أو بصلة تنقسم علي حلتين أو رطل لبن يتوزع علي بيتين وهلم جرا . وتقول نشرة الفقدان في آخرها من يعثر عليه ( أي العيد ) له جائزة قيمة ، يرونه بعيداً ونراه قريبا وكل عام وأنتم بخير الميدان