نصف الكوب أيمن الصادق [email protected] قلاديمه ... المنطقه والانسان . كثيرآ ما تأخذنا الاحداث المتلاحقه ( والنبض المتسارع ) عن الاهتمام والحديث في جوانب مهمه من حياتنا ، عن الانسان السوداني الطيب ، الذي ينتهج الحق والعدل وأمر المعروف ، رجال كان الواحد فيهم أُمة رحلوا عن الفانيه ويذكرهم الناس بالخير ويعددون صفاتهم بحُسن الخلق ، ويشهدون لهم بطيب المعشر ورحابة الصدر والحكمة ، وسيرتهم تُحكي في المدن والبلدان . سأذهب بك عزيزي القارئ لولاية سنار ، - ريفي السوكي وبالتحديد منطقة ( قلاديمه )-لأحدثك عن أحد أعيان سنار ، ورمز من رموز الاداره الأهليه ، طيب السيره والسريره العمده الشيخ الحاج ▴ عثمان قلاديمه علي ▴1915- 1998 ، فمنتصف اغسطس من العام 1998 كان رحيله - أسكنه فسيح جناته - وهذه السطور في الذكري السنويه الرابعة عشر لوفاته ( وان تأخرت ) . قلاديمه ( المنطقه ) في كلمات بسيطه هي قريه مساحتها حوالي 3 كيلو متر مربع ترقد علي الضفه الشرقيه للنيل الأزرق تتبع إداريآ لمحلية ريفي السوكي ( وقديمآ مجلس ريفي شمال الفونج ) ... وارتبط تسجيلها كقريه في سجلات الأراضي بحادثه شهيره وهي ... ان والد الحاج عثمان قلاديمه وزوجاته الاربعه كانوا يقيمون بمنطقة علي مقربة من قلاديمه (حاليآ ) علي ضفة النيل الأزرق وجاءهم فيضان العام 1925 – وهو فيضان شهير نتج عن قيام خزان سنار - فأضطر سكان المنطقه الي النزوح بعيدآ عن الفيضان ، فنزح الشيخ قلاديمه لغابة وبني وسطها مقرآ لزوجاته ... فقام بعض الوشاة بتحريض المفتش الانجليزي ، وقََدِم المفتش للمنطقه راكبآ خيله ، وامر مرافقيه بحرق منازل الشيخ قلاديمه وتم تنفيذ رغبة المفتش حالآ .. وتعامل الشيخ مع هذا الموقف تعامل الحليم الصبور ... ولاحظ المفتش في عيون الوشاة شماته وحقد كبيرين ، فإستدعي الشيخ قلاديمه وأمر فورآ بتسجيل المنطقة باسمه في السجلات ... وصارت منطقة قلاديمه وامتدت وتوسعت مع مرور الزمن لتكون سودنآ مصغرآ ، وبلدآ حنون ومرتع صبا للكثيرين هم اليوم في اقاليم السودان المختلفه ، ومنهم من أخذته الهجره ، لكنهم ما زالوا مرتبطين بها ، ويحتفظون بأراضيهم وجروفهم ، فالغالبيه العظمي لسكان المنطقه يحترفون الزراعه وبقي الحاج قلاديمه (سيد الاسم ) شيخآ علي المنطقة الي ان توفي ، فخلفه ابنه عثمان – الذي نحن بصدد ذكري وفاته - وهو ابنه الاوسط ، وكان اختياره من قَبل أهل المنطقه لاتصافه بالحلم والحكمة منذ صغره ، وظل طوال حياته رجلآ شهمآ ، كريمآ ، مبادر لفعل الخيرات وسعي وساهم مع اهل منطقته في بناء مدارس الاساس والثانوي فيما بعد ، وكان وقته ليس ملكه بل للمنطقه واهلها ، وعمل مع كثيرين في مجلس ريفي السوكي وشمال الفونج وكان عضوآ فيها ، و منهم السر عوض يوسف نائب الدائرة في عهد نميري ، وعمر قدس ، والعمده عدلان في مجلس ريفي السوكي والكثيرين لا يتسع المكان لذكرهم ، لتوفير الخدمات الضروريه لمواطني المنطقه وما حولها كقري الكرمته والبساطه ... وكان خير من يُحدّث – عبر أفعاله- عن الاداره الاهليه ، وإصلاح ذات البين بين الفرقاء ، ويشهد له في هذا كل أهل الاقليم ، وكل من عاصر زمان المديريات والاداره الأهليه ، وفي عهده لم يعرف الناس طريق الذهاب المحاكم ، وكذلك لم يتعود سكان المنطقه علي أفراد الشرطه وتكاد تنعدم الخصومه بين أفراد مجتمعه ، ولم تكن هنالك مشكله إٍستعصت علي الحل ومن جلسة واحده فقط ، مهما عظمت او تشابكت ، ولا تسأل عن عفة اليد واللسان ، والعمل بإخلاص ولوجهه تعالي دون مَنٍ أو أذي ، ورد المظالم والوقوف مع الحق ... وترك بصمات خالده يفخر بها أبناءه وأحفاده ، وظل أهل المنطقة وما حولها يذكرونه بالخير كغيره من رجال كثيرون عرفوا الحق وعملوا به وكانوا خيرآ لأهلهم والوطن ، ليسوا بغاليين علي ربهم ، هم السابقون ونحن اللاحقون .. رحم الله الحاج عثمان قلاديمه وسلامٌ لروحه الطاهره ، وبارك الله في خلفه وأبناءه واهل منطقته عموم ، وكل صليح في مجتمعه . الجريده